العبودية في موريتانيا.. الدولة تجرمها لكنها لم تستطع القضاء عليها

سيستغرب الكثير منا حينما يعلم أن ممارسة “العبودية” أو استعباد شخص، لا زالت موجودة حتى الآن في بعض الدول، ففي منطقتنا العربية، نجد أن دولة موريتانيا (دولة عربية تقع شمال غرب إفريقيا) لازالت تشهد حالات لممارسة العبودية حتى إن كانت تلك الحالات نادرة بعض الشيء، على الرغم من تجريم الدولة لهذه الممارسة ووضع قوانين لديها عقوبات صارمة لكنها لا تنفذ على ارض الواقع.

قضية شائكة وسط تكتم وتطبيع

تقول السالكة أحميده، ناشطة في المجتمع المدني الموريتاني، إن قضية العبودية في موريتانيا، شائكة جدًا، فالدولة دائمًا تنفي وجود عبودية في البلاد وتقول أن هناك مخلفات لهذه الظاهرة فقط، ولكن من وقت لأخر تظهر حالة من حالات العبودية في أماكن بعيدة جدا من الدولة.

ولفتت أحميدة في حديثها مع “سكوب إمباير”، إلى أن ممارسة العبودية، تقلصت بشكل كبير في موريتانيا، ولم يعد من المسموح المجاهرة بها، لأن هناك قانون يجرمها تمت المصادقة عليه عام 2015، لكن موريتانيا أراضيها شاسعة جدًا وهناك مناطق لا يمكن الوصول إليها بسهولة، وهناك تكتم وتطبيع أيضًا في بعض القرى مع العبودية، فلا يوجد هناك وعي كافي لبعض السكان خاصة فيما يخص تبليغ السلطات المختصة عن ظهور حالات عبودية.

حالات نادرة

وأوضحت أحميدة، أنه يمكن القول أن العبودية مازالت موجودة في موريتانيا حتى لو كانت حالاتها نادرة، لكن وجودها له تداعيات سلبية على الدولة، فالعبودية تعوق التنمية، كما أن مخلفات تلك العبودية شديدة على المجتمع الموريتاني، فلا يوجد جهود كافية لدمج العبيد السابقين في المجتمع، فالدولة معنية بمساعدة العبيد السابقين لكنها للأسف لا تقوم بعمل شامل أو ملحوظ لتخليص بعض الأسر التي عانت لسنوات من العبودية.

وتابعت: أيضًا خلفت العبودية تداعيات نفسية على الأشخاص الذين مورست عليهم العبودية، هؤلاء حتى الآن لازالت نفسياتهم متضررة جدًا من هذا الأمر، فهنا نساء كانوا يتعرضوا للاغتصاب من أسيادهن وهم الآن خارج العبودية لكنهن لم يجدن متابعة نفسية لإعادة إدماجهن في المجتمع.

وأشارت أحميدة إلى أن موريتانيا تعتبر من الدول القلائل التي تشهد حالات عبودية بالمعنى القديم وليس الحديث، الأمر الذي شوه صورة موريتانيا أمام العالم، لأن موضوع العبودية غير مقبول في العديد من الدول، وإن كانت مقبولة سابقًا إلا أنها أصبحت الآن مشينة جدًا.

جهود مكافحة العبودية من قبل الدولة

تقول أحميدة، أنه لا توجد إرادة كافية للقضاء على هذه الممارسة، فالدولة تظهر بأنها مهتمة بالموضوع في بعض الأحيان فقط، وهذا يقوله الكثير من الحقوقيين، فالكثير من ملاك العبيد يتم ضبطهم ويتم أيضًا إخلاء سبيلهم بسهولة، وبذلك يفلتون من العقاب، فحتى الآن لا يوجد مالك عبيد واحد داخل السجن، رغم أنهم ضبطوا وتم نزع العبيد منهم، وهناك قوانين لديها عقوبات صارمة لمن استعبد شخص.

الجهود الدولية

وتابعت: “الجهود الدولية في هذا الصدد جيدة جدًا، واستطاعت أن تجعل صوت الحقوقيون الذين يتناولون قضية العبودية مسموع، فضغط الحقوقيون والضغط الدولي هما السبب الذي جعل الدولة تلتفت لحالات العبودية، وإلا كنا حتى الآن نعيش في العبودية بشكل أوسع، لكن الدولة ليست لها أي إرادة للقضاء نهائيًا على هذه الممارسة. فكل حالات تحرير العبودية في موريتانيا جاءت نتيجة جهود الحقوقيين والضغط الدولي”.

آخر دولة في العالم تلغي العبودية

جدير بالذكر، أنه في عام 1981، أصبحت موريتانيا آخر دولة في العالم تلغي العبودية. ولكن تقريرا لمنظمة العفو الدولية صدر في 2016 أشار إلى أن 43 ألف شخص، أي حوالي واحد في المائة من الشعب الموريتاني، كانوا يرزحون تحت وطأة الممارسات الاستعبادية.

كما أن “مؤشر الرق العالمي”، في أحدث نسخه الصادرة عام 2018، قدر أن هناك 90 ألف شخص يعيشون في “العبودية الحديثة” في موريتانيا، أي 2.4 في المائة من السكان، في حين أن 62 في المئة “معرضون” لهذا النوع من الاستعباد.

أخر كلمة: ماتفوتش قراءة: جولة خليجية للرئيس التركي تشمل قطر والإمارات والسعودية

تعليقات
Loading...