مسيرة تستحق الذكر: فنانون استخدموا الفن كأداة للتعبير عنهم وعن مجتمعاتهم

“تخيل مجتمعًا دون فن، فكرة قاتمة ولكن يجب أن نأمل في تجنبها، الفن لديه القدرة على توحيدنا وربطنا، لتذكيرنا بإنسانيتنا المشتركة”.

مقولة آمنت بها اليونيسكو لتخلق من 15 أبريل يومًا عالميًا للفن، كاحتفال دولي من أجل تعزيز الوعي بالنشاط الإبداعي في جميع أنحاء العالم.. وفي مصر هناك مجموعة من الفنانين الذين استخدموا الفن كأداة للتعبير عنهم وعن مجتمعاتهم، وكانوا أصحاب مسيرة تستحق الذكر.

كليا بدارو

من الفنانات المجهولات والمعلومات المتوفرة عنها قليلة جدًا، برغم من إسهاماتها في المجال الفني خاصة في مجال التصوير الزيتي، فهي فنانة سكندرية من مواليد الزمالك 1913 لأب مصرى وأم يونانية، عاشت فترة من صباها مع جدتها فى سويسرا، ودرست الفن في أكاديمية الفنون الجميلة بلوزان، حصل ملصق لها بعنوان “مصر” على جائزة كبرى في عام تخرجها، وبعد ذلك عادت لتعيش في الإسكندرية.

توهجت موهبتها خلال الحرب العالمية فأثناء عملها في المستشفيات لمعالجة الجرحى، رسمت مناظر البحارة والجنود في المطاعم والملاهى في سنوات الحرب داخل مرسمها بأتيليه الإسكندرية، وعن طريق الصدفة وكونها كانت سكندرية إلى النخاع أصبحت شخصية رئيسية ومصدر إلهام “رباعية الإسكندرية” لمؤلفها لورانس دوريل، أحيانًا كانت تحب بدارو الخروج من اتجاهاتها في الرسم وتبدع في خلق صور للعديد من النساء البدويات والفلاحات المصريات.

بعض من أعمالها كانت ضمن مقتنيات بعض متاحف الفن الحديث المصرية، وشاركت في العديد من المعارض الوطنية والدولية، بما في ذلك بينالي البندقية، وبينالي الإسكندرية، ومعارض في ساو باولو، وموسكو، ولينينغراد، ومدريد، وبرشلونة، ونالت إشادات من جرائد عالمية وأطلقت على لوحاتها لقب “الأيقونات”.

حسن الشرق

حسن الشرق ابن قرية زاوية سلطان بمحافظة المنيا، قصور الثقافة في بلدته كانت لها دورًا في صقل ثقافته منذ صغره، فهو فنان فطري بدأ الرسم على ورق اللحمة، في سن الثالثة عشر إذ كان والده جزارًا، ومشواره الفني الاحترافي جاء صدفة، عندما زارت محافظة المنيا المستشرقة الألمانية أورزولا شيورنج، وشاهدت أعماله، فانبهرت بها ونظمت له معرضًا في القاهرة.

ومن هنا بدأت رحلته إلى العالمية، رحلة امتدت لأكثر من أربعين عامًا، تمكن خلالها من احتلال مكانة بأعماله الفنية حتى اقتنى متحف اللوفر بفرنسا عددًا منهم، وفي ألمانيا بمدينة شتوتجارت ثم في ميونيخ، وفي قصر برج برنبخ الشهير بألمانيا وبعدها منح مفتاح مدينة نيولابك الألمانية عن مجموعة أعماله الفنية.

حسن الشرق استوحى من حكايات (ألف ليلة وليلة) و(السيرة الهلالية) الكثير من أعماله، وكان مغرمًا بالحياة اليومية للقرية المصرية بكل تفاصيلها من فلاحين وأفراح وليالي الحنة، ومن القرية التي بدأ فيها شغفه “زاوية سلطان”أقام متحفًا لأعماله.

عفت ناجي

كبرت على حب الفنون، فشقيقها هو الفنان الكبير محمد ناجي، عندما أدركوا موهبتها، أحضروا لها أدوات الرسم للتعبير عن نفسها، وكان يصطحبها أخوها الفنان محمد ناجي في رحلات إلى صعيد مصر حيث ترقد كنوز الفراعنة، عاشت عفت مع أخيها محمد ناجي في روما لفترة قصيرة حيث درست الفريسكو والجداريات وبدأت حياتها كرسامة هناك، لتعرض بعد ذلك أعمالها الفنية في الإسكندرية.

في مكتبها العديد من الجوائز الدولية منها جائزة بينالى فينيسيا، كما اقتنت الملكة فريدة لوحتين من أول معرض خاص لها بالإسكندرية في ١٩٤٨، والأميرة طوسون اقتنت لوحتين أيضًا.

رسمت عفت الحياة اليومية للفلاحين، وعملهم في الحقول وأعيادهم واحتفالاتهم، حتى أوائل الستينات ومن بعدها غيرت أسلوبها الفني تمامًا، ولذلك بعد أن مضت الكثير من الوقت في استكشاف كتب التراث القديمة في مكتبة القاهرة الكبرى، وأكثر ما لفت انتباهها هو مجموعة كتب لطبيب فرنسي في الإسكندرية عن الطقوس السحرية، بالإضافة إلى الرسوم الفلكية، وكتب عن والملابس القديمة، وآثار الحرب والأشكال الطينية من العصر اليوناني الروماني.

آدم حِنين

بدأ حكايته من خلال رحلة مدرسية إلى المتحف المصري، لم يكن قد تجاوز الثامنة وقتها، وقف طويًلا أمام التماثيل الفرعونية تحديدًا تمثال “أخناتون”، وبقطعة صلصال منحها له مدرس الرسم صنع منها صورة مصغرة للتمثال الذي شاهده.

كانت البداية مجرد لعب أطفال، لكن ظلت التجربة كامنة في وعيه، ووالده الذي كان يعمل صائغًا للحلي في أسيوط فرح بتمثاله لدرجة أنه وضعه بفاترينة في واجهة المحل، ومع نضجه بدأت الأسئلة تنضج معه ويفكر كيف سيضيف للفن المصري بأفعاله، وبالفعل أضاف ليصبح من أبرز النحاتين في العالم العربي في القرن العشرين، وأنجز خلال مسيرته الفنية العديد من القطع باستخدام مواد متنوعة مثل الجرانيت والبرونز والجص والحجر الجيري والفخار حيث اتسمت بالأشكال المجردة وديناميكية الحركة.

محمد موسى ناجي

رسام وعازف على آلة الكمان والعود، ولد في الاسكندرية في 1888 وتعلم الرسم بمرسم الفنان الإيطالي بياتولي، ثم سافر إلى فرنسا ليدرس القانون، ليجمع ما بين شتان وبعد حصوله على الليسانس سافر إلي فلورنسا والتحق بأكادمية الفنون، ثم عاد إلى مصر بعدها وقام بتأسيس مرسم في الأقصر.

خلال رحلاته التقى بفنانين ساعدوه كثيرًا على الابداع حيث التقى بالفنان كلود مونيه، وأصبح مقربًا من فان جوخ وجوجان في أعماله، من أشهر اللوحات التي رسمها: “المزمار، الريف المصري، الصيادين”، وفى أعماله كان دائمًا يميل إلى ربط ماضي مصر الفني القديم بحاضرها، مع شغف بالطبيعة والارتباط بها.. واستمر شغفه حتى لحظاته الأخيرة ليوفي بمرسمه بين أحضان لوحاته..

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: بالسلب والإيجاب: مسلسلات رمضانية كانت عكس توقعاتنا

تعليقات
Loading...