قطعة من القمر: جولتنا داخل المتحف الجيولوجي الأول من نوعه في العالم العربي

المتعة مش إنك بس تزور مكان كل الناس بتتكلم عنه، المتعة إنك تلاقي المكان ده أصلًا مستخبي ومش واخد الشهرة الكافية، وقبل ما تروح تزوره تبقى قلقان إنك ماتنبسطش بس تلاقي العكس، تجربتي مع المتحف الجيولوجي كانت كده.

المتحف بيعتبر الأول من نوعه في العالم العربي وفي الشرق الأوسط، وعمره بيعدي الـ 100 سنة، لقيت فيه ثروة جيولوجية مش هنقول من آلاف السنين، لأ دي من ملايين السنين، فيها حفريات ومعادن وصخور وأحجار كريمة ونيازك هترجعك لعصور عمرك ما سمعت عنها متجمعة من كل حتة في العالم.

المكان متقسم لأجزاء وصالات تبع النوع والعصر والعينات المكتشفة، وكل عينة هتلاقي مكتوب عليها بياناتها، أول جزء وقع عيني عليه عينات من عصر الميوسين الأوسط والبليستوسين، وده بيتقال على فترة جيولوجية معينة، ولقيت أصداف وحلزونيات وقبيلة الرخويات بكل أشكالها وأحجامها وقنافد وشعاب مرجانية، بس عيب الجزء ده إن المعلومات المكتوبة عنه مش مترجمة ومعظمها مصطلحات علمية مايفهمهاش غير اللي دارس، هتمشي شوية على نفس الصف هتلاقي قسم مكتشفات من ساحل البحر الأحمر والواحات الداخلة والفيوم في العصر الحديث.

وعلى آخر الصف هتلاقي جزء فيه طريقة حفظ الحفريات، ومع كل نوع جايبين نموذج؛ الإحلال أو التحجر بواسطة المعادن والجبس والحجر الجيري وبمعدن الباريت، وكمان هتشوف بعض الحفريات اللي بيقولوا عليها “حفريات كاذبة” ودي اللي بتظهر على إنها حفرية نباتية بس في الحقيقة هي عبارة عن تفرعات شجرية.

وعلى الجانب التاني، هتلاقي عينات من النباتات المتحجرة من العصر الترياسي وطائفة المحريات ونجوم البحر، وأكتر حاجة لفتت نظري قنفد بحري، كان موجود في رأس الحكمة في مطروح، مكتوب عليه: “إهداء من صديق المتحف إسلام” هتمشي شوية هتلاقي عينات برضه من الفئة نفسها بس مكتوب عليها “مهداة من روسيا”.

بعد كده هتدخل على قسم الزواحف، وده بقى هتلاقي فيه؛ عظام لكتف، فقرات وأذرع لتمساح، جمجمة سلحفاة، جمجمة عروس البحر، وفي كل جزء منهم هتلاقي تفاصيل امتى اكتُشفوا وفي عصر إيه، وليه اتسموا الاسم ده، وبتعيش فين، يعني مثلًا عروسة البحر اتسمت بالاسم ده لإنها في تكوينها تشبه الثدييات، هتلاقي كمان حفريات لأبقار البحر واللي بتعتبر الوحيدة اللي بين الثدييات البحرية بتتغذى على أعشاب.

في حفريات تانية لنوع من الفيلة اسمه (موريثيرم) وهتلاقي معاه فك أسنان والقواطع والضروس، وهتقابل على نفس الصف حفريات لأرانب صخرية ودي مختلفة عن الأرانب اللي نعرفها، وآكلات لحوم أولية وأسلاف السيد قشطة وحفريات فئران، ودي هتلاقيها أصغر حاجة هناك ولا ترى بالعين المجردة.

في عمود خشبي طالع منه بوابات صغيرة أشبه بالكتاب، تقدر تقلبه بإيدك فيه معلوات أكتر تفصيلًا، لقيته بعد ما خلصت قسم الزواحف، بعد كده مش هتلاقي حفريات سلحفاة، لا هتلاقي السلحفاة نفسها وهي متحجرة في لوح زجاج بحجمها الطبيعي، والسلحفاة اللي شوفتها كانت بترجع لعصر الأولجوسين السفلي، وفيل لجنس منقرض من الفيلة اسمه (باليوماستودون)، وقصادهم جمجمة حوت عاش من 42 مليون سنة، وهيكل عظمي لكلب وقطة وحصان في شرق أوروبا، وبعدها جزء تاني خاص للديناصورات المصرية.

بعد كده في قسم للآلات اللي كان بيستخدمها الإنسان القديم في عصر ما قبل التاريخ موجودة في الصحراء الشرقية، وآلات من العصر الحجري اتوجدت بالقرب من باريس، منها آزميل وسكين ومبراة ومنشار ومطرقة وخناجر، وفي القسم نفسه هتلاقي نماذج من الفن التشكيلي البدائي في فترة ما قبل التاريخ.

في ركن كده على جنب، لقيت دولاب زجاج بالطول لأنواع المعادن والأحجار، وبفصائلها؛ المكعب والرباعي والمعين والثلاثي ومعادن الفوسفات، وكان منهم كالسيت والكوارتز والتورمالين، واللي بيعتبر من الأحجار شبه الكريمة، والياقوت الأحمر، وتحت كل واحدة مكتوب التركيب الكيميائي.

والدولاب اللي جنبه، عينات من الصخور من الأماكن المقدسة في السعودية، ومعادن مكتشفة من المكسيك والسويد وأمريكا ويوغوسلافيا، حتى مواد البناء والتشييد مش سايبينها ولها قسم مخصص.

على طول الصالة، هتلاقي أكتر من جزء للأحجار الكريمة والنيازك من كل حتة في العالم؛ منها فيروز والزمرد والكهرمان والماس واللازورد والفلزات النادرة، وقسم للخواص الفيزيائية للمعادن في كل الحالات، ومن الحاجات اللي شدتني برضه إنك هتلاقي نيزك جبل كامل هناك.

تذكار الملك فاروق

على الباب اللي دخلت منه في تذكار من الملك فاروق وقت زيارته للمتحف سنة 1944، اللي منها صدفة مشغولة بمناسبة افتتاح الأوبرا، وأصداف لؤلؤ، وسن فيل عاج مشغول عليه أعمال فنية.

قطعة من القمر

أهم وأغلى عينة في المتحف، قطعة حقيقية من القمر، من القطع النادرة والقليلة على مستوى العالم، وكتير من علماء الجيولوجيا بييجوا من آخر الدنيا علشان يشوفوها، اتاخدت من وادي بالقمر يطلق عليه (تاروس ليترو) خلال رحلة الفضاء الأمريكية (أبوللو) في 1972، وأهدى العالم المصري الدكتور فاروق الباز العينة دي للمتحف الجيولوجي المصري، وموجودة في كرة هلامية وعدسة مكبرة.

عينات المتحف اتبعتت قبل كده لإنجلترا لدراستها، وفي وقت الحرب العالمية التانية معظم العينات المهمة اتدفنت في الرمال حفاظًا عليها ولحمايتها من التلف في حالة قصف المكان، وبعد كده رجعت العينات تاني لمصر.

وأنت خارج من المتحف، هتلاقي نماذج من اللي كانت موجودة فيه بس بدون غطاء في الهواء الطلق، والميزة إنك تقدر تلمسها وتمسكها، وهتلاقي غرفة مخصصة بيتعمل فيها ورش عمل للأطفال في المدارس، بيتعلموا فيها ازاي يعملوا قوالب والصب.

الخلاصة: التذكرة هناك بـ 25 جنيه، والمكان مفتوح من 9 لـ 2 ما عدا الجمعة والسبت، المكان فيه كم تنوع كبير هتحتاج على الأقل ساعتين أو تلاتة علشان بس تحصر اللي موجود تتفرج عليه.

المتحف على كورنيش النيل قريب من زهراء المعادي، لو رايح بعربية محتاج تركن الناحية التانية اللي ورا المتحف، وأنت مروح لو هتطلب حاجة توصلك ضيف اللوكيشن وأنت برا المتحف مش جوا، علشان في الغالب هيجيب مكانك غلط.

المكان مش بس للجيولوجيين، لأ ده كمان للي عندهم شغف واهتمام إنه يشوف قطع نادرة مش موجودة في أي حتة في العالم.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: جولتنا في حارة اليهود وما تبقى من آثار الجالية اليهودية

تعليقات
Loading...