“استعدي يافرنسا ليوم الحساب”.. لماذا أُعيد المقطع المحذوف لنشيد الجزائر؟

احتلال 130 عام، واستقلال مر عليه 61 عام، هذا هو ملخص العلاقة بين الجزائر وفرنسا، ولكن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي كُتب نشيدها الوطني في السجن، وهو الوحيد الذي يتوعد فرنسا التي احتلت الجزائر من قبل، وجدد الرئيس الجزائري عبدالمجيد بن تبون الوعيد الفرنسي من خلال إعادة بيت شعر محذوف من النشيد الوطني الجزائري.. ماذا حدث وكيف علقت السلطات في البلدين.

قرار جزائري مفاجئ

فوجئ الجميع بمرسوم في الجريدة الرسمية الجزائرية، وقع عليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أواخر مايو 2023، برقم 23-195 يقضي بإعادة عبارة “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب، وطويناه كما يطوى الكتاب، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي، وخذي منا الجواب” إلى النشيد الوطني الجزائري، وتم  إلغاء هذا المقطع من قبل بقرار عام 1986، وحذفه من المقررات الدراسية عام 2007.

غضب فرنسي من إعادة مقطع الوعيد

وأغضب الأمر وزير الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، معلقة أن إعادة هذا المقطع قد تجاوزه الزمن فلماذا تم إعادته، وبعدها خرج الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل شعبي ورسمي يؤكدون أن القرار سيادي ويخص الجزائر ولماذا تتدخل فرنسا في هذا الأمر وسط علاقات جزائرية فرنسية معقدة تلين تارة وتتعقد تارة، وعلق حزب حركة البناء الوطني في بيان قائلًا: “نعرب عن معارضتنا الشديدة لتصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بشأن القرار السيادي الجزائري الذي اتخذه رئيس الجمهورية يضبط بموجبه، وبنص رسمي، ظروف وكيفيات أداء النشيد الوطني بشكل كامل أو مختصر، والتي قالت فيها، خلال ظهورها في مقابلة مع قناة اعلامية فرنسية، بأن مرسوم النشيد الوطني الجزائري يأتي خارج الزمن”.

نشيد مكتوب في سجون الاستعمار الفرنسي

النشيد الوطني الجزائري ألفه الشاعر الجزائري مفدي زكريا، وتم استعماله لأول مرة في عام 1963 بعد استقلال الجزائر عن فرنسا بعد سنوات من الاحتلال مات فيها نحو مليون شخص، لتحمل من حينها الجزائر لقب “بلد المليون شهيد”، وكتب زكريا النشيد في يومين فقط، وطالبت فرنسا بحذف مقطع الوعيد، لكن المجاهدين رفضوا مؤكدين أن الأجيال يجب أن تعرف تاريخ فرنسا الاستعماري في الجزائر، وهو الأمر الذي سيكون نقطة جذب وشد بين فرنسا والجزائر باستمرار من حينها، وكتب زكريا النشيد رغم سجنه في سجن “بربروس” في العاصمة الجزائرية، عام 1955 وتناقل الجميع الأبيات التي ستصبح نشيدًا غير كاملًا في عام 1956 مكتوبا على وزن بحر الرمل.

ملحن مصري يقدم هدية للشعب الجزائري

لحن الفنان الجزائري محمد التوري أول مرة النشيد الوطني الجزائري لكنه لم يكن حماسيًا لذا تم عرضه على الملحن التونسي محمد التريكي ولكن تم رفضه لأنه أعطى لكل مقطع من الخمسة لحن مختلف، مما دفع زكريا للسفر إلى مصر ليبحث عن ملحن ووجد ضالته محمد فوزي الذي كان يدعم الجزائر في حربها ضد فرنسا في خمسينات القرن الماضي عندما كانت فكرة القومية العربية حاضرة بقوة خاصة في مصر أثناء حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ورفض فوزي حينها الحصول على أجر، مؤكدًا أن اللحن هدية للشعب الجزائري وقال فوزي حينها : “لن تقدروا على دفع ثمن تلحيني لنشيد .. ما رأيكم في أن يكون مهر انتسابي لهذه الثورة العظيمة .. لن آخذ شيئًا .. هو هدية لإخواني في الجزائر” وهو الجميل الذي ردته له الجزائر، عندما كرمته سنة 2007، ومنحته وسام الاستحقاق الوطني، وأطلقت اسمه على المعهد الوطني العالي للموسيقى بالجزائر، وحينها وافقت عائلة ملحن النشيد على وضع حقوق لحن النشيد تحت تصرف الدولة الجزائرية بشكل نهائي.

تعليقات
Loading...