البودكاست والراديو: هل التجربتان في كفة واحدة؟

بدأ في الانتشار عربيًا في أواخر 2008 مع ظهور مجتمعات التدوين والألعاب، وهدأ قليلًا في 2011 مع بزوغ نجم اليوتيوب، واكتساح شبكات التواصل، وبمرور السنوات شعر البعض لافتقار مواضيع بعينها تحتاج لجراءة بعيدة عن سياسات بعض منصات التواصل وبحاجة لوسيلة مستقلة تناقش مواضيع مختلفة بشكل يلمس الجمهور في طريقة تقديمها، فبدأت موجة أخرى منه كشكل من أشكال الإعلام الجديد، والبعض يقول أن محتواه سينافس الراديو في المستقبل أو ربما سيتجه الراديو للتبني البودكاست ولكن مدى مصداقية هذه العبارة؟

البودكاست vs الراديو

البودكاست يمثل بمفهومه معنى الـ”الجيل الجديد” قريبًا من بيئتهم وثقافتهم ولغتهم، وهذا سبب وصوله للعصر الذهبي الحالي، ولكن هل سيصل في مكانته إلى أن يحتل مكانة الإذاعة بعمرها وأجوائها التي ظهرت عليها وشكلت جزء من هويتها؟ هل حالة البودكاست ستماثل حالة الإذاعة ببرامجها الصباحية وفواصل إعلاناتها ؟

وهنا اتكلم عن الحالة وليست المواضيع فالمواضيع بالطبع ستختلف باختلاف المكان والجهة والهدف، ولكن حالة “المايك” شخص يجلس وراء المايك ولكنك تشعر أنه قريب منك لا تعرف هويته فقد يسحرك صوته وكلماته، تلك حالة استطاعت أن تخلقها لنا الإذاعة على مدار السنوات، و عنصر التشويق المتعلق بالضيف الخفي الذي من الممكن أن تظل سنوات لا تعرف من هو، فقط تسهر على صوته وتحاول أن تتخيل ملامحه، ولكن البودكاست يحاول في الاجتهاد أن يصل تلك الحالة فأحيانًا تسمع فقط صوته أو أحيانًا صوته وهويته، فكيف سيتماثلان؟

ونقطة أخرى كون وصف البودكاست في وضع الإذاعة الافتراضية، كلمة “افتراضية” التي أصبحنا نغرق فيها بحكم التطور، فالإفتراضي يؤدي الحالة ولكن هل سينجع في توصيل الشعور؟ فالميتا فيرس أدت حالة وجود أشخاص ومكنتك من حضور مقابلات وأعياد ميلاد ومشاركة فيها بدون أن تحضره ولكن في نفس الوقت هل نجحت في إيصال الشعور؟ ولكن على الجانب الآخر تبقى ميزة يتمتع بها البودكاست هو أنه بامكانك تحميله وسماعه في أي وقت فيضمن لك حق الاختيار.

وفي كل عام يحطم البودكاست العربي رقمًا جديدًا ففي عام 2017 ظهر 74 برنامجًا، وفي 2018 ظهر 118 برنامجًا، بينما ظهر في 2019 ما يقرب من 234 برنامجًا جديدًا، ما يؤكد حالة النمو الهائل المستمر في البودكاست، كما من المتوقع أن يصل عدد المستمعين بحلول نهاية عام 2025 إلى أكثرَ من 144 مليون مستمع شهريًا، فيوميًا يجذب البودكاست بتنوعه شريحة أكبر من المستمعين، والرهان على جودة المحتوى وإبداعه ولكن يبقى السؤال هو هل ستتبنى الإذاعات في المستقبل فكرة البودكاست وتتجه إلى العالم الإفتراضي لمجاراة العصر فنشهد ثورة مسموعة جديدة؟

بالطبع كلًا منهم له عصره الذهبي ورونه وشعوره وإحساسه فهل الكفة متساوية؟ هل عشاق الإذاعة الذين اعتادو سماعه مع احتساء القهوة وتصفح الجريدة سيختبروا هذه الحالة مجددًا؟ هل التجربتان في كفة واحد؟

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: شركات النقل الذكي ورحلات الأمان الوهمية: القشة التي قصمت ظهر البعير

تعليقات
Loading...