مين اللي أفسد الذوق العام؟ فيروز كراوية بتجاوب في كتاب “كل ده كان ليه”

في ست فصول في كتاب (كل ده كان ليه) بتتناول الباحثة والمطربة المصرية فيروز كراوية، تاريخ الأغنية المصرية وتحولاتها من نهايات القرن الـ 19 ولحد دلوقتي.

بيبدأ الكتاب مع انتشار الطقطوقة الغنائية وبتستمر فصوله عن ظهور المسرح الغنائي والمونولوج، وبعدها صعود أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب في بدايات القرن العشرين، وبنوصل لموجة الأغنية الجديدة بعد ثورة 1952، وبداية الفترة الناصرية اللي صعدت فيها الأغنية الشعبية.

بعدها بيدخل الكتاب عصر الكاسيت، اللي ناقشه باستفاضة، وقدر الدحيح في حلقة أحمد عدوية، يناقش نفس الأفكار بشكل جميل، من خلال شرح بداية عصر عدوية في الأغنية المصرية، ومحاولات المنع اللي فشلت بالكامل، ونجاح عدوية من خلال انتشار الكاسيت وتقديم موسيقى تناسب الذوق الشعبي وقتها، في اكتساح سوق الأغنية المصرية.

بعد كده، بيدخل الكتاب عصر موجات البوب العربي وعصر منصات البث الرقمي على الإنترنت وصعود شكل جديد من الموسيقى العربية، هو الراب والمهرجانات.

بيتناول الكتاب على مدار فصوله الستة تحليل السياقات السياسية والاجتماعية اللي أحاطت بصناعة الموسيقى خلال التغيرات دي، واللي ساهمت بشكل مباشر في تكوين الذوق ونوع الأغنية الجماهيرية المتصدرة والمنتشرة.

ولما بيتكلم الكتاب عن “الذوق العام” بيناقش قضية جدلية عايشينها دلوقتي بقوة، هي “إفساد الذوق العام“. واللي بتظهر لنا كل يوم تقريبًا من خلال قرارات نقابة الموسيقيين اللي بتمنع مطربين معينين من الغناء، أو الهجوم المستمر على فئات معينة من الموسيقيين واتهامهم بإفساد الأغنية المصرية.

في نوفمبر 2021، أثناء تحضيرها للكتاب، ظهرت كراوية في برنامج حديث القاهرة مع الإعلامي المصري خيري رمضان، وفي الحلقة أكد الشاعر والكاتب المصري شعبان يوسف، إن “فكرة المنع والمصادرة للمهرجانات عبثية”.

وفي مداخلة عبر الإنترنت قالت فيروز، إن من خلال دراستها لأرشيف الصحافة المصرية وتأريخ الأغنية، في سياق تحضير كتابها (كل ده كان ليه)، إنها مش مؤمنة بمفهوم “الذوق العام” اللي ممكن يتم إفساده.

فيروز اللي اتولدت سنة 1980، وعاصرت تلات أجيال من الأغنية العربية، وكلها حسب تعبيرها اتعرضت لمحاولات المنع والتضييق على إبداعها الغنائي، أكدت إن كل خمس سنين، بداية من أقدم حاجة وصلت لنا من الصحافة المصرية، بتتكرر جدلية المنع لحماية الذوق العام، وبيتكرر التحذير من نهاية الأغنية المصرية.

بتقول فيروز إن في 1930، ظهر ناقد فني بيحذر من انحدار الأغنية واقتراب نهايتها بسبب دخول فنانين أميين وجهلة، وبتقول إن ده كان في عصر القصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب.

وده اللي بنشوفه في كتباها، من خلال مقارنة ممكن تبان غريبة بين عبد الوهاب وويجز، اللي بيتشاركوا توجيه نفس التهمة لهم -وإن كان الفارق الزمني بينهم بعيد جدًا- وهي “إفساد الذوق العام”.

بيحاول الكتاب يجاوب على سؤال: كل ده كان ليه؟ ليه التهمة دي تتوجه لاتنين من الفنانين مختلفين تمامًا في أسلوبهم، ويفصل ما بينهم عقود طويلة، وإن كان واحد منهم، عبد الوهاب، يعتبر دلوقتي رمز من رموز الأغنية المصرية.

غلاف كتاب (كل ده كان ليه)

في محاولة الكاتبة الإجابة عن السؤال ده، بتقول إن في قطاعات كبيرة في أي مجتمع بتواجه أي تغير في الموجات الفنية بالرفض، وبتقاوم تغيير اللي اتعودت عليه، وده بيحصل في كل عصر.

ومن خلال تتبع رحلة الأغنية المصرية على طول العصور المختلفة اللي ناقشها الكتاب، ومحاولات المنع والتضييق المستمرة، بنلاحظ في الكتاب إن المحاولات دي زي ما قال الكاتب والشاعر شبعان يوسف مع خيري رمضان، “عبثية”.

لإن ببساطة المحاولات دي عمرها ما تقدر تسيطر على اتجاه الجمهور واختياراته الموسيقية، ومع مرور الزمن بتصبح المحاولات دي أكثر عبثية بسبب الطبيعة التكنولوجية اللي بتدي الموسيقى حرية انتشار أكبر، بعيدًا عن سيطرة السلطات وتوجيه فئات معينة للإنتاج الفني.

اتغيرت النهارده منصات العرض، واتحول سوق الموسيقى لمنصات البث الرقمي على الإنترنت، واللى بتوفر تنوع كبير للمستمع واختيارات كتير جدًا طول الوقت.

كمان بقى الإنتاج الموسيقى أرخص بسبب برامج الإنتاج الموسيقي على الكمبيوتر الشخصي، ومع كل التغيرات دي بقى من الصعب فرض فنان واحد أو مجموعة فنانين ذوق واحد على الجماهير.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: أزمات نقابة الموسيقيين مع مطربين المهرجانات والرابرز: مشاكل شخصية ولا خلاف على الذوق العام؟

تعليقات
Loading...