أشباح الدراما المصرية: الطيب والشرير والغلبان والشرس في مسلسلات رمضان

من بداية ماراثون الدراما المصرية لرمضان 2023، ممكن تلاحظ يا عزيزي القارئ إن المسلسلات السنة دي ماتختلفش كتير عن المسلسلات السنة اللي فاتت، على الأقل بالنسبة لمجموعة معينة من “نجوم” الدراما الرمضانية اللي بقالهم سنين مش بيغيبوا عننا ولا موسم رمضاني واحد.

محمد رمضان هو نفسه محمد رمضان وبيقدم نفس الشخصية في سياق درامي جديد، وأحمد العوضي ومصطفى شعبان وعمرو سعد، كلهم بيقدموا نفس شخصية “شبح الدراما الرمضانية”. وإن اختلفت السياقات يظل الشبح واحد!

الأجهر: أجيال من الأشباح بتسلم أجيال

إعلان مسلسل الأجهر كان فيه أكشن كتير ومشاهد متصورة في كينيا، وده اللي ادى إيحاء إنه هيناقش تجارة الماس الدموية، لحد تاني حلقة لما تكتشف إن المسلسل مافهوش أي موضوع غير الشبح مصطفى الأجهر، اللي بيؤدي دوره الفنان عمرو سعد.

شخصية مصطفى ماتختلفش كتير عن كل الشخصيات اللي قدمها عمرو سعد في مسلسلاته اللي قبل كده؛ فهو شاب عايش في منطقة شعبية، جدع وابن بلد، طيب جدًا بس شرير جدًا، حلو مع الحلو ووحش مع الوحش، وكلام كبير مكتوب على ضهر توك توك!

“شبح” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهو بلطجي بس متربي، وهيفتح عليك المطوة بس هيصون شرفك ويغطي أختك.

المسلسل بيحاول يجمع عناصر المنطقة الشعبية النمطية؛ زيّ الجدعنة والأخوة وكلمة الشرف وغيرها، بس في الآخر كلها بتعدي بشكل سطحي.

وزيّ خمس أعمال فنية سابقة، بيقدم لنا عمرو سعد شبح المستقبل، ابنه الممثل رابي عمرو سعد، اللي شبه أبوه جدًا لدرجة إن الاتنين بيغلطوا ويبصوا للكاميرا في كذا مشهد، زيّ بعض بالظبط!

أخيرًا، الدروس المستفادة من المسلسل: الشبحنة واحدة ولو اختلف السياق اللي بتدور فيه، ولو تخطت حدود مصر وراحت كينيا، ودخلت في معارك كارتونية مع عصابات دولية، هيفضل الشبح المصري حاطط على الكل!

ضرب نار: رجل صعيدي على التيك توك

من إعلان مسلسل ضرب نار، ومشاهد الفنان أحمد العوضي على الموتوسيكل وصديقه “الصقر” على كتفه، عرفت إنه مسلسل آخر من “الدراما الشبحية”، ولكن ماكنتش أعرف إنه نسخة بالكربون من مسلسل (اللي مالوش كبير).

الجزء الأول من المسلسل اللي بيدور في الصعيد، بينسخ كل الكليشيهات والأفكار النمطية عن الرجل الصعيدي، ولكن على عكس الدراما الصعيدية اللي متعودين عليها، واللي بتظهر الرجل الصعيدي كرجل ذكوري عنيف ولكن كريم وعنده مبادئ، بيخلق المسلسل رجل صعيدي هو عبارة عن “شبح” آخر من أشباح عشوائيات القاهرة، بس لابس جلبية وبيقول “يابوووووي”، وطول الوقت عصب رقبته شادد، “العصب الصعيدي” بقى!

وعلى عكس أي رجل صعيدي قابلناه قبل كده في الدراما النمطية، جابر أبو شديد عنده قاموس ضخم من الحكم “التيتوكية”، زيّ “أحلى على الأحلى” اللي على عكس المتوقع مش بيقولها لياسمين عبد العزيز، ولكن لواحد من الغلابة الكتير اللي رماهم القدر في سكة “الكوماندا” وقرر يعلم عليه.

جعفر العمدة: مزيد من الخناقات بالكلسون في نص الشارع!

مرة تانية بيرجع محمد رمضان للحارة الشعبية في مسلسله الجديد (جعفر العمدة)، بعد نجاح كبير في مسلسل البرنس والأسطورة، اللي اتعتقوا في قلب العشوائيات والشبحنة، بس المرة دي رمضان مش شاب غلبان والدنيا جاية عليه.

جعفر العمدة رجل غني جدًا، لدرجة إنه بيدي قروض لرجال الأعمال ولا أجدعها بنك، ومتجوز تلات ستات وعايز يتجوز الرابعة.

وبتكتمل أسطورة شبح حي السيدة زينب بخناقات الفنان محمد رمضان بالكلسون، علشان يثبت لأهل الحي ثانيًا، ولكن لك أنت يا عزيزي المشاهد أولًا، إنه هيعلم على ناس كتير في التلاتين حلقة اللي جايين، ويشوقك لمزيد من الأكشن الشبحي.

المسلسل تخطى الدراما واتحول لبوستر ضخم متحرك للنجم محمد رمضان، وهو بيلمع وسط نجوم السماء ونجوم الفن وأقمار الكواكب والأقمار الصناعية.

وبكده يحقق المسلسل غرضه في التأكيد على نجومية رمضان، بغض النظر عن وجهة نظرك ورأيك وأي حد له شوق في حاجة. و”ثقة في الله نجاح”.

بابا المجال: اللي ياكل الحرام، ياكله!

المسلسل اللي بيوحي اسمه إنه مجرد نحتة تانية عن شبح من الأشباح اللي فوق، بيفاجأك إنه بيقدم حالة جديدة خالص.

المسلسل اللي بيحكي عن البطل زين الميكانيكي، واللي بيقوم بدوره الفنان مصطفى شعبان، ممكن يُختصر بالكامل في الجملة اللي مكتوبة على يافطة ورشة زين “اللي ياكل الحرام، الحرام ياكله”.

مرة تانية بيتقدم لنا السنة دي مسلسل قايم بالكامل على حكمة مكتوبة على ضهر توكتوك، ولكن هناك فرق!

بيصدمك شعبان وبيقدم شبح من نوع تاني، هو عايش في منطقة شعبية، وميكانيكي، ومش بياكل حرام، لكن مش بلطجي ولا بيعلم على سكان الحي، هو بيعلم على التكنولوجيا، وبضغطة زرار على اللابتوب بتاعه بيصلح كومبيوترات عربيات “غالية جدًا”.

وعلى عكس الأشباح اللي فوق اللي بتختلط فيهم الطيبة بالشر، والغُلب بالشراسة، زين غلبان جدًا، لدرجة إن أمه هي اللي بتبوس إيده مش العكس.

كل حاجة في المسلسل جاية بشكل مباشر من فيديوهات المراهقين المصريين على التيك توك، الجمل اللي كلها على القافية، ومواقف الجدعنة والصحاب والتسامح اللي بيصورها العيال في شارع تسعة في المعادي.

الحاجة اللي بتميز مسلسل (بابا المجال) إن الشبح مش البطل مصطفى شعبان، ولكن السيناريو نفسه هو الشبح، هو اللي جاي يحط على الكل ويعلم على الكبير فيكي يا منطقة.

دروس مستفادة في نظرية أشباح الدراما المصرية

رغم تقديم دراما منزوعة الدراما، وحكايات وشخصيات مكررة عن نفس الشبح، بتنجح الأعمال دي بدرجات متفاوتة.

هيفضل دايمًا المشاهد هو الحكم والفيصل في الفن اللي بيتقدم له، هو اللي في إيديه ينجحه أو يخليه يفشل، وأي محاولة للتعالي على ذوق المشاهد عبث.

لكن إيه اللي بيجذب المشاهد لحكايات وشخصيات مكررة، وإن اتحطت في سياقات مختلفة وشديدة التشابه في نفس الوقت؟

النوعية دي من الشخصيات الشبحية ظهرت في مصر في آخر عشر سنين بس تقريبًا، ومن ساعتها وهي بتتكرر بنفس النمط.

يمكن مع تغير واقع المشاهد المصري مؤخرًا، اتغير معاه ذوقه، وبقى محتاج بطل أسطوري مُسطح يقدم له دراما سهلة، ماتتعبوش في التفكير والبحث والسؤال عن المعنى المستخبي ورا تفاصيل اللوحة الدرامية.

بطل شبهه “شعبي جدًا” ولكن على عكسه يقدر يحقق له خيالات الانتقام والبطش والتحرر من ضغوط الواقع اللي بتدهسه.

الدراما دي هي انعكاس لخيالات المشاهد ورغباته الدفينة، وهنا نسأل السؤال الفلسفي الأبدي: هل الفن يعكس الواقع ولا الواقع بيعكس الفن؟

الفن يقدر يؤثر على سلوك الناس من خلال زرع أفكار وقيم معينة فيهم ولكن مايقدرش يخلق نفسه من العدم، لازم واقع يوحي له، وفي حالة الدراما دي، الواقع هو “ما يطلبه المشاهدون”.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: بعد الحلقة الأولى من تحت الوصاية: منى زكي تدخل السباق الرمضاني بقوة

تعليقات
Loading...