شعراء المقاومة الفلسطينية.. تحدوا الحصار بأقلامهم

أنجبت فلسطين الكثير من المبدعين في المجال الأدبي أو الفني، وتحولوا لعظماء من صلب المعاناة، وخلال العقود الماضية سطع نجم العديد من شعراء المقاومة، الذين اتخذوا من الشعر وسيلة للتعبير عن قضيتهم وإيصال صوتهم للعالم أجمع، فتمكنوا من خلال قصائدهم تحدى الحصار وكانوا لسان حال شعبهم والشعوب العربية.

سميح القاسم

“تقدموا تقدموا، كل سماء فوقكم جهنم، وكل أرض تحتكم جهنم، تقدموا يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم، وتسقط الأم على أبنائها القتلى ولا تستسلم، حرامكم محلل حلالكم محرم، تقدموا بشهوة القتل التى تقتلكم”

هكذا اختار أن يناضل، شاعر فلسطيني ارتبط شعره بالمقاومة والقضية الفلسطينية، عاش طفولته في قرية الرامة في 1939.

وكان يعبر في شعره عن كفاح ومعاناة المواطنين الفلسطينيين، له أكثر من 60 كتابًا في مجالات الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، حصل على جوائز عديدة، بما في ذلك جائزة غار الشعر من إسبانيا، جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة الشعر الفلسطينية ووسام القدس الثقافية.

ترجمَ عدد كبير من قصائده لأكثر من 15 لغة بينهم العبرية، سجن القاسم أكثر من مرة، كما وضع رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي وطُرِد من عمله مرات عدة بسبب نشاطه الشعري والسياسي وواجه أكثر من تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه.

عن رفيق دربه محمود درويش في كتاب “رسائل شطري البرتقالة”. وهو كتاب نثري تراسلا فيه الشاعران، ويقول سميح القاسم في أول رسالة له لدرويش:

“هل أذكرك بقصة أخرى من قصص الجوع اللذيذة؟ حسنًا ها أنت ذات مساء تأتي إلى منزلي في شارع يافا، تلوب قليلًا ولا تستقر على مقعد، تمسك كتابًا وتفتح راديو، تغلق النافذة وتفتح الثلاجة ثم تصرخ : ”أريد أن آكل. أنا جائع!” وأهدئ من روعك: ”لا بأس عليك، إنني متضامن معك، ضع جوعك إلى جانب جوعي وسنحظى بوجبة فاخرة”.

فدوى طوقان

شاعرة فلسطينية معروفة من أهم شعراء الأرض المحتلة وأدباؤها في القرن العشرين، ولدت 1917 في نابلس، لم تتمكن من إكمال سوى المرحلة الابتدائية قبل أن تضطر لمغادرة المدرسة؛ ومع ذلك، استمرت في تعليمها بشكل ذاتي بمساعدة شقيقها إبراهيم طوقان، الذي كان شاعرًا أيضًا وأثــر على موهبتها لكتابة الشعر، حيث لم يكن اختيار إبراهيم للقصائد عشوائيًا، بل كان عن قصد واختار لها في البداية قصائد لامرأة ترثي أخاها ليريها كيف كانت نساء العرب تكتب الشعر.

فراحت تضح فرحًا في أحيان وحزنًا في أحيان أخرى، حيث بدأت بإرسال قصائدها إلى المجلات الأدبية في القاهرة وبيروت تحت أسماء مستعارة، ومن أبرز مؤلفاتها: “أخي إبراهيم”، “وحدي مع الأيام”، “وجدتها”.

توفيق زياد

“هنا باقون، كأننا عشرون مستحيل، في اللد، والرملة، والجليل، هنا .. على صدوركم، باقون كالجدار، وفي حلوقكم، كقطعة الزجاج، كالصبار، وفي عيونكم زوبعة من نار”

كان ممن حملوا رسالة إنسانية لها أبعادها الإجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية، فقد والده في عمر مبكر فأضطرت والدته أن تنهض في الصباح الباكر وتعجن الخبز لتصنع منه أرغفة تبيعها في الدكان، وعاش نكبة 1948، وعانى من الأحداث المتصلة بها، وكان عمره آنذاك 19 عام، فظلت مآسيها محفورة في ذاكرته، وأثرت على تكوينه النفسي والفكري والسياسي.

أتقن لغة الخطابة، ومال إلى الموسيقى والرسم، ورافقته عادة القراءة طوال عمره، وكان حلمه أن يصبح طبيبًا ولم يتمكن بسبب الظروف السياسية والاقتصادية، واشتهر بمرافعاته القوية ضد سياسات إسرائيل داخل الكنيست، وأجبر على الخروج من الجلسات مرات عديدة لردوده العنيفة.

تنقل بين مهن متعددة في شبابه، فعمل في البناء والرشق والدهان، وفي التجارة، فكان ينقل البضائع من وإلى بلاد الشام، وذكر غسان كنفاني في دراسة له أن الحكومة الإسرائيلية مارست ضغطًا على شركة أهلية لتطرد زياد من بين موظفيها بسبب شعره ونضاله السياسي.

محمود درويش

“أما أنا، فسأدخل في شجر التوت حيث تحولني دودة القز خيط حرير، فأدخل في إبرة إمرأة من نساء الأساطير، ثم أطير كشال مع الريح”، درويش ابن قرية البروة الفلسطينية، شاعر الجرح الذي بدأ حياته الشعرية في المرحلة الإبتدائية، وبدأ إصدار أعماله الأولى في صحافة الحزب الشيوعي الإسرائيلي.

تأثرت جوانب حياته وشعره بالقضايا السياسية وتجاربه في موسكو، القاهرة، بيروت، تونس وباريس، وأصبح يتطور تدريجيًا حتى أصبح يستخدم دلالات شعرية أكثر، واعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني مرات عديدة بتهمة القيام بنشاط معادي لدولة إسرائيل لآرائه السياسية المعادية.

حصد شعره جوائز عديدة وصنف ضمن أشهر شعراء فلسطين وأحد أدباء المقاومة، تضم قائمة قصائده المشهورة “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” و”في غيابك” و”أنا إلى حبيبي والمطر يغسلني”

عز الدين المناصرة

يعد المناصرة أحد شعراء الثورة الفلسطينية، مفكرًا وناقدًا وأكاديميًا فلسطينيًا، من مواليد بلدة بني نعيم، في الخليل، أطلق عليه برفقة محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد “الأربعة الكبار” في الشعر الفلسطيني.

جده الشيخ عبـد القادر المناصرة كان شاعرًا شعبيًا في العشرينات والثلاثينات، وعمه المشهور بـ”أبو الشايب” كان يغنـي أشـعاره المرتجلة في الأفراح وهو أُمي.

انخرط المناصرة في صفوف الثورة الفلسطينية بعد انتقالها إلى بيروت، حيث تطوع في صفوف المقاومة العسكرية بالتوازي مع عمله في المجال الثقافي الفلسطيني والمقاومة الثقافية كمستقل، وماكان يميزه بالنظر لشعره، إنه كان محتفظًا بمعجمه الشعري الخاص، وجرأته التعبيرية في استخدام المفردات العامية الفلسطينية، وما يمكن أن نسميه “كنعانيته” (أي دعوته إلى وصل الفلسطينيين المعاصرين بجذورهم الكنعانية).. فسكنت فيه فلسطين وأسكنها بيوت شعره ولم يسكنها.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: المزايدة بسبب أحداث غزة.. جدال لا ينتهي على مواقع التواصل الاجتماعي

تعليقات
Loading...