الستر والصحة: الخيط الرفيع بين الطموح وعدم الرضا في مجتمعنا المصري

في قاعدة غير مكتوبة عند البشر إن لازم يكون عند أي شخص عدد معين من الردود جاهز يقولهم في أي موقف. في مواقف ومناسبات أكيد الحيلة دي تنفع فيهم، فرح أو عزا أو عيد. لكن، أوقات في ردود أو مقولات معينة في مواقف معينة بتخلينا نحس إنه “هو فتح بقه واتكلم ليه كان فضل ساكت أحسن”. واحنا عارفين قد إيه كتيرة وجريئة الردود دي في بلدنا، وواحد من الردود دي هي “أهم حاجة الستر والصحة”. بس إيه معنى الكلام ده؟ وليه الرد ده بالذات ممكن يكون له أثر سلبي على اللي اتوجه له سواء نفسياً أو شخصياً؟

تعالوا نشوف… 

الستر

كلمة ممكن معناها يختلف من سياق للتاني، حسب مين قالها، ومين سمعها وفي أي موقف اتقالت. لكن، في السياق ده، معناها يحتمل عدة معاني.

في القاموس الشعبي، الستر هو القليل من كل شيء والكثير من الروح. 

وفي موقف على لسان الدكتور مصطفى محمود بيذكر فيه حوار مع بياع جرايد حكيم جدًا، فهم منه إن الستر يشمل كل مناحي الحياة مادياً ومعنوياً. من أول الهدوم اللي لو حتى كان في ناس بيعتبروها رفاهية من رفاهيات الحياة ولكنها بتحمي الواحد من مذلة البرد. لحد الضحكة وقت الحزن الي بتحميك من مذلة الكسرة! 

وختم بياع الجرايد البليغ جداً كلامه بإن “الستر يا ابنى مش ستر فلوس، الستر ستر نفوس”.

الكلام ده في ظاهره جميل ومريح، إذا كنت سلبي ومش عايز تحل أي مشاكل بتواجهها.

الصبر على المشكلة والرضا بالقضاء والقدر مطلوب لكن له حد. لما الشخص يفضل يرضى بكل مشكلة أو عقبة في حياته بيتحول لإنسان بدون رد فعل غير قادر على حل مشاكله وبيسيب نفسه غرقان فيها! 

الصحة

الكلمة دي واضحة وصريحة لكن في مصر بس. لإن الصحة الجسدية هنا هي المقصودة. تقريبًا لإن مفهوم الصحة النفسية والعقلية مش موجود في مجتمعنا. ولو موجود دلوقتي فهو مستحدث وغربي جدًا وقدامه طريق طويل لحد ما يتأصل في مجتمعنا المصري.

من الآخر كده، مش كل صحيح مبسوط ومش كل عليل زعلان. 

حتى في “حوار” د. مصطفى مع بياع الجرايد الفصيح جداً قال على لسانه “لما تكون مريض بس قادر تمشي علي رجلك ده ستر من مذلة المرض”.

لو فكرنا للحظة في الجملة دي، هل فعلًا دي أهم حاجة. إن الواحد يبقى جسديًا سليم. يعني الواحد لو كان زعلان أو حزين أو مهموم. هيفتكر إن صحته كويسة، فخلاص كل مشاكله واحتياجاته في الدنيا اتحلت؟ 

أهم حاجة 

الخلاصة هنا مش التقليل من فكرة إن أهم حاجة الستر والصحة. بالعكس الفكرة مهمة جدًا كأساس نبني عليه حياتنا ونلاقي توازن بين اللي عايزين نحققه في الدنيا وما بين اللي الدنيا بتقدمه لينا. بس طبعًا ولإننا بشر وكل ابن آدم خطاء، المفهوم بتاع الستر والصحة أخد منحى مختلف في مجتمعنا المصري وبقى مشوه تمامًا. لدرجة بقينا بنحكم على أي شكل من أشكال الطموح أو تغيير الواقع والرغبة بالأفضل، على إنه عدم رضا من الشخص.

الطموح في حد ذاته بقى أشبه بالعيبة في أوساطنا ودوايرنا الصغيرة. كام مرة صرحت بهدفك أو اللي أنت عايزه من الدنيا ولقيت الرد التلقائي “عيش عيشة أهلك” أو “أهم حاجة الستر والصحة”. المقولة اتحولت من تذكير يساعد الشخص على الصبر في وقت الشدة لمسكن يخلي الشخص مغيب ومش بيغير أي حاجة في حياته.

أهم حاجة الستر والصحة، بس مش كفاية لوحدهم.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: حصاد المرأة المصرية في 2021 مع 10 قوانين أنصفت النساء

تعليقات
Loading...