المشربية: جمعت ما بين الجمال والوظيفة على جدارن البيوت القديمة

كنا دومًا نشاهدها في الأفلام القديمة، حيث الحارات والعطفات وبالأخص في أفلام نجيب محفوظ الذي استطاع في أعماله أن يعبر عن الحارة بكل تفاصيلها، ونعم كانت هي جزء أصيل لا يتجزأ من هويتها.. إنها المشربية، واحدة من أشهر وأبرز صور الفن الإسلامي والعمارة المرموقة، تحفة فنية على جدرات البيوت القديمة.

نافذة في الجدار مغطاة بإطار مكون من تراكب مجموعة من القطع الخشبية الصغيرة بشكل أسطواني وعلى شكل سلاسل تفصل بينها مسافات محددة ومنتظمة بشكل هندسي زخرفي دقيق جدًا.

شاع استخدامها في عدد من الدول العربية ولازالت موجودة بروحها وتصميمها وهويتها في مناطق آثرية كالمعز والبصرية في العراق التي تسمى بـ”أم المشربيات” حيث ترجع تسميتها إلى مكان الشرب الذي توضع فيه (القلة).

حوارنا مع المعماري عمرو عصام

تحدثنا مع المعماري عمرو عاصم وسألناه كيف جمعت المشربية كشكل معماري بين الجمال والوظيفة؟ والسؤال الأهم “لماذا لا نمتلك مشربيات في طرازنا المعماري الآن؟”

في البداية يقول المعماري عمرو عاصم بخصوص نشأتها وأين ظهرت ” صعب تحديدها، لإن العمارة بها عملية تراكم، العمارة الإسلامية اقتبست مما قبلها وهكذا، فبالتالي من الممكن أن يكون هناك نماذج مبدأية للمشربية ظهرت لكن المعماري المسلم قدر على تجريدها وتطويرها بشكل معين لتناسب مجتمعه وثقافته وما محتاجه، مثل المأذنة التي ظهرت في الكنيسة قبل المسجد وكذلك كفكرة القبة”.

وأضاف “العمارة العربية مرت بمراحل من التطور، وكل إقليم تطورت فيه الحرف بشكل معين وبالتالي المشربية اختلفت في كل دولة، الفكرة واحدة ولكن الاختلافات موجودة وفقًا للتطور في الصناعات وللمواد الخام في كل دولة”.

وظيفة المشربية

وأما عن وظيفتها قال: “المشربية وقت ظهورها في الوطن العربي تم استحداثها نتيجة ظروف بيئية أساسها المناخ الجاف والحار في الوطن العربي، لها قدرة على تحسين المناخ من خلال فتحاتها وتوزيعها وتقسيمها بشكل يسمح بمرور الهواء ويتحكم في درجة التعرض للشمس”

“آلية البناء نفسها نراها حالياً في بيت السحيمي وبيت الست وسيلة، هو عبارة عن ستارة خشبية كبيرة بها فتحات تهوية كبيرة وصغيرة، من المفروض أن الفتحات الصغيرة تساعد أن الهواء البارد يدخل بشكل كثيف والفتحات الكبيرة تساعد في خروج الهواء الساخن، وحركة الهواء طبيعية نتيجة اختلاف المساحات والنسب، عكس فكرة الزجاج الذي يكتسب حرارة لكن الخشب لا يكتسب حرارة كبيرة، بالإضافة إلى أن الفتحات تعمل على توزيع مناسب للضوء فتستفيد من الضوء بشكل معين”.

ومن ضمن الوظائف والفوائد للمشربية قال ” بجانب الظروف المتعلقة بالبيئة في ظروف اجتماعية منها الخصوصية عند مجتمعتنا وقتها، المجتمع كان محافظ فكان صاحب البيت يقدر يطل على الشارع منها بدون ما المارة تكشفه أو تجرحه”.

عنصر معماري مهم مثل المشربية وكثير من المعماريين صنفوه على أنه أحسن شكل معماري، لماذا لا يعتد به في الأيام الحالية؟ من وجهة نظر عمرو عاصم “كعنصر معماري فهو عنصر مكلف جدًا إذا تم تنفيذه، ويحتاج لصنعة وحرفة غالبًا غير موجودة حاليًا، معظم الحرفيين الموجودين غير متخصصين، بجانب عوامل اقتصادية نتيجة ارتفاع أسعار الأخشاب اللازمة لعمل الأرابيسك، من الممكن عمل مشربيات بشكل أبسط تؤدي نفس الوظيفة ولكنها لن تكون بنفس الشكل الجمالي التقليدي”.

وأضاف على الأسباب أن المجتمع بحاجة أن يدرك ويمتلك قدر من الوعي داخليًا لأهمية العنصر ” الدليل على ذلك تجد بيوت قديمة حاليًا يتم هدمها وأصحاب البيوت يرموا المشربيات للروبابيكيا ويعملوا شبابيك من الألومنيا”.

وسألناه بصفته معماري لماذا لم يتجه المعماريون للشكل أو يتم توظيفه ” هو في النهاية المعماري بيتم توظيفه للعمل على اتجاه محدد وبيمزانية محددة المعماري غير صاحب قرار، ممكن يقترح لو متحيز، في معماريين متحيزين ومعماريين بتتجاهل التراث”.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: لصوص ولكن ظرفاء: جرائم سرقة ونصب تحب أن تقرأها

تعليقات
Loading...