متحف أم كلثوم: رحلة شاهدة على أيام الزمن الجميل

اتعودنا كل فترة ناخدكم لفة في مكان في القاهرة أو برا القاهرة كإنكم معانا بالظبط، وكالعادة، وزيّ ما عرفتوا عني لما ببقى مقررة أروح مكان معين؛ يا إما أصحاب المكان بينفضولي، يا إما المكان بيكون اختفى من على وجه الأرض، يا إما طقت في دماغهم إنهم يرمموا ويجددوا فيه على حظي، وده اللي حصل مع قصر المانسترلي. طول السنين اللي فاتت ماقربولوش، بس لما نويت أروح قالوا إنه بيتجدد من أسبوعين بالظبط. المهم، أنا طبعًا ماكانش ينفع أرجع بإيدي فاضية، فقررت أدخل متحف أم كلثوم. المتحف هتلاقيه في نفس مكان القصر على النيل برضه في الزمالك، وهو مقياس النيل اللي كانوا بيقيسوا به فيضان المياه زمان.

وأنت داخل من على باب المتحف، هتلاقي تمثال لأم كلثوم برا في ميدان صغير كده وبيطل على النيل، وهتلاقي جنبه البلكونة اللي بيطل عليها القصر -اللي ماشمتش ريحته- بس صورت الجزء اللي ظاهر على النيل. وأنت ماشي للمتحف هتلاقي خضرة وورد يرد روحك، وبعدين هتطلع تدفع تذكرة قبل ما تدخل؛ 5 جنيه للطلبة و10 جنيه لغير الطلبة، وأنا دفعت خمسة جنيه وطبعًا أنتم عارفين ليه، المهم دخلت المتحف.. المكان مكيف طبعًا وله مدخلين كل واحد بيبتدي وينتهي عند التاني.

أول حاجة عيني وقعت عليها جزء خاص بإكسسوارت أم كلثوم من الأحذية والشنط وكان معاهم لبيسة أحذية من الفضة. بعدها مشيت في ممر طويل ولقيت على اليمين جزء مخصص للأدوات اللي كانت بتسمع بها الست الموسيقى -زيّ الجرامافون- وبتسجل عليها، والأسطوانات القديمة بتاعت أغانيها، والأسطوانات اللي كانت بتحب تسمعها زيّ تواشيح الشيخ علي محمود وقتها. ولقيت أكياس قديمة لحفظ الأسطوانات بتاعت زمان، الأكياس الورق دي اللي بيبقى لونها بني، وكان مكتوب عليها “بطرس وجبران” ولما دورت ورا الاسم لقيت إن بطرس وجبران دول اتنين خواجات كانوا عايشين في مصر وعندهم شركة بتصنع أسطوانات، وفي مرة من المرات بعت لهم محمد عبد الوهاب جواب شكر إنهم نقلوا صوته على أسطوانات ولقاه مطابق تمامًا لصوته الحقيقي.

بعد ما خلصت جزء الأسطونات دخلت على قسم الوثائق الورقية؛ زيّ عقد لإحياء حفل جمعية أبناء الشرقية الخيرية وعقد الإذاعة الأول ليها في راديو هاوس بأجر 25 جنيه سنة 1934، وجنب العقد ده كان في ميكرفون شاهد على تسجيلات كتير للست، وكان هدية من الإذاعة المصرية.

والناحية التانية بقى هتلاقي ورق مكتوب فيه أجمل وأحلى أغاني الست بخط الإيد، منهم أغنية “الحب كده” بخط الشاعر بيرم التونسي، وقصيدة “هذه ليلتي” بخط جورج جرداق، يعني تخيل كده إنك تشوف الأغاني قبل ما تتلحن وتتغنى وهي لسه في مرحلة الكتابة؛ مرحلة الشخبطة ولخبطة الأفكار على الورق وملاحظاتهم على كل كوبليه وسطر، قبل ما تطلع لنا في الآخر أحلى أغاني لسه عايشة معانا.

وتكملة للوثائق، هتلاقي كل جوابات الشكر اللي أخدتها سوما من الورزاء والرؤساء والسياسيين ورموز الدول؛ منهم خطاب شكر لأنور السادات وحرمه السيدة جيهان بعد ما اتبرعت أم كلثوم للجيش في 1973، وبراءة قلادة الجمهورية من جمال عبد الناصر، وبراءة نيشان من الطبقة التالتة من الملك الفاروق، وخطاب من الحبيب بوريقة رئيس الجمهورية التونسية.

وأنت مكمل في طريقك هتلاقي العود بتاعها اللي كانت بتحب تعزف عليه، وجنبه إعلان لحفلة ساهرة ليها في مسرح رمسيس، ووضحوا من خلال الإعلان إنها هتعزف “بأناملها” على العود، وده كان حدث مهم ساعتها.

بعد ما خلصت الجزء الخاص بالموسيقى والورق، مشيت شوية ولقيت قاعة صغيرة شبه قاعات السينما بيتعرض فيها فيلم وثائقي عن قصة حياتها، بس للأسف مش بيشغلوها إلا لما يكون في ناس كتير، ولحد الساعة اللي أنا سألت فيها عن القاعة دي ماكانش فيه غيري في المتحف، وطبعًا ماكانوش هيشغلوه علشان خاطر عيوني.

بعد كده، انتقلت لممر تاني فيه متعلقاتها الشخصية؛ زيّ نظارتها الشهيرة اللي ماكانتش بتفارقها في أي حتة، وأجندتها الصغيرة اللي كانت بتكتب فيها يومياتها ومواعيد حفلاتها وجواز سفرها والقلم اللي كانت بتكتب به، وقدام الجزء ده في قسم تاني خاص بالقلادات والنياشين والأوسمة اللي أخدتها من الدول، وأكتر حاجة لفتت نظري مفتاح مدينة طنطا.

وأنت بتتمشى جوا التاريخ والفن ده هتلاقي كل شوية تابلوه كبير مجمع صورها اللي أخدتها في حفلاتها وفي رحلاتها برا مصر وفي كواليس أفلامها، ولو ركزتوا على التابلوه اللي تحت هتلاقوا أكبر صورة فيهم بينها وبين بديعة مصابني، واللي مايعرفش مين بديعة فهي الست اللي قدمت نجوم في الرقص والغنا وكانت مُلقبة بسيدة الرقص الشرقي.

في وسط كل ده، وأنت ماشي بين الممرات، هتلاقي في الخلفية أغاني لأم كلثوم بتشتغل علشان تدخلك في الجو؛ زيّ أغنية “هذه ليلتي” و”الحب كده” و”أنت عمري”، وبعدين هتييجي عند آخر جزء في المتحف وهو أشهر فساتين كانت بتلبسها في حفلاتها، من ضمنهم الفستان الأبيض اللي كان باللولي اللي حضرت بيه الحفلة اللي غنت فيها الأطلال.

وأنا خارجة ومروحة من المتحف لقيت مرشد سياحي ماشي مع اتنين خلايجة علشان يبدأ يشرح لهم، ماعرفش كان موجود فين في الساعة اللي قعدت ألفها مع نفسي؛ باعتبار إني مصرية والمفروض أبقى عارفة تاريخ أم كلثوم من أول ما اتولدت، مايعرفش إن كل المعلومات اللي جبتها في المقال كانت بمجهود شخصي.

بعد ما خلصت الجولة وركبت تاكسي مع كابتن سياحة، بمعنى إنه يعرف كتير عن الأماكن اللي في القاهرة وكاسحها وماسحها، والظاهر إنه كان باين عليا إني تايهة في المكان اللي جيه ياخدني منه، فحب يوجب معايا ويعرفني المعالم؛ ومن ضمنها “البحر الصغير” اللي جنب المتحف، والاسم ده مش هيعرفه غير سكان أهل المنيل، وكالعادة سألته أسئلتي الساذجة “هو ليه اسمه بحر وماسموش نيل، مع إنه نيل عادي!” فالكابتن قالي “إن ده زيّ أي حاجة أجدادنا اللي على نياتهم كانوا بيدولها اسم تاني؛ يعني المعادي كان اسمها “السرايات” أو “الحي الهادي”، ووسط البلد كان اسمها “القاهرة الفاطمية”. وفي الطريق لحد ما وصلني قعد يكلمني عن ذكرياته مع الشوارع وكورنيش النيل وفائدة الطمي بتاع جزيرة الزمالك في معالجة الأمراض.. الصراحة كان مسلي جدًا.

علشان ماطولش عليكم.. أشوفكم في جولة جديدة ومغامرات تانية واحنا بنلف مصر المحروسة وبننقل لكم تجربتنا بتفاصيلها.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: عمارة الإيموبيليا: سكنتها الأشباح وعاش فيها نص نجوم مصر

تعليقات
Loading...