يناضلن في الخفاء.. بطلات عربيات تركن بصمة في الحراك النسائي

“لا أدري لماذا يعتريني الشعور أحيانًا أن العلاقة بين الرجل العربي والمرأة العربية هي علاقة عقارية، ينطبق عليها كل ما ينطبق على العلاقات العقارية من معاينة، ودفع رسوم، واستملاك” مقولة للشاعر الراحل نزار قباني، ربما تختصر ما تمر به النساء في بعض المجتمعات العربية، فهم ما زالوا يستمتن ويناضلن ويعبرن ويدافعن عن حقوقهن، وليس فقط أسماء تاريخية كبيرة سمعنها عنها في الكتب، ولكن يكفي أنهن ناضلن من أجل إثبات وجود وحقوق وحريات بدون أن ينتظروا أن يسطر التاريخ أسمائهن.

العنود الشارخ

المادة 153 من قانون العقوبات الكويتي يمنح “ولي أمر المرأة” سواء كان والدها أو شقيقها أو زوجها أو حتى ابنها أو ابن عمها حق قتلها تحت مسمى جريمة شرف، والعقوبة لا تتجاوز حبس ثلاث سنوات، ومن ثم تظهر الباحثة والأكاديمية والناشطة العنود الشارخ عام 2015 لتطلق حملة مطالبة بإلغاء المادة، حيث نجحت بنشر الوعي بشأن المادة 153 وكشف مواد قانونية أخرى تبيح العنف ضد المرأة في ظل غياب قانون يحميها، ودار إيواء تقدم الأمان للمرأة المعنفة في الكويت.

و نجحت في 2017 بتمرير مقترح مشروع قانون لإلغاء المادة بتوقيع 5 نواب، كما تعمل مع عدة مؤسسات للدفع نحو المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت أول كويتية تحصل على وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي لدفاعها عن حقوق المرأة، ونجحت إلى جانب فرق وجمعيات أخرى مناهضة للعنف ضد المرأة، بعد سنوات من النضال والصراع، في إقرار مجلس الأمة لمشروع قانون الحماية من العنف الأسري بموافقة 38 عضوًا من أصل 40، ثم تمت إحالته إلى الحكومة.

رضا الطبولي

“مستقبل المرأة هو الآن، ليس غدًا ولا بعد غد، أدعو إلى السلام على كافة المستويات وأنا واثقة من أن النساء ستتمكن قريبًا من تغيير الحال السائدة في مجالات عرفت بأنها من اختصاص الرجال تاريخيًا مثل بناء السلم والتوسط لحل النزاعات” هذا ما تؤمن به الناشطة رضا الطبولي واحدة من نساء كثيرات يناضلن من أجل تحقيق المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، لكنها تقوم بذلك من قلب بلد يشهد حربًا طويلة مثل ليبيا.

حيث تسعى منظمتها “معًا نبنيها” للدفع نحو إشراك النساء في حل الصراع الدائر في ليبيا من خلال عدة مبادرات، وخاطبت مجلس حقوق الإنسان في جنيف إن اجتماعات الأمم المتحدة التي تعقد على مستويات عالية لمناقشة مستقبل ليبيا قد فشلت في إشراك النساء.

كما شجعت النساء على الانخراط في صنع القرار ودعمتهن في الترشح للمناصب، وأسست قاعدة بيانات المرأة الليبية، وشبكة من النساء المحترفات في جميع أنحاء ليبيا، وقدمت أدلة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على حقوق النساء في ليبيا، وأسست لاحقًا مشروع منظومة المرأة الليبية الذي يهدف لدعم النساء ذوات المهارة والخبرة المهنية وتنمية مهاراتهن لتناسب سوق العمل.

آسيا جبار

اتخذت الكاتبة النسوية الجزائرية آسيا جبار القلم والكتابة كصوت وسلاح أنثوي حتى لقبت بـ”الكاتبة المقاومة” لتأييدها قضايا المرأة ووقوفها إلى جانب النساء المتحديات للعادات والتقاليد البالية خلال كتبها ورواياتها، فحملت رسائل داعية إلى السلام والعدل والدفاع عن حقوق المرأة، ونقل معاناة المرأة الجزائرية في مجتمعها، وغلب حسها الأنثوي على أسلوب كتابتها للروايات.

في روايتها “المتلهفون” تقف آسيا جبار مع النساء اللواتي تحدين العادات والتقاليد في المجتمع، وبسبب هذه الرواية لقبت بـ “الكاتبة المقاومة”، كما تناولت في روايتها دور المرأة في حرب الاستقلال الجزائرية ضد فرنسا والتي كانت تحت عنوان “أطفال العالم الجديد” التي نشرت عام 1962، وتحدثت عن قضايا نسوية عدة في روايتها “الحب… الفانتازيا” التي نشرت في عام 1985.

بطلة خفية في أريد حلًا

فيلم أريد حلاً الذي تسبب في تغيير قانون في الأحوال الشخصية، لم يكن وليدًا لخيال الكاتب ولكن بدأ من حكاية سيدة كانت تعمل صحفية في أخبار اليوم واستغنى عنها زوجها بعد 20 سنة وبعد أن سمعت قصتها الكاتبة حسن شاه وتأثرت بها عرضتها على فاتن حمامة فتأثرت بها هي الآخرى، وقررت أن تتبنى هذه القصة والذهاب للمحاكم لرؤية المعاناة على أرض الواقع، وبرغم رفض بعض المنتجين الاشتراك في الفيلم قرر صلاح ذو الفقار إنتاج العمل.

ومن ثم ناقش حق المرأة في طلب الطلاق، بل وقف بجانبها في المطالبة بالتعامل معها كإنسان له مطلق الحرية في تقرير مصيره من خلال شخصية “درية” التي تستحيل حياتها مع زوجها الدبلوماسي، ويرفض الزوج طلاقها فتلجأ إلى المحكمة الشرعية لرفع دعوى طلاق، لكنها تستمر بالمحكمة سنوات في محاولة الحصول على كلمة “أنتي طالق” دون جدوى ويزيد عليها أن يطلبها في بيت الطاعة.

فمن قصة سيدة لا نعرف حتى اسمها إلى الآن، ولكن حكايتها كانت كفيلة بأن تغير الكثير، حيث وجهت وقتها جيهان السادات اهتمامها لإصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يخلص القانون الموجود من ثغراته، لدرجة أنه سمي بقانون جيهان السادات.

نادين جوني

ناضلت من أجل إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان، ولكنها رحلت وتركت إرثها النضالي وأمنت الباقيين من النساء على استكمال مسيرتها، إنها الناشطة الحقوقية نادين جوني، التي رحلت وفي قلبها غصة لعدم حصولها على حضانة ولدها الوحيد التي كانت تراه ليوم واحد فقط في الأسبوع، 24 ساعة مشروطة تحت الضغط والتهديد، وذلك وفقًا لأوامر المحاكم الإسلامية الجعفرية الشيعية، ورغم أن الدولة اللبنانية “رسميًا”، دولة مدنية، لكن جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والحضانة والميراث، تخضع لقوانين دينية حيث تعترف الدولة بـ15 قانونًا طائفيًا للأحوال الشخصية.

 نادين حتى في آخر لحظات في حياتها كانت تناضل، فتوفت في حادث سيارة خلال توجهها للاحتجاج على الزيادات الضريبية، رحلت نادين لكن هناك أمهات أخريات لديهن قضايا أمام المحاكم الجعفرية، مطالبات بحقوق أولادهن، لتصبح نادين مثال يتبع بمقولتها “الكرامة ليست ثوبًا أو صورة أو ضحكة أو طفلاً، الكرامة هي أنتِ ورفاهيتكِ واحترامك لنفسكِ كامرأة، وقدرتك على الوقوف أمام المرآة في كل مرة والتعرف إلى نفسكِ. هذه أنتِ تمامًا كما تريدين أن تكوني”.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: طالبة العريش.. سواء قتل أو انتحار فالنتيجة واحدة

تعليقات
Loading...