عرّاب الدراما العربية: ازاي أضاف حاتم علي للدراما روح وحياة

«إن فاجعة الفقد أوسع من العبارة، وأبلغ ما ينعى به مبدع كبير مثل حاتم علي هو استدعاء آثاره الباقية، وهي على كل حال حاضرة حية مذكورة بلا تذكرة»

بالكلمات دي، نعى دكتور وليد سيف صديقه وشريكه حاتم علي، بعد ما توفي بنوبة قلبية في مصر في 29 ديسمبر 2020، قبل ما يُنقل جثمانه لدمشق علشان يدفن هناك.

حاتم علي مخرج سوري، بدأ حياته الفنية بالكتابة القصصية والمسرحية والتمثيل، ده غير إنه أنتج عدة أعمال، لكن إيه اللي خلى آلاف الناس يخرجوا في جنازته، والملايين ينعوه، ومحمود عباس، الرئيس الفلسطيني، منح عائلته وسام الفنون والثقافة والعلوم من درجة النجمة الكبرى تقديرًا لجهوده، وإلى الآن ناس كتير مهتمة تحيي ذكراه وتنشر أعماله.

المميز في أعمال المخرج السوري الراحل، إنها من قلب الحدث، فحاتم علي من أبناء الجولان المحتل، هُجر هو وأسرته منها وهو في سن 5 سنين، بعد ما شُيدت على أنقاضها مستوطنة “أفيك” الصهيونية، علشان يسكن أطراف مخيم اليرموك في سوريا.

المعاناة اللي عاشها حاتم علي خلته يهرب من الحياة القاسية للقراءة، وللتلفزيون اللي شافه بالصدفة عند حد من جيرانه، وبعدها اضطر أبوه لبيع نصف البيت تقريبًا علشان يشتريله تلفزيون في البيت.

درس بعدها الفلسفة، ثم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وبعد سنين خبرة كتير، قدر يمتعنا بأفضل مسلسلات تاريخية عرفتها الدراما العربية.

أهم أعماله

زي مبدعين كتير، خرج حاتم علي من ضيق تجاربه القاسية في الحياة، وصنع لنفسه عالم واسع من الإبداع والفن.

“إن سر إنقاذ عدد من الدراما التاريخية التي تتحدث عن قضايا كبيرة يكمن في إكسابها روحا وحياة.”

حاتم علي

أخرج 25 عمل تلفزيوني، منهم التغريبة الفلسطينية، أهم عمل درامي بيحكي عن تاريخ فلسطين -من وجهة نظري- وهو أول مسلسل أشوفه لحاتم علي وعرفته من خلاله، وبيحكي حاتم عن المسلسل وازاي حياته كانت بتتقاطع في تفاصيل كتير منها مع تجربة شخصيات المسلسل، بيقول: “بشكل أو بآخر استطعت أن أستحضر الكثير من هذه التفاصيل الواضحة أحيانًا والمشوشة في أحيان كثيرة والملتبسة في بعض الأحيان وأوظفها وأعيد تركيبها مستكشفًا إياها في أحيان كثيرة من خلال العمل نفسه، وكثيرًا ما سُئلت كيف يمكن لمخرج غير فلسطيني أن يقدم عملًا عن هذه القضية، وأنا شخصيًا كنت أقول إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعًا كعرب”.

فاز حاتم علي بجوائز كتير طول مسيرته الفنية، عن أعماله التلفزيونية اللي أخرجها؛ منها مسلسل عمر، وصلاح الدين الأيوبي، وصقر قريش، وربيع قرطبة، والزير سالم، واللي مثل في كتير منهم.

كان بيبدأ حاتم علي كل حلقة في مسلسلاته بمشاهد واقعية، بنشوف فيها الحياة من غير تزيين، بالحلو والوحش، المشاهد دي مؤخرًا بقت ملجأ ناس كتير اتشردوا وهجروا من بلادهم، علشان يسترجعوا ذكرياتهم هناك ويفتكروا الشوارع والبيوت والمحلات، شكل البياعين في الشارع، شكل الناس وهما نازلين الصبح لمدارسهم وأشغالهم، يعني المسلسلات دي لناس كتير دلوقتي كل اللي باقيلهم من حياتهم القديمة.

مسلسلات حاتم علي مختلفة، مش بس عيشنا في تفاصيل القصص اللي قدمها بطريقة غير مألوفة، هو كمان خرج الدراما العربية من كونها فن مقتبس عن الدراما الغربية، لفن عربي خالص.

فبنشجعكم في ذكرى وفاته تتفرجوا على أعمال المخرج حاتم علي، لإنها تستحق، و”لإنه نحنا بالعادة ما بنتذكر مبدعينا إلا بعد ما بيموتوا” زي ما قال حاتم علي قبل وفاته في أحد اللقاءات.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: من ثقوب في الثوب الأسود للطنطورية: 7 روايات عربية تستحق تتعمل أفلام

تعليقات
Loading...