الحيادية في الإعلام: بين الأكذوبة والضمير المهني

لأي درجة يقدر الإعلامي يعبر عن رأيه؟ سؤال بدأ يراودنا بعد ما شوفنا نماذج من المذيعين والإعلاميين على الساحة في الفترة الأخيرة، وكانت آراؤهم أو اتجاهاتهم وميولهم ظاهرة خلال لقاءاتهم بشكل واضح جدًا، ومش بس بيعبروا عنها، دول كمان بدؤوا يقنعوا المتلقي إن ده هو “المفروض” أو “الصح” وآراءهم ومن بعدهم الطوفان.

فبدأنا نسأل، هل متاح للإعلامي إنه يعبر عن رأيه ولا لأ؟ ولو مش متاح، إيه الواجبات المطالب بها الإعلامي تجاه جمهوره اللي وثق فيه وتابعه؟

الحيادية في الإعلام

وفقًا للمختصين في الإعلام، الحيادية هي “أن يتجرد الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية من أي موقف حيال نقل المعلومات أو الأحداث أو الزوايا التي يعالج من خلالها الأخبار، والالتزام التام بالدقة المتناهية في ذلك دون بتر أو اجتزاء أو زيادة أو ميل نحو رأي بعينه”.

والحيادية واحدة من المبادئ الأخلاقية اللي بتحكم سلوك الصحفيين والإعلاميين، اللي من أهمها:

  •  الدقة في نقل المعلومة في الخبر والرأي والصورة، واللغة المباشرة والواضحة.
  •  المصداقية في الالتزام بكل المبادئ المهنية والدقة والموضوعية وعرض الوقائع زي ما هي.
  • التوازن في تقديم وعرض المحتوى، وتوضيح الرأي والرأي المخالف.

رأي الإعلاميين في مبدأ الحيادية

عن: media ethics

“على الإعلامي أن يكون صاحب موقف ورأي واضح بعيد عن الحيادية، ومن يجب أن يكون حياديًا في تعامله مع الخبر هو مقدم الأخبار فقط، فالإعلامي ضمير المجتمع، وتبنيه لوجهة نظره الخاصة تثري أي حوار، والجدل والاختلاف في الرأي ضروريان، لأنهما يصنعان إعلامًا حقيقيًا، وأنا واضح في برامجي كوضوحي في مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقفي وآرائي معروفة وصريحة” ده اللي قاله المذيع جمال مطر في حواره مع البيان.

وبيقول المذيع عبد الله إسماعيل: “الحيادية مجرد شعارات، والحيادية المطلقة لا وجود لها، فلكل مؤسسة إعلامية توجه ومصلحة معينة، وحيادية الإعلام لا تعني أن يلغي الإعلامي نفسه، بل هي ألا يلغي الرأي الآخر، وحين يتعلق الموضوع بالثوابت والقيم، فمن المفروض أن نتخلى تلقائيًا عن حياديتنا”.

وعلى عكس وجهات النظر اللي بتعتقد إن الحيادية مجرد أكذوبة وشبه مستحيلة، في آراء تانية بتعتبرها واجب وطني وضمير مهني، فبتقول المذيعة نيكول تنوري: “واجب الإعلامي أن يطرح الفكر غير الموجود في الحوار، وألا يتبنى وجهة نظر خاصة، فهو ليس صانع قرار، فالحيادية أمر حساس تواجهه المؤسسات الإعلامية، ودائما ما يتكلم البعض عن الحيادية والديمقراطية والحقيقة، إلا أن المشكلة تكمن في أنه ليس هناك حقيقة في المطلق، فكل شخص يراها عبر منظوره الخاص، وأنا أسعى دائمًا إلى ما هو أقرب للحقيقة، وعلى المذيع أن يكون حياديًا 100%، وحتى إن لم يكن مقتنعًا ببعض وجهات النظر أو الآراء، فواجبه أن يعرضها جميعها على المشاهد”.

وشدد عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، دكتور خالد الخاجة، على أهمية الحياد الإعلامي، وقال إن لازم الإعلامي يلتزم به بغض النظر عن المؤسسة اللي بيمثلها، لإنه يعتبر شاهد وقاضي، وشايف إن لو المؤسسة لها اتجاهات معينة فعليه إنه يبعد عنها، وإن توجهات المؤسسات الإعلامية والحكومات هي اللي بتمنع الحيادية.

المختصر المفيد

الحيادية تطبيقها صعب بس مش مستحيل، لإنه بيتوقف على عوامل كتير، منها الأجندات والمصالح والتوجهات والأحداث الخاصة بالأمن القومي، حتى لو حاول الإعلامي إنه يلتزم الحيادية مش هيوصل لنسبة 100%، وهيروح البيت يكتب على صفحته الشخصية كل خواطره بأريحية.

بس لو اتوفرت العوامل كلها، ممكن بالدراسة العلمية والتدريب وفهم طبيعة العمل، ومع وجود ضمير إعلامي واحترام لعقل المتلقي، يتحقق الحياد.

لكن خلينا فاكرين إن الحياد المطلق مالوش وجود على أرض الواقع، لإن المعالجات الإعلامية بتختلف، فالحياد الإعلامي هيبقى مهم في عرض الحقيقة والمعلومات الكاملة، أما برامج التوك شوك أو الرأي فبتعرض وجهات نظر أصحابها، والمتلقي بيبقى عارف ده، وهنا ييجي دور مفهوم مهني تاني، وهو التوازن في عرض كل وجهات النظر بفرص متساوية، وده وفقًا للي قاله د. محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: النسوية وابتذال السيرك الإعلامي: بين ياسمين عز ورضوى الشربيني وأخريات

تعليقات
Loading...