النسوية وابتذال السيرك الإعلامي: بين ياسمين عز ورضوى الشربيني وأخريات

قدم المجلس القومي للمرأة من خلال رئاسته وجميع عضواته وأعضائه، ولجانه الدائمة وأمانته العامة وفروعه بالمحافظات، شكوى للمجلس الأعلى للإعلام، وضح فيها رفضه واستياءه من المحتوى المسيء اللي بيتقدم من خلال برنامج (كلام الناس) اللي بيتذاع على قناة (MBC مصر) للمذيعة ياسمين عز. وصفت الشكوى برنامج ياسمين بإنه إهانة وتحقير وتقليل من شأن المرأة المصرية، واعتبره محتوى موجه لتغييب الوعي المجتمعي بالإنجازات والمجهودات الموجودة على أرض الواقع لتمكين المرأة المصرية.

ياسمين عز والدور الإعلامي

رسالة إلي إحدى الإعلاميات على إحدى المحطات غير المصرية..
أرجو أن تتذكري أن تاريخك..طبعا إذا كان هيكون عندك تاريخ أصلا…..

Posted by Maya Morsy on Tuesday, January 10, 2023

جت التعليقات على بوست القومي للمرأة اللي اتوجه لـ “إحدى الإعلاميات على إحدى المحطات غير المصرية”، ما بين مؤيدين ومعارضين، وده شيء متوقع بحكم تأثير ياسمين اللي سبب انفصام داخل المجتمع المصري اللي لسه بيتحسس خطواته الأولى في اتجاه النسوية المعاصرة المدعومة بالانتشار الكبير على السوشيال ميديا، واستخدامها كمنصة تعليمية وتوعوية للنساء بحقوقهم وحرياتهم، ومفاهيم متقدمة زيّ الإساءة والتلاعب والعنف المنزلي (Domestic violence).

تعليقات تانية جت بتشير لحقيقة إن الشكوى اتأخرت جدًا، بالذات بعد ما حققت ياسمين عز من خلال برنامجها (كلام الناس) الغرض منه، وهو تحقيق (التريند) أو على حسب قول ياسمين نفسها تحقيق (البراند).

واحد من التعليقات قال متسائًلا: “طيب ورضوى الشربيني وهي بتخرب بيوت ناس كتير، ماحدش جاب سيرتها ليه؟” في إشارة للمذيعة المصرية اللي بتقدم برنامج (هي وبس) على القناة المصرية (سي بي سي سفرة)، واللي زيّ برنامج ياسمين عز بيثير قدر كبير من الجدل بسبب محتواه المتطرف، ولكن في اتجاه مضاد لاتجاه ياسمين، السؤال اللي ممكن يظهر سطحي وذكوري في البداية خلاني سألت نفسي بشكل جاد..

ماذا عن رضوى الشربيني؟

هنا احنا مش في خناقة ما بين النسوية والذكورية، ولكن بنسأل أسئلة مجردة هدفها هو فهم الواقع المصري النهارده، وده خلاني افتكرت مقال للصحفي المصري عبد الله بكر، بعنوان (ياسمين عز ورضوى الشربيني…مواجهة في “سيرك” الإعلام المصري).

من خلال نظرة تحليلية لحضور ياسمين كمذيعة، بيوضح بكر إن الغرض من حضور ياسمين على الساحة هو الفرقعة وتحقيق أكبر قدر من المشاهدات، فمن خلال فريق إعداد ضخم تُخلق شخصية مصممة مسبقًا (براند)، بمكياج وفساتين جريئة ومواضيع محددة الهدف منها هو تزويد النار بالحطب بشكل مستمر، والآلة الإعلامية اللي هدفها الربح البحت، بتستفيد من دخان النار دي في شكل الأرباح.

بيقول بكر عن ياسمين: “هي “البيرسونا” الملائمة لحلبة سيرك، أما المبادئ الإعلامية، وجودة المحتوى ومهنيته، بل حتى نصرة المرأة أو تحقيرها، قضايا النسوية أو معاداتها، ليست أمورًا ذات صلة، فالنتيجة المطلوبة واضحة: المزيد من المشاهدات”.

شاركت كل المنظمات الإعلامية المصرية والعربية في تحقيق غرض برنامج (كلام الناس) من خلال التقاط أقوالها المثيرة للجدل والمستفزة ونشرها وإعادة نشرها، والكل مستفيد من الفوضى الإعلامية اللي بتحقق كل المؤسسات اللي بتشارك في خلقها قدر كبير المشاهدات على القنوات المختلفة، والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي أرباح.

وفي مقارنة تدينا في البداية انطباع الاستغراب، بيساوي بكر بين ياسمين ونهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي للمرأة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في كون الاتنين بيستغلوا الآلة الإعلامية في خلق جدليات تحقق الشهرة والمنصب والأرباح المادية والمعنوية.

بيقول بكر: “لا قضايا إذن، سواء تلك التي وضعت ياسمين عز في الواجهة وجعلتها وجبة يومية في المواقع الصحفية ومنصات التواصل الاجتماعي، أو تلك التي وضعت نهاد أبو القمصان في مناصب مهمة للدفاع عن المرأة وحقوق الإنسان”.

أما بالنسبة لرضوى الشربيني بيؤكد بكر إن ماحدش لاحظها في بداية ظهورها الإعلامي، لحد ما قررت الآلة الإعلامية خلق بيرسونا (النسوية عدوة الرجل)، من خلال خطاب سطحي وكلام عاطفي عن مناصرة المرأة. بيقول بكر إن رضوى قدرت تحقق الجدل المطلوب من خلال التطرف في اتجاه مضاد لياسمين، وبالتالي مشاهدات كتير وتفاعل أكبر، وقدرت كمان تفرع المحتوى النسوي من قيمته من خلال دورها اللي بيخدم خطاب ذكوري رجعي.

بيختتم بكر مقاله: “إذن، دور ياسمين الحالي يتمثل بامرأة تناصر الرجل من خلال فريق إعداد، وتغيير كامل في هيئتها، عبر ملابس جريئة ونصائح عجيبة.. نقيضها، يتمثل برضوى الشربيني، ذات المكياج الذي يعكس دور الواثقة والمعتزة بنفسها بما يناسب دورها في المسرحية، والصراع/ التريند الآن، هو رضوى بمواجهة ياسمين، وبينهما تضيع المرأة وحقوقها والكلام الجاد بشأنها”.

الآلة الإعلامية في مواجهة النسوية

النسوية اللي مش بتلعب دور “عدو الرجل اللدود”، هي حركة قديمة جدًا في مصر قادتها نساء قويات، وكاتبات وصحفيات ومشتغلات في الشأن السياسي، منهم راوية صادق، والجميلة عنايات الزيات، اللي تقدر تقرأ عنها وعن أعمالها الأدبية والصحفية في المجال النسوي في كتاب إيمان مرسال “في أثر عنايات الزيات“، وكمان درية شفيق، واحدة من رواد حركة تحرير المرأة في مصر في النصف الأول من القرن العشرين، واللي بفضلها حصلت المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح في دستور مصر سنة 1956.

وأروى صالح، اللي في الشأن السياسي المصري منذ السبعينيات، وناقشت قضايا الحركة الطلابية في كتابها المبتسرون، وناقشت الوضع السياسي والاجتماعي للمرأة المصرية، ونوال السعداوي، اللي حاربت طوال حياتها العنف الطبي الممارس ضد النساء، ونقدت الذكورية الاجتماعية المتغلغلة في المجتمع المصري.

أنتجت مصر، ولسه هتنتج نسويات ونسويين حقيقين، قادرين على تثبيت أقدامهم على الأرض، والنقاش والجدال في الشأن النسوي من خلال سياقات معتدلة، والسعي لإثبات روايات جديدة في التكوين الاجتماعي للمرأة والرجل داخل المجتمع المصري، وبالتالي لما نتكلم عن النسوية، لازم نرجع للنسويات والنسويين دول، اللي حملوا القضية على أكتافهم لأعمار كاملة، وضحوا في سبيلها بكل شيء.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: عن كيفن هارت والأفروسينتريزم: متلازمة حضارة مصر المختطفة

تعليقات
Loading...