جمع ما بين الجمال المعماري والتاريخ: عن زيارتنا لجامع أحمد بن طولون

اتعودنا كل فترة ناخدكم مكان أثري، نتفرج فيه على معالم مصر المحروسة، فقررنا نروح جامع أحمد بن طولون في حي السيدة زينب. وأنا في الطريق، لفت نظري شارع الأشراف، أهم شارع في منطقة الخليفة، شارع مليان بالأضرحة، وفيه مسجد السيدة نفسية والسيدة رقية مقام ابن سيرين وغيرها.

حتى شكل البيوت والمحلات فيها لسه محتفظة بالطراز القديم، ولما اتكلمت مع شخص من أصحاب المحلات اسمه عم محمد، قال: “مصر فيها أماكن حلوة كتير زيّ الدرب الأحمر وسوق السلاح وحارة الروم والسبيلات والبوابات، زمان كانت مصر بتستخدمها علشان تقفل على نفسها، زي بوابة المتولي والنصر، ولما مشيت شوية في الشارع قبل ما أطلع على الجامع، لفت نظري يافطة مكتوب عليها: “قرب جرب بس وشوف.. جوا الزفة لف وطوف”.

جولتنا في جامع أحمد بن طولون

من المساجد اللي لها تاريخ كبير، وبيعتبر من أكبر مساجد اللي اتبنت في العالم الإسلامي وأقدمها، ده غير إنه لسه محتفظ بحالته الأصلية، أول ما وصلت لفت انتباهي بوابة الجامع الأثرية وكانت مفتوحة “على مصرعيها” زي ما بيقولوا، وأول ما دخلت اتفاجأت من مساحة الجامع الكبيرة وارتفاع الأعمدة والطراز نفسه اللي موجود في تفاصيل الأعمدة، وخدت بالي من المحراب الرئيسي اللي متطرز من الفسيفساء الزجاجي، وفيه كلمة الشهادة بالخط الأسود، وكان بيعلوه قبة صغيرة، ولما دخلت ساحة المسجد لقيت “المضيأة” المخصصة للوضوء، ومبنية على أعمدة رخام وفوقيها قبة.

ده غير الشرفات اللي بتبقى مبنية فوق أي مسجد جنب بعضها بشكل مرصوص، ودي بتبقى عبارة عن وحدات زخرفية وأشكال هندسية، وكانت في جامع أحمد بن طولون على شكل عرائس، وبيعتبر الشكل ده من الأشكال اللي مالهاش زيّ في المساجد أو حتى القصور.

وبيقول حسني نويصر، في كتابه (العمارة الإسلامية فى مصر فى العصر الأيوبي والمملوكي) عن جمال الشرفات دي: “تعتبر شرفات مسجد ابن طولون من الأشكال الفريدة فى شكل الشرفات المعمارية، فلا يوجد لها نظير فى مساجد أخرى داخل مصر أو خارجها، حيث إنها تتخذ شكل العرائس التى ترفع يدها بالدعاء والابتهال”.

مئذنة لا مثيل لها

أكتر شيء مميز في المسجد هو مئذنته الحلزوية، واللي بتعتبر الوحيدة في المعمار القاهري كله، وبتطلعها عن طريق سلم دائري ملفوف من باب خلفي غير باب الدخول الرئيسي، بس خلي بالك لإن السلالم اللي هتطلعها كتير وضيقة أوي، وهتاخد وقت وأنت بتطلعها، بس أول ما توصل لها هتنسى كل التعب وهتقدر تشوف المسجد كله من فوق والقاهرة كمان، ولو دققت هتلمح قلعة صلاح الدين الأيوبي من بعيد.

بس لو شخص بيعاني من فوبيا الأماكن المرتفعة ماننصحوش بالتجربة دي، لإن على قد ما الموضوع كان مميز وممتع على قد ما كان مخيف، خصوصًا إن ماكانش في سور حاجز.

جمع ما بين التاريخ والجمال

لما دورت على تاريخ الجامع، لقيت إن في تفاصيل كتير في تاريخ بنائه لازم نعرفها بعيدًا عن تجربة الزيارة نفسها، المكان كان جزء من عاصمة مصر الجديدة، اللي استقل بها أحمد بن طولون عن الخلافة العباسية، والمثير للاهتمام إن اللي بناه معماري مصري قبطي اسمه سعيد بن كاتب الفرغاني، ويقال إنه اتبنى بشكل مقاوم للنيران ولمياه الفيضان، وفي القرن 12 الهجري، اتحول لـمصنع للأحذية الصوفية.

واتبنى المسجد فوق قبة صخرية كانت معروفة بـ “جبل يشكر” وفي رواية للمقريزي: “بنى ابن طولون جامعه في موضع يعرف بجبل يشكر، بين مصر وقبة الهواء، وهو مكان مشهور بإجابة الدعاء، وقيل إن موسى عليه السلام ناجى ربه عليه بكلمات”.

مسجد أحمد بن طولون جمع ما بين التاريخ والجمال، يكفي إنه مافيش جامع في مصر اتبنى على نفس الشكل، الدخول مجاني يوميًا من 9 صباحًا لـ 4 مساءً، أما عن الأنشطة اللي ممكن تعملها في المسجد، ممكن تاخد صور في كل ركن فيه وتعيش تجربة طلوع المئذنة، وتقدر كمان تعدي على بيت الكرتيلية في سكتك وشارع الأشراف.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: فيرونيكا نمر: بعدت عن كل الوظائف التقليدية وقررت تبقى “بائعة خضار”

تعليقات
Loading...