فاتن أمل حربي: 8 أسباب ليه لازم نتابع مسلسل نيللي كريم الجديد

مع دخول رمضان، بيبدأ فيضان مسلسلات مالهاش آخر وبيبقى صعب علينا نحدد هنشوف إيه، وفي وسط طوفان المسلسلات ده، اتميز مسلسل “فاتن أمل حربي” كواحد من أهم المسلسلات اللي نزلت السنة دي. وعلشان نفهم أكتر عن صناعة المسلسل، اتواصلنا مع المخرج محمد العدل، علشان يحكي لنا شوية عن ماوراء كواليس المسلسل اللي سبب ضجة كبيرة على السوشيال ميديا وفتح نقاشات اجتماعية كان لازم نتكلم فيها من زمان، بالذات عن قانون الأحوال الشخصية العاجز، في أحيان كتير، عن حل مشاكل المرأة.

ونظرًا لأهمية المسلسل الاجتماعية والدرامية، هتلاقي في المقال ده 8 أسباب في رأيي أنا، أحمد، تخليك تشوف المسلسل، يلا نشوف!

عبقرية قص الحكاية من طق طق للسلام عليكم

واحدة من أهم مميزات المسلسل هي الكتابة الحكيمة، فقصّ الحكاية ممنهج ومنظم ومثير في نفس الوقت؛ بدأ إبراهيم عيسى أول حلقة من المسلسل بحفلة طلاق فاتن علشان يجذب المشاهد من أول حلقة بإضافة غريبة Exotic ويحمسه يكمل للآخر. وبعد كده، كمل حكاية طلاق فاتن أمل حربي في خط زمني تقليدي، مع فلاش باك في أول كل حلقة جديدة عن حياتها الزوجية مع سيف، علشان يدي المُشاهِد لمحات عن الجحيم اللي عاشته في عش الزوجية، وعن شخصية سيف الدنراوي كزوج، في مقارنة مع شخصيته كطليق.

بدأت الحكاية بسيطة بعدد محدود جدًا من الشخصيات فماسببتش تشوش للمُشاهِد، ومع كل حلقة بيتم إضافة شخصيات جديدة بسلاسة ومنطقية، فتحس مع كل حلقة إن في إضافات جديدة بتكمل تفاصيل الحكاية.

وعن كتابة المسلسل، قال المخرج محمد العدل إنه بيحب يشتغل مع كُتاب عندهم وجهة نظر وقادرين يحسوا بالمواطن العادي، وعلشان كده بيحب يشتغل مع كُتاب كبار زيّ إبراهيم عيسى؛ علشان عندهم ثقافة ودراية بالواقع المصري والعالمي، فبتكون كتاباتهم شاملة ودقيقة وأقرب للواقع.

الحوار سلس ويمتاز بالواقعية الممزوجة بالحكمة

خلق حوار درامي مش حاجة سهلة، لإن سلاسة الحوار وواقعيته مع توجيهه لسرد حكاية العمل الدرامي بيحتاج موهبة كبيرة وشغل كتير من الكتابة وإعادة الكتابة.

ظهرت قوة الحوار بشكل واضح في أول حلقات المسلسل، وهتلاحظ إن الألفاظ المُستخدمة بتعبر عن واقع الطبقة الوسطى المنخفضة في مصر، وبترسم حدود كل شخصية بالظبط، فتقدر تعرف مين قال الجملة دي من شخصيات المسلسل من غير ما تشوفه، ودي عبقرية كتابة الحوار.

في مشهد بتسأل بنت فاتن: “إنتي أخدتي بابا عن حب؟”، فترد فاتن: “عن كره، هو كان كاره حياته، وأنا كنت كارهة العزوبية”. كلمات بسيطة لكن رسمت أزمة الزواج العبثي في مصر، وفسرت بكل بساطة ليه 40 في المية من الجوازات في مصر بتخلص بالطلاق في أول سنة بس.

في مشهد تاني، بتقول البنت: “أنا بكره بابا”، فترد فاتن عليها بتشوش: “ماتقوليش كده تاني، هو بيعمل كده علشان يضايقني أنا، لكن هو بيحبكم أنتوا”. الجملة اللي قالتها البنت دي بتأكد الصدمة النفسية اللي أبوها عيشهالها، ورد فاتن بيرسم شخصية الأم الحنونة اللي بتصارع مشاعرها الشخصية في مقابل أمومتها ورغبتها في حماية بناتها من الأذى النفسي، حتى لو كان الأذى ده جاي لهم من أبوهم اللي المفروض يشاركها حمايتهم.

ولما قال سيف الدندراوي لصاحبه في الجيم: “لأ أنا مش هكتب مطلق في البطاقة”، تأكيد على الجرح الكبير اللي بيسببه الطلاق في ذكوريته السامة. زيّ ما تكون كلمة “مطلق” في البطاقة هتفضل أثر من الإهانة اللي ضربت أساسات رجولته الهشة.

وذكاء الحوار ده بيرجع للكتابة السلسة لإبراهيم عيسى، ودليل على تعمقه في دراسة القضية اللي كتب عنها، ودليل كمان على إنه كاتب مثقف وباحث عنده هموم وحاسس بأزمات الناس البسيطة في الشارع، زيّ ما قال محمد العدل.

مخرج دراما من غير دراما

“نيللي بدأت النكد بدري السنة دي”.. دي جملة سمعتها بعد أول حلقة من مسلسل فاتن أمل حربي، ورغم إن مسلسلات نيللي كريم معروفة بالجرعة الدرامية المركزة فيها، لكن المرة دي أنا بختلف تمامًا مع التعليق اللي فوق ده.

واحدة من أهم مميزات المسلسل هي عبقرية تصوير المشاهد الدرامية من غير المبالغة اللي بتفقد العمل الدرامي ثباته على أرض الواقع، واللي موجودة للأسف في جزء مش قليل من الدراما المصرية.

المشاهد هنا سلسلة وبسيطة وواقعية، والمشاعر الكبيرة اللي بيستخدمها مخرجين تانيين علشان يخلقوا مشاهد درامية كلاشيه جدًا، بيوجهها محمد العدل لإضطرابات داخلية، وبيركز على وشوش الممثلين ولغة جسدهم علشان يعمل بورتريه فني وواقعي للعاصفة الشعورية اللي بتحصل داخل الشخصيات.

ويمكن جزء كبير من نجاح نيللي كريم وشريف سلامة في التقمص العميق للشخصيات بالشكل ده، غير موهبتهم الفذة طبعًا، هو إدارة المخرج الحكيمة لكل شخصية، فعلشان تطلع الشخصية جميلة، لازم المخرج يكون مدرك لميكانيكية كل ممثل وازاي يوصل له رؤيته للشخصية ويتعاون معه على إخراج رؤية مشتركة. مرة تانية أثبت محمد جمال العدل إنه مخرج صاحب رؤية مبدعة وقادر على إخراج أعمال مصرية مميزة.

وقال لنا محمد العدل إن المسلسل فكرته، وإنه كان بيحاول يعملها فيلم لكن قرر بعد كده يحولها مسلسل، ولما عرض الفكرة على الكاتب إبراهيم عيسى كان متخوف شوية لإنه ماكتبش مسلسل قبل كده، لكن لما اشتغل على السيناريو، طلع حاجة جميلة جدًا.

حاجة تشبهنا: مسلسل أصيل من واقع حياة المصريين

فاتن أمل حربي
عن: al-ain

في الوقت اللي معظم الدراما المصرية بقيت بتصور الطبقات باذخة الثراء في مصر، وكل المشاهد بقيت في كومبوندات وبيوت بملايين الجنيهات، بقى نادر جدًا إنك تشوف مسلسل عن الطبقة الوسطى وأزماتهم والصراعات اليومية اللي عايشينها. أبدع المسلسل في تصوير طبقة أصبحت مهمشة جدًا في الدراما المصرية، من خلال اختيار مواقع تصوير حقيقية تشبه الطبقة الوسطى المنخفضة في مصر فعلًا.

بيت تونة “نيللي كريم” في المسلسل بسيط جدًا والحيطان فيه متآكلة داخل البيت، ومتغطية بأسمنت خشن من برا البيت، أما اللبس والديكورات البسيطة والفقيرة إلى حد كبير كانت الإضافة الأخيرة لعنصر الواقعية في المسلسل، فهتلاحظ في كل المشاهد إن ديكور بيوتهم قديم وعشوائي ورخيص إلى حدٍ ما، زيّ ما تكون مختاراه موظفة في الشهر العقاري فعلًا، وبفلوس مرتب حكومي يكاد لا يكفي الاحتياجات الأساسية للمواطن.

بخصوص انعكاس واقع المصريين في الدراما، قال محمد العدل إن في رقابة زايدة على الدراما المصرية، وإنه مش قادر ينقل الواقع بصورته الحقيقية، وانتقد هيئة الرقابة على المصنفات الفنية في مصر وقال إنه مافيش هيئة رقابة في أي حتة تانية في العالم، وإن الرقابة حاليًا دورها هو التصنيف العمري.

فاتن أمل حربي: زوجة وأم وموظفة في الشهر العقاري وامرأة بلا حقوق

أداء نيللي كريم في دور فاتن “تونة” جميل جدًا كالعادة، والشخصية الدقيقة للست المصرية البسيطة اللي بتحب أولادها أكتر من أي حاجة تانية ومش بيهمها غير راحتهم ومستقبلهم واضحة جدًا في مجهودها العظيم واهتمامها بتعليمهم وبناء شخصيتهم، فبتلاقيها بتوجه معظم دخلها على تعليمهم وبتجري بيهم من المدرسة للدرس للنادي علشان يبقوا سباحات عظيمات زيّ “فريدة عثمان”، على حسب كلام نيللي في الحلقة التالتة، كل ده رغم الحرب القاسية اللي بيشنها عليها طليقها.

ونجح المسلسل في تصوير العلاقة المسمومة ما بين زوجة مصرية مكسورة الجناح وزوج مُتعسف وabusive غرقان في الذكورة السامة وفاكر إنه بيحبها، لكنه في الحقيقة بيمارس عليها ذكوريته وبيطلع عليها عقده، وده واضح جدًا في المشاهد اللي بيقفل فيها شبابيك البيت بمسامير علشان ماتفتحهمش وتخلي حد يشوفها، ولما بيطلب منها تتحجب. وبتظهر ذكوريته السامة بشكل أوضح في أول مشهد من الحلقة التالتة لما بتفكره إن العربية اللي باسمه دي هي اللي اشترتها بفلوسها، فتنقح عليه رجولته ويزنقها في التلاجة بعنف ويبقى عايز يضربها.

كل دي أمثلة حقيقية وبتحصل في كل البيوت المصرية يوميًا، ورغم إن ماحدش ناقشها في الدراما المصرية قبل كده بالشكل ده، لكن المسلسل نجح في خلق صورة متكاملة التفاصيل عن الأزمة الاجتماعية المدمرة دي.

لما اتسأل محمد العدل ازاي قدر يخلق شخصيات المسلسل، والفكرة جات له منين، قال إنه يحب يحتفظ لنفسه بمصدر فكرة المسلسل، لإنها شيء شخصي بالنسبة له، ولكن أكد إنه عمومًا بيحب يتناول شخصيات حقيقية ويتكلم عن قضايا عادية بتشغل الإنسان البسيط في الشارع.

رجل مخلوع فقد عقله

عن: aawsat

شخصية سيف الدندراوي “شريف سلامة” هي صورة مؤسفة ولكن حقيقية لراجل مصري يكاد يصل لحد الجنون لما مراته ترفع عليه قضية خلع، والعنف السلبي اللي بيستخدمه ضد طليقته علشان يلوي دراعها ويجبرها ترجع بيتها بيتحول لعند مدمر، فتلاقيه بيسرق عفش البيت ويسيبها تنام هي وبناته على البلاط، ولما ده مايكسرهاش ويرجعها زاحفة له، على حسب كلامه، بيتمادى ويتهمها بسرقته ويجيب شهود زور، لمجرد إنه يسيبها تنام في القسم هي وبناتها، ولما تفشل كل محاولات إذلالها، يطردها من بيت الزوجية اللي هو قانونيًا من حقها، علشان تبات في الشارع حرفيًا هي وبناته.

ده راجل فقد عقله تحت ضغط ذكوريته السامة اللي بتضغط على أعصابه، وتخليه يرتكب جرايم في حق طليقته وبناته، جرايم مش هتسيب صدمات نفسية كبيرة على طليقته بس، ولكن هتشوه نفسية بناته اللي شايفين أبوهم وحش مالوش حدود.

أداء شريف سلامة جميل جدًا لدرجة إنه بيكرهك تشوف وشه في المسلسل، كنت بحس بغثيان كل ما بشوفه على الشاشة، ودي عبقرية التمثيل؛ إنه يتقمص شخصية مؤذية وندلة لدرجة توصلك لكراهية الشخصية بالكشل ده، فعلًا يستاهل جايزة عن الدور ده.

مطلقة في مهب الريح

في مشهد بتقول فاتن للمأذون اللي بيحاول يقنعها ما تطلقش: “أنا عشت مع الراجل ده عشر سنين، كنت بفكر أتطلق منه 9 سنين و9 شهور، تفتكر هغير رأيي في خمس دقايق؟”وفي مشهد تاني بعد الطلاق بتقول تعليقًا على جحيم المحاكم لنيل حقوقها: “ده تمن الحرية ده طلع غالي أوي”.

جملة بسيطة لكن حكيمة وقادرة تعبر عن واقع فاتن أمل حربي، اللي افتكرت إن قرار الطلاق اللي فضلت عشر سنين تقريبًا بتحاول تاخده، هيحررها من جحيم رجل مُتعسف عاشت معاه عذاب، لكن اكتشفت إن الحرية مش بتيجي ببساطة كده، بالذات لو طليقها هو “حسن الدنردراوي” صورة طبق الأصل عن رجالة مصريين كتير.

تمن حرية النساء غالي جدًا في مصر يا فاتن، حتى لو كان بالقانون؛ وبنشوف ده في مشهد بيسرد فيه محامي فاتن عليها عدد القضايا اللي هيرفعوها على طليقها، واللي هيرفعها عليها طليقها، والروتين القانوني اللي هتعيش فيه سنين من عمرها لحد ما تاخد أدنى حقوقها من الراجل اللي حول حياتها لجحيم لمدة عشر سنين. يبدأ صوت المحامي يتخافت في الخلفية وتركز الكاميرا على وش فاتن المصدومة والمشوشة والمرعوبة في نفس الوقت، وهي دي اللحظة اللي بتدرك فيها فاتن إن القانون المصري مش بيدي النساء حقوقهم بسهولة.

آخر حاجة: تكمن أهمية المسلسل في مناقشة قضايا حرجة في المجتمع المصري

ثغرات وقصور قوانين الأحوال الشخصية وقانون الطلاق في مصر مش موضوع جديد، اتكلمنا فيه كتير ولسه بيتناقش لحد اللحظة دي على السوشيال ميديا، لكن “فاتن أمل حربي” عرف يعرض الأزمة بطريقة جديدة ومختلفة عن أي تناول سابق.

ناقش المسلسل وضع المرأة المطلقة الكارثي في عيون المجتمع اللي مش بيرحم، وفي عيون القانون المُقصر في حقها، وكمان قانون الأحوال الشخصية اللي بيسمح للزوج يتحكم في حياة أطفاله الرسمية بشكل كامل، رغم إن هي معاها الحضانة الكاملة للأولاد، زيّ ما تكون الأم مالهاش حق تاخد أي قرار في تعليم أطفالها أو حتى تقدر تطلع ورقة رسمية من غير أبوهم. والثغرات دي في القانون مع الثقافة الذكورية بتسمح للأب، زيّ ما شوفنا في المسلسل، إنه يضغط على الأم ويعذبها ويتنمر عليها لمجرد إنه ذكر وهي أنثى.

وأخيرًا، في أزمة البيروقراطية وحركتها البطيئة جدًا، واللي بتخلي المُطلقة بتجري في المحاكم علشان تاخد أدنى حقوقها، فبتسرق منها طاقتها وفلوسها وسنين حياتها.

لو كنت بتشوف المسلسل، قول لنا رأيك فيه لحد دلوقتي، ولو كنت لسه ماشوفتوش، ننصحك تبدأ تشوفه علشان المسلسل جميل جدًا ويستاهل وقتك فعلًأ.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: رحلة نيللي كريم مع الرجالة التوكسيك في مسلسلاتها

تعليقات
Loading...