مصممين أزياء نجمات الزمن الجميل.. أبطال خفية وراء فساتين تعلقنا بها

لطالما استمتعت بمشاهدة الأفلام الأبيض والأسود، واستمتعت بمشاهدة نجماتها خصوصًا لأنهن امتلكن ذوقًا فنيًا رفيعًا في خطوط الأزياء والموضة، ذوق يجعل من تصاميمهم شيء باقي يتجدد باستمرار مع تجدد الأزمنة في محاولة جادة لاستنساخ أو تكرار نفس الذوق والروح التي طبعت على قلوبهم قبل أزيائهم.. ولعلك تسائلت في مرة من المرات وأنت تشاهد فيلم خلي بالك من زوزو، ووقعت عيناك على فستان سعاد حسني في الرقصة الشهيرة “بانوا بانوا” أو فيلم عروس النيل، ولبنى عبدالعزيز وفستانها الشهير التي سقطت به في قاع النيل.

ولأن الفضول هو المحرك الأساسي لكل ما هو من الزمن الجميل، قررنا معرفة من كان يقوم بتصاميم الأزياء لنجومنا الكبار، مثل سعاد حسني ولبنى عبد العزيز ورجاء الجداوي وهند رستم وأم كلثوم، بحثنا طويلًا عن وسائل تواصل لأسرتهم حتى يمدونا بالمعلومات، وإليكم ما توصلنا إليه.

هند رستم

من النجوم القلائل الذين سافرت أزياءهم لجولة أوروبية في باريس، توصلنا لبسنت رضا، ابنة الفنانة هند رستم، وعرفتنا على المسؤول عن تصاميم والدتها:

“المصممين في أواخر الخمسينات وبداية الستينات كانوا بيعملوا Haute Couture معظمهم إيطاليين أو يونانين عايشين في مصر، معظم الممثلين الكبار بيتجهوا لهم مع إنهم ماكنوش معروفين أوي، عندك مثلًا واحدة اسمها مدام فيورينا كانت يونانية مسؤولة عن تصاميم مديحة يسري وهند رستم وأحيانًا أم كلثوم، وفي كمان المصممة سافيدس،  بس مدام فيرورينا كانت المسؤولة عن التفصيل لمعظم أدوار الأفلام، في فيلم الراهبة مثلًا كان معظم التاييرات الجاهزة من لبنان والتفصيل من عند فيورينا”  

 أما عن الأفلام التاريخية الإنتاج كان هو المسؤول عن تصميمها مثل فيلم شفيقة القبطية حتى يستطيع بالرجوع لأجواء هذا العصر، وبعيدًا عن الأدوار فكانت تمتلك ماركات معينة مفضلة لها مثل “ديور وفلانتينو” وفي الأغلب كانت تفضل الإيطالية، ومن التفاصيل اللطيفة والنادرة  التي كانت تميز أزياء هند رستم عن غيرها تقول ابنتها “كانت بتعمل حاجة لذيذة أوي زمان، لما كنا بنروح شيكوريل، المكان كان معظمه خواجات فا كان فيه قسم معين للبرانيط، فبتروح بقماش معين تقول “أنا عايزة موديل البورنيطة ده بالقماش ده” علشان تعمله نفس قماس الفستان اللي هتلبسه، زمان في مصر كان كل حاجة متاحة تعمليها، لو عايزة شنطة تفصلها من قماش فستان كان متاح وسهل”

 ولعلك شاهدت فيلم اعترافات زوج والمشهد الشهير عندما زارت فؤاد المهندس في مستشفى الصحة النفسية بالفستان والقبعة والمنديل، هذا هو المشهد الذي نفذت فيه هند رستم تلك التفصيلة المميزة.

رجاء الجداوي

 

بالطبع كان لا بد من معرفة ماوراء أزياء رجاء الجداوي كونها عارضة أزياء قبل أن تكون ونجمة معروفة، وحافظت على أناقتها على مدار مراحل حياتها، فتوصلنا لابنتها أميرة مختار ووضحت لنا” الستينات والسبعينات المصممين اتقسموا بين مصريين وفرنساوين ويونانيين، ولكن ماما لما بدأت تكون عارضة أزياء كان أشهر الناس اللي اتعاملت معاهم، مدام عزيز، وفوزي اندراوس وكان من أكبر المصممين المتخصصين في الجرابيه وده كان نادرًا لما حد مصري يكون متخصص فيه، بيقولوا عليه بالبلدي الجرابيه العادي أو الجرابيه عش الغراب”

بجانب هذا فوزي أندروس كان معروف بتجديد وتطوير بدل الرقص للراقصات وصمم لأشهر الأفلام منهم “بابا عايز كده” و”عصابة حمادة وتوتو” وأضافت أميرة ” لما الزمن اتطور بدأ يظهر مدام ليلى البنان ومدام لي لي دول  سينيهات بتاعت مصر ووصلوا للعالمية من خلال عروضهم اللي بتتعمل برا “

وعن طريقة اختيار التصاميم  صرحت أميرة “زمان كان فيه بروفة ترابيزة كل يوم للتدريب  على الدور ومنها كانت بتكتب ملاحظات عن اللبس، لكن في بداية الألفينات والتسعينات ظهرت مهنة الاستايلسيت  وبقى في شخص مسؤول عن ملابس العمل  ولكن كل ما كان يخص رجاء الجداوي كانوا بييجوا عنده ويبقى “تشاور””

 من المعروف عن رجاء الجداوي إنها لم تعتمد على ملابس الانتاج إلا لو كانت الشخصية معقدة وتاريخية، لكن في العموم الجميع كان يستعين بدولاب رجاء الجداوي، ومن الأشياء المميزة التي روتها لنا ابنتها إنها كانت  عاشقة للجرائد والكلمات المتقاطعة بالتالي القلم والورقة لا يفارقون أيديها، فكانت تتخيل التصميم وترسمه على الورق بخبرتها في الأزياء وتضيف رؤيتها في التعديلات والبروفات ولذلك كانت مختلفة.  

لبنى عبد العزيز

تحدثنا مع الفنانة لبنى عبد العزيز هاميس السينما المصرية وصاحبة أجمل عيون وصرحت لنا “أنا بدور على بيوت الأزياء المميزة وبيكون لي يد في الموضوع مش هما اللي بيتصرفوا، روحت عند  مصمم الأزياء اليوناني بيير كلوفس   عملت عنده معظم الأفلام الأولى قبل ما يسافر، وبعدها اتجهت  لمدام سلفاجو، كنت بختار معاهم الأقمشة وبعمل بروفات لإن وقتها ماكنش فيه ستايلست، كنت بدور على اللبس الملائم للشخصية بناء على السيناريو ومعرفتي للشخصية اذا كانت من بيت متواضع أو بنت ذوات”

مدام  سلفاجو  أو دسينا سلفاجو التي  تركت مصر بعد حرب 1956، وسافرت إلى فرنسا تضع نفس اللافتة التى كانت تضعها على بيت أزيائها في مصر.

وأشارت أيضًا لقيس التونسي وأمال المصري صاحبة بيت أزياء “سابرينا” التى هوت تصميم الأزياء بعد حصولها على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، والتى بدأت في عرض الأزياء عالميًا وبناء على فكرتها كلفها الراحل العزيز يوسف السباعي بتنفيذ فكرها وهى عمل عروض أزياء مأخوذة عن أهم الأزياء المصرية الصميمة “التلى الأسيوطي” وملابس “دمياط”.

 ومن القطع المميزة التي سألنا عن مصممها هي أزياء فيلم عروس النيل والتي صرحت إنها من تصميمات المخرج ومهندس الديكور ومصمم الملابس شادي عبد السلام حيث قام برسم جميع ملابس الشخصيات وتم تنفيذها في إيطاليا.

  من القطع المعتزة بها فستان أبيض شيفون في رسالة من امرأة مجهولة في المشاهد الأخيرة “مشهد مؤثر كنت مركزة عليه علشان كانت البطلة أول مرة تشوف فيه “فريد الأطرش” بعد السنين دي كلها وبتحاول تلفت نظره، كان قطعة مميزة من كريستن ديور” 

ومن المواقف التي لم تنساها” فستان فيلم “آه من حواء” المفروض كان يتقطع، جيت اقطعه معرفتش في الأول، وبعدين فكوه وعملوا بسراجة وكل شوية اقطعه ويسرجهوه تاني، ويعيدوا المشهد علشان يخيطوه”

سعاد حسني

كنا قرأنا عن في أعداد قديمة عن إن سوسن الصاوي ابنة أخت السيندريلا هي اليد الخفية وراء كل فساتينها ولتأكيد المعلومة تواصلنا مع جانجاه حسني وأكدت على المعلومة “سوسن الصاوي بنت أختها الكبيرة خديجة من والدها، فنانة تشكيلية خريجة فنون جميلة، فضلت تفصل لها لأخر فيلم، وكان لازم يروح لها نسخة من السيناريو علشان تدرسه وبناءً عليه بتاخد صورة معينة للشخصية، وتبدأ ترسم الملابس وتختار الألوان حتى تسريحات الشعر لكل شخصية، كل ده كان بيترسم، دي الطريقة اللي كانت بتتشغل بيها سوسن الصاوي”

علاقة صداقة وقرابة جمعت بين سوسن وسعاد، قبل أن تصبح علاقة عمل، وبعدما لاحظت سعاد أن سوسن فنانة بارعة اتخذت وضع التصميمات هواية لها قررت أن تحول السندريلا هذه الهواية إلى احتراف، بسبب ذوقها العام وخيالها القادر على الابتكار ثم درايتها بما يتناسب مع قوام سعاد ولم تصمم إلا لها فقط.

وفي تصريحات جانجاه عن القطع المميزة لسعاد “فيلم المتوحشة كان فيه مشهد بفستان فرح  اتصمم من نوع معين من البلاستيك، وسوسن عملته بطريقة فنية جميلة خد وقت طويل جدًا، وبعدها اتبرعت بيه لذوى الاحتياجات الخاصة، وفستان رقصة “بانو بانو” تحس من الوهلة الاولى إنه فستان خفيف لكنه تقيل جدًا في حين إن سعاد كانت بتتحرك وترقص بخفة ورشاقة”

أزياء مسلسل هو وهي أثارت ضجة وشهرة واسعة، خاصًة وأن العمل عليها استغرق عامًا ونصف، وظل بعد عرض المسلسل في رمضان يتسأل على مصمم الأزياء ومنها كانت شهرة سوسن الصاوي.

أم كلثوم

“فستان ومنديل ناعم مع تسريحة شعر فريدة لا تتغير” لطالما كانت لها استايل خاص مختلف عن كل النجمات، كانت بطلة معظم أزياءها حسب ما أكدته لنا الفنانة لبنى عبد العزيز، وبعض الصحف “مدام فاسو”، أرمينية الأصل ولدت في مصر، تولت مهمة تصميم فساتين أم كلثوم الخاصة بالحفلات والسهرات.

وكشفت في أول حوار لها بعد وفاة أم كلثوم عن كواليس تلك الفساتين” كانت أم كلثوم تختار لون الفستان الذي سترتديه و القماش أيضًا وفقًا لكلمات الأغنية ومضمونها، كما كانت هي التي تختار تصميم الفستان على ذوقها الخاص دون استعانة بأحد، ولم تختار أي فكرة لفستان شاهدته في إحدى المجلات، الدانتيل والجبير والشيفون والقطيفة.. تلك كانت أنواع الأقمشة التي تحبها أم كلثوم وتعتمد عليها في تصميم فساتينها”

ولم تكن مدام فاسو وحدها فقط حيث صرحت مديحة يسري خلال لقاء سابق لها إن لفتت أزياءها أم كلثوم ومع كل مرة ترى فيها كوكب الشرق سمراء النيل بفساتين غير تقليدية ورقيقة تقع في حيرة من كيفية اختيار الأولى لهذه التصميمات بمفردها، إلى أن سألتها في إحدى المرات أثناء جلوسهم سويًا “استغربت أنا بعمل فساتيني فين، فقولت لها فيه خياطة ممتازة في قصر النيل فقررت تروح معايا لها فورًا”.

بعد اصطحاب مديحة لأم كلثوم عند الخياطة اللاتينية بدأ التغير يظهر واضحًا في أزياء الأخيرة خلال تقديمها حفلاتها الغنائية “بقت تطل على الجمهور باللبس اللي فيه ورد والأكمام القصيرة وقالت ليا وقتها فرحانة إني غيرت شوية”

كانت رحلة بحث عن المعلومات وعن أشخاص لهم صلة بنجماتنا، ولكن استمتعت فيها بكل لقاء وخلق عندي دافع جديد لمشاهدة الأفلام مرة أخرى ولكن هذه المرة سأحرص على إعارة اهتمامي للفساتين لا للمشهد بحسب.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: تخيل لو قابلنا نجوم الغناء العربي.. كنا هنسألهم عن إيه؟

تعليقات
Loading...