الاحتضان في مصر بين التقبل والرفض: حوارنا مع يمنى دحروج

كل شخص، راجل أو ست، سواء عنده أولاد أو لا، عنده فرصة إنه يغير حياة طفل، من طفل يتيم في دار رعاية بيعاني آلام التخلي والفقد، وبيعاني ظروف معيشية ممكن تكون صعبة، لطفل مستقر، عنده أسرة، وعنده احتياجاته الأساسية من الأمن والرعاية، وحتى احتياجاته المادية البسيطة مؤمنة.

الاحتضان فكرة مش جديدة، ونماذج الاحتضان في مصر والعالم العربي كتير وملهمة فعلًا، لكن الفترة الأخيرة الموضوع اتغير، خصوصًا بعد ما بدأت مبادرة “الاحتضان في مصر” اللي بسببها أسر كتير بدأوا ينفذوا ويحتضنوا أطفال، وناس كتير تانية غيرت فكرها وبقت أكتر تقبل للأطفال وللأسر المحتضنة.

وفي يوم التبني العالمي، تواصلنا مع “يمنى دحروج” صاحبة المبادرة في إنشاء مؤسسة الاحتضان في مصر، أم محتضنة لـ “ليلى” من 2018، اتكلمنا معاها عن الأطفال والأسر المحتضنة، وعن المجتمع ومدى تقبله للفكرة، وازاي القوانين ممكن تساعد في إن الموضوع يكون أسهل.

يمنى دحروج، مؤسسة الاحتضان في مصر، مع بنتها “ليلى” عن: Facebook

مين ممكن يحتضن طفل؟

سألنا يمنى إيه مواصفات الأسرة المؤهلة لاحتضان طفل، قالتلنا إن أهم حاجة الأسرة يكون عندها القدرة تستحمل الضغوط النفسية اللي هتتعرض لها من المجتمع ومن الطفل نفسه في التربية، مش علشان هو محتضن، لكن علشان هو طفل بيتربى في زمن صعب نفسيًا وماديًا.

وكملت كلامها: “لازم الأسرة كمان تكون مش حاطة توقعات كبيرة على الطفل، مش هو المفتاح اللي هيحل مشاكلها الزوجية والاجتماعية، بالعكس، طفل يعني عبء، آه هيديها حب وحنان وسلام نفسي، وإحساس إنهم بيساعدوا شخص وبيخلقوا له سعادة ده هيملاهم سعادة من جوا، لكن في نفس الوقت هيكون في عبء كبير”.

هل وجود أطفال في الأسرة بيأثر على الطفل المحتضن؟

لو الأسرة هتقارن بين الطفل المحتضن وبين ولادها هتكون هي الخسرانة، والأحسن ماتاخدوش.

يمنى قالت إن وجود أطفال من عدمه مابيفرقش، اللي بيفرق وعي الأسرة، وإنها تكون صريحة مع نفسها في هي بتحتضن طفل ليه.

ووضحت: “الطفل المحتضن هيكون طفل مختلف عن الأولاد البيولوجيين للأسرة، هو لا اتربى في نفس البيئة ولا مر بنفس المراحل، طفل من وهو في عمر ساعة مر بأزمات نفسية ومتلازمة التخلي، فلو الأسرة هتقارن بينه وبين ولادها هتكون هي الخسرانة، يبقى الأحسن ماتاخدوش، نفس الكلام لو هي واخداه بهدف إنها مش عايزة تخلف تاني، وعايزة طفل يلعب مع ابنها أو بنتها”.

وأضافت كمان إن في نموذج عكس ده، أسر ماعندهاش أولاد بتحتضن طفل علشان تكمل شكل اجتماعي، أو علشان نفسهم يعيشوا تجربة وجود طفل يسمعوا منه كلمة “ماما” و”روح اجري على بابا” بعد فترة كل ده هينتهي، وهيفضل في طفل محتاج تربية، والأسرة هتندم وترجعه أو هتفضل تحسسه إنهم عاملين فيه جميلة.

هل في إجراءات لتوعية الأسر قبل خطوة الاحتضان أو لاختبارهم؟

مؤسسة “الاحتضان في مصر” بيعملوا ورش جماعية كل شهر لتوعية الأسر المحتضنة، كمان في قسم دعم نفسي للاستشارات الفردية، يعني الأسرة بتحجز جلسة مع الأخصائي وبيتكلموا عن كل المخاوف وهو يرد عليها.

ده غير إن المؤسسة بتعمل مع وزارة التضامن الاجتماعي تدريب إلزامي للأسر المحتضنة، والوزارة نفسها بتعمل اختبار نفسي للأسر قبل ما ياخدوا خطوة الاحتضان.

هل في مواصفات معينة للأطفال بتفضله الأسر؟ وبتتعاملوا مع المشكلة دي ازاي؟

للأسف، معظم الأسر بيفضلوا بنات في سن شهور وأيام، لأن من وجهة نظرهم الأولاد بيكتسبوا صفات سيئة بسهولة، خصوصًا لو كبروا شوية واتربوا في دار الأيتام، والبنات في نظرهم تربيتهم سهلة، يعني “اكسرلها ضلع يطلعلها عشرة”.

المؤسسة بتحاول تعمل دورها في إنها تحل المشكلة دي، من خلال فيديوهات لتشجيع الأسر على كفالة الأولاد واللي سنهم كبير شوية، زي حملة “اكفل ولد” و”ابني نور عيني” اللي كانت نتايجها مبهرة، زي ما قالت يمنى.

إيه أكبر صعوبة واجهتيها في تجربة الكفالة؟

يمنى قالتلنا إن أكتر حاجة صعبة بتواجهها هي التأقلم مع اللي بنتها بتواجهه، هي عارفة إنها هتواجه ألم متلازمة التخلي، ومهما عملت مش هتعرف تدعمها في إنها تعدي إحساس الفقد، وإحساس إن أهلها البيولوجيين قرروا يسيبوها.

إيه أكتر حاجة عايزة بنتك تبقى عارفاها علشان ماتكونش بتعاني لما تكبر من فكرة إنها محتضنة؟

إجابة يمنى على السؤال ده فاجئتني، إجابة تبدو بسيطة لكن فعلًا فيها الخلاصة، قالت: “عايزاها تؤمن إن ربنا بيختارلنا الأحسن دايمًا، لو هي عندها إيمان قوي بالنقطة دي، هتستوعب إنها مختلفة، وإن ده الخير واللي كان مفروض يحصل، وتلغي من قاموسها كلمة لو؛ لو ماكانوش أهلي سابوني.. لو كنت كملت في الدار.. لو ماكنتيش شوفتيني.. لو كنتي قابلتي حد أحلى مني”.

كملت يمنى كلامها بإنها مش هتقدر تمنع ضغوط المجتمع على بنتها، بس تقدر تخليها تواجه ده بالإيمان، وبالتصالح مع ظروفها، وبإنها ماتبقاش غضبانة من أهلها البيولجيين، تسامحهم وتقدر ظروفهم، وأكدت كمان إن الأسرة المحتضنة عليها الدور الأكبر في إنها تطلع الطفل طبيعي أو معقد.

ازاي المجتمع بيتعامل مع فكرة الاحتضان؟

“المجتمع بيتغير للأحسن، ببطء لكن للأحسن، تقبل الرأي الآخر بقى أكتر، والتعاطف مع الأطفال منكرين النسب بقى أكبر، ووعي المجتمع زاد ونظرتهم للأسرة المحتضنة بتتغير” ده اللي قالته يمنى لما سألناها عن اللي اتغير في المجتمع، من ساعة ما بدأت تهتم بنشر فكرة الاحتضان لحد دلوقتي.

أما بالنسبة للقوانين، فوضحت لنا إن في قانون هيصدر قريب هيساعد إن كل طفل محتضن أو في دار رعاية يتعامل معاملة المواطن الطبيعي.

يمنى شايفة إن مصر بتقدم نموذج كويس لفكرة الاحتضان، وإننا أكتر دولة عربية عملت حملات توعية، بحكم عددنا الكبير، لكن اللي بتفتقده في المجتمع إنه يشوف الأولاد “المعثور عليهم” مش ولاد علاقات غير شرعية، وكملت: “علشان لما تكوني شايفة الطفل كده غصب عنك هتشوفيه أقل منك، وده هيأثر على شكل معاملتك له”.

هدف المؤسسة في شهر نوفمبر: “مجتمع أكثر وعيًا ومليء بالرحمة”

لو حد مش مقتنع بفكرة الاحتضان أو ظروفه ماتسمحش، إيه اللي ممكن يعمله علشان يساعد؟

دور أي شخص إنه يتكلم عن الاحتضان ويشجع الأسر اللي ظروفها مناسبة، يحكي عن تجارب شافها حواليه للكفالة، ويتقبل الأطفال المحتضنين وأسرهم.

وأضافت يمنى: “لازم كل أم وأب يتكلموا مع أولادهم ويفهموهم إن مش كلنا شبه بعض، في أسر شكلها مختلف، في أسرة فيها جدو وتيتا بس، في أسرة فيها ماما وبابا، في أسرة كافلة”.

وكملت: “لأن الأولاد دول هما اللي هيقابلوا بنتي في النادي والمدرسة والشغل، وهما اللي واحد منهم هيتقدملها في المستقبل”.

مؤسسة الاحتضان في مصر هدفها في شهر نوفمبر “مجتمع أكثر وعيًا ومليء بالرحمة” ويمنى شخصيًا هدفها الفترة دي إنها تساعد الأسر المحتضنة يطلعوا أطفال أسوياء ويربوهم تربية سليمة، أو زي ما هي قالت: “أنا كنت سبب في إن الطفل يتم كفالته، دوري أكمل معاه وأكون له ضهر”.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: بمناسبة شهر التوعية بالاحتضان في مصر: قصة أم كملت رحلة احتضان طفل حتى بعد حملها

تعليقات
Loading...