دار الأوبرا المصرية.. المنارة الثقافية الأهم فى الشرق الأوسط وأفريقيا

تمثل مصر نقطة تلاقى جغرافية وثقافية منذ فجر التاريخ، فقد تواصلت على أرضها الطيبة مختلف الحضارات وبحكم مكانتها ظلت منارة إشعاع للفكر والفن.

واستمراراً لهذا الدور الرائد، وفى عام 1869 قرر الخديوى إسماعيل إنشاء داراً للأوبرا تقام بها احتفالات افتتاح قناة السويس، ونتيجة حبه للفنون أراد أن تكون دار الأوبرا الخديوية تحفة معمارية لا تقل عن مثيلاتها فى العالم.

فكلف المهندسين الإيطاليين “افوسكانى” و”روسى” بوضع تصميم يراعى الدقة الفنية والروعة المعمارية والاهتمام بالزخارف، ولذلك تمت الاستعانة بعدد من الرسامين ،المثالين والمصورين لتزيين المبنى وتجميله وتم بناؤه من الأخشاب واستغرق العمل فيها ستة أشهر.

كانت رغبة الخديوى إسماعيل أن تفتتح دار الأوبرا الخديوية بأوبرا “عايدة” التى تروى قصة خالدة من أعماق التاريخ المصرى، إلا أنه لم يقدر لها الظهور فى حفل الافتتاح بسبب الحرب الفرنسية الألمانية وحصار باريس واستحالة شحن الملابس والديكورات، وقدمت بدلاً منها أوبرا “ريجوليتو”، أما أوبرا “عايدة” فقد ظهرت بعدها بعامين وقدمت لأول مرة عام 1871.

المنارة الثقافية الأهم فى الشرق الأوسط وأفريقيا

وبعد عدة أعوام مثلت خلالها الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الوحيدة فى الشرق الأوسط وأفريقيا. وفى فجر 28 من أكتوبر 1971 احترق المبنى القديم فى مشهد مأسوى أصاب المصريين بالهلع والخوف على مستقبل الثقافة والفنون. ومع ازدياد الحاجة إلى إيجاد مركز تنويرى يهدف إلى تقديم الفنون الرفيعة بالإضافة إلى إحياء التراث الفنى المصرى فى مختلف مجالاته قامت وزارة الثقافة بالتنسيق مع هيئة التعاون العالمية اليابانية (JICA) لإنشاء دار الأوبرا المصرية بمنحة تبرز أواصر الصداقة والتعاون بين الشعبين المصرى واليابانى.

وتم اختيار أرض الجزيرة لتكون مقراً لها وتم الاتفاق على تصميم معمارى إسلامى حديث يتناغم مع ما يحيط بها من مبان، وفى عام 1985 تم وضع حجر الأساس للمبنى الذى أكتمل بعد 34 شهرا من العمل الجاد المتواصل لتُفتتح دار الأوبرا المصرية فى 10 أكتوبر عام 1988 وتصبح أحدث معالم القاهرة الثقافية وأول دارا للأوبرا فى الشرق الأوسط.

مهمة دار الأوبرا

تهدف دار الأوبرا المصرية إلى المشاركة فى بناء وتطوير وعى الإنسان المصرى والعربى والارتقاء بالوجدان من خلال التعليم والتثقيف والإبداع وذلك عن طريق خطة ذات ملامح واضحة.

هذا إلى جانب تقديم الفنون العالمية الجادة، كما اهتمت بتشجيع المواهب الشابة الواعدة فأتاحت لهم الفرصة للتواجد على الساحة الفنية إلى جوار كبار الفنانين والموسيقيين المصريين والعالميين.

محتويات مبنى دار الأوبرا المصرية يتكون المبنى الرئيسى بمنطقة الجزيرة من: المسرح الكبير، المسرح الصغير، المسرح المكشوف، مسرح النافورة (مستحدث).

كما يضم المبنى متحف يشمل جناحين للعرض الأول يروى قصة إنشاء الأوبرا الخديوية حتى احتراقها من خلال الصور الفوتوغرافية والوثائق النادرة، إلى جانب بعض القطع التى تم إنقاذها من الحريق.

أما الجناح الثانى فيعرض من خلاله وثائق تاريخ الأوبرا الجديدة وأهم العروض التى قدمت على مسارحها المختلفة منذ افتتاحها.

وملحق بالمبنى قاعة للفنون التشكيلية سميت بـصلاح طاهر أحد أعلام التشكيل المصرى، وهى مجهزة لاستقبال المعارض الدورية للفن التشكيلى وتتكون من طابقين منفذين بشكل متطور وتم توزيع إضاءتها بشكل علمى يتيح تغييرها مع كل معرض.

ويتبع دار الأوبرا مكتبة موسيقية تحوى مصادر ومعلومات حول مختلف الموضوعات الفنية إلى جانب أوعية معلوماتية توثق العروض التى قدمت على مسارح الأوبرا المختلفة، بالإضافة إلى العديد من المدونات والمخطوطات النادرة المتعلقة بفن الموسيقى والأوبرا، إضافة إلى قاعة معارض للفنون التشكيلية تحمل اسم الشهيد زياد بكير.

يتبع دار الأوبرا العديد من المنشآت الثقافية والمسارح داخل القاهرة وخارجها وهم: مسرح الجمهورية بمنطقة عابدين، مسرح معهد الموسيقى العربية بشارع رمسيس، إضافة إلى دار أوبرا الإسكندرية “مسرح سيد درويش” ودار أوبرا دمنهور بمحافظة البحيرة.

كما تضم دار الأوبرا ورش لتصنيع الملابس والديكورات والاكسسوارات التى تستخدم فى العروض الفنية التى تقام على مسارحها المختلفة.

دار الأوبرا الحديثة

دار الأوبرا المصرية، أو الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي افتتحت في عام 1988 وتقع في مبناها الجديد والذي شُيد بمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية بأرض الجزيرة بالقاهرة وقد بنيت الدار على الطراز الإسلامي.

يعتبر هذا الصرح الثقافي الكبير الذي افتتح يوم 10 أكتوبر عام 1988هو البديل عن دار الأوبرا الخديوية التي بناها الخديوي إسماعيل العام 1869 واحترقت في 28 أكتوبر العام 1971 بعد أن ظلت منارة ثقافية لمدة 102 عاما.

ويرجع تاريخ بناء دار الأوبرا القديمة إلى فترة الازدهار التي شهدها عصر الخديوي إسماعيل في كافة المجالات. وقد أمر الخديوي إسماعيل ببناء دار الأوبرا الخديوية بحي الأزبكية بوسط القاهرة بمناسبة افتتاح قناة السويس، حيث اعتزم أن يدعو إليه عدداً كبيراً من ملوك وملكات أوروبا.

وتم بناء الأوبرا خلال ستة أشهر فقط بعد أن وضع تصميمها المهندسان الإيطاليان أفوسكانى وروس. وكانت رغبة الخديوي إسماعيل متجهة نحو أوبرا مصرية يفتتح بها دار الأوبرا الخديوية، وهي أوبرا عايدة وقد وضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي لكن الظروف حالت دون تقديمها في وقت افتتاح الحفل، فقدمت أوبرا ريجوليتو في الافتتاح الرسمي الذي حضره الخديوي إسماعيل والإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وملك النمسا وولى عهد بروسيا.

وكانت دار الأوبرا الخديوية تتسع لـ 850 شخص، وكان هناك مكان مخصص للشخصيات الهامة واتسمت تلك الدار بالعظمة والفخامة.

وتستضيف دار الأوبرا المصرية أهم الأحداث والفعاليات الفنية في مصر والشرق الأوسط كان أهمهم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يُعد أهم حدث فني ثقافي في مصر والشرق الأوسط.

أخر كلمة: ماتفوتش قراءة: نادين لبكي تشارك بفيلم “وحشتيني” بمهرجان القاهرة السينمائيهم

تعليقات
Loading...