قالوا في الأمثال: ما قيل عن البرد على لسان أجدادنا

حكمة وتجربة شعبية، تتناقلها الأجيال بشكل تلقائي، موجز قصير يختصر لك متع وتجارب وحكم الحياة، انتقلت شفويًا من بيت لبيت ومن قعدة صفا لقعدة صفاء قبل أن يظهر التدوين، خلطها بين الفصحى والعامية تجعلك تغوص فيها وتدخل القلوب مباشرة ، لإنها من وإلى الناس، ورغم قلة استخدامها في الوقت الحالي لكن هناك جيل من الجدات والمعمريين ما زالوا يستخدمون الأمثال، فوقعها كان له نكهته الخاصة.

ولإنها كانت تلخص مراحل طويلة من مراحل الحياة، فلابد أن يكون لفصل الشتاء حظ وجانب، فماذا عن الأمثال التي تخبرنا عنه؟

على رأي المثل: أمثال اشتكت من البرد وغدره

هناك أمثال شتوية من الشام وفلسطين ومصر، أمثال نابعة من شهور فصل الشتاء، معظمها تشكي منه على عكس إننا كنا نعتقد إنها ستتغزل فيه، فنجد مثل “الشتا ضيف ولو كان فرج” يعطى الطمأنينة من موسم الشتاء القصير التي يأتي مفعم بالبرد القارس في بعض الأماكن وقد يكون قاسي على بعض الأشخاص و”الدفا عفا والبرد لحاس القفا”.

أو مثل “البرد بيقص (يقطع) المسمار”، في الدلالة على شدة البرد، ولتأكيدًا على أن البرد يسبب بعض الأمراض واستمرارًا للشكوة منه كونوا بعض الأمثلة “البرد سبب كل علة” “الدفا (الدفء) عفا (عافية) ولو بعز الصيف” في إشارة إلى أنفي الدفء صحة.

أما عبارة “النار فاكهة الشتاء” نفدت بها الشتاء قليلًا من الاتهامات الموجهة لها، فالمثل دلالة على مواقد الحطب القديمة التي كانت موجودة في غرف المعيشة التي كانت تتجمع حولها الأسرة في لحظات دفء وسكينة، الميزة الأكبر في الشتاء.

شهور البرد منبع الأمثال

أما عن أمثال كتبت خصيصًا لشهور البرد ففي بلاد الشام تتساقط بعض الأمطار في شهر سبتمبر، لذا فالمثل الذي يردده أهالي مناطق بلاد الشام “أيلول طرفه بالشتي (بالمطر) مبلول”.

وعندما تبدأ الأجواء في السقيع في شهر تشرين الأول “أكتوبر” وتشرين الثاني “نوفمبر” يقال “برد تشارين (أي شهري تشرين) أحدّ من ضرب السكاكين”، وذلك في المناطق الداخلية والجبلية، وعن الدفء الذي يأتي فجأة فيهما يستحضر الناس مثل “بين تشرين وتشرين صيف تاني (ثان)”.

وفي فلسطين أيضَا شهر أكتوبر ونوفمبر ” تشرين الأول والثاني” لهم زهوتهم وتوصف أجوائهم من خلال الأمثلة، فيقولوا: “تشرين برده ببكِي المصارين”، ويقصد به الأمعاء، ولاشتداده لأيام طويلة طوال النهار والليل في كانون الأول والثاني، “ديسمبر ويناير” حيث يأتي الثلج يقولوا: “إن استرق غيمها أثلجت” و “إن أثلجت أفرجت”.

أما عن شهر فبراير والمعروف لديهم بشهر “شباط”، فيقال: “شباط ما عليه رباط” – وهو مَثَل شعبي يعكس التقلب المناخي في هذا الشهر، الذي قد يكون غزير الأمطار وباردًا جدًا، وقيل عنه أيضَا : “شباط عدو العجايز” و “شباط حر العنزة بالرباط”

وصولًا لشهر مارس “آذار” بعد تقلبات فبراير، تبدأ فيه “أيام العجائز”، وهي 7 أيام تتميز بشدة بردها وأمطارها الكثيرة، فقيل وكأن شهر شباط “فبراير” هو من يتحدث : “آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني”، وقال: “آذار الهدار فيه الزلازل والأمطار وفيه سبع ثلجات كبار غير الزغار”، و “آذار أوله سقعة وآخره نار”.

إذا تأملت كل مثل منهم ستجده لم يقال عبًُا فكان دلالة على حال أو مرحلة وأجواء تشعر بها حتى وإن لم تعيشها.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: كان ياما كان.. كيف كانت حكايات الجدة الدافئة في ليالي الشتاء الباردة؟

تعليقات
Loading...