بتلخيص الأفلام وتطور الصحافة: هل مدة تركيزنا فعلًا ثواني معدودة؟

عارفين إن مؤخرًا رتم الحياة بقى سريع -جدًا- والإنسان بيجري ورا حياته، واليوم حاسين إنه بقى 4 ساعات مش 24 ساعة. وده بيترتب عليه سرعة رتم كل حاجة حوالينا، والموضوع وصل لإننا بنكسل نقرأ الأخبار الطويلة وعايزين سطرين يلخّصوا لنا اللي بيحصل بشكل سريع، حتى هواية ومتعة مشاهدة فيلم ولا مسلسل، بقينا نختصرها وندور على ملخص يقولنا الفيلم في 10 دقايق، رغم إن دي كانت الهواية اللي بنهرب لها من ضغوطات وروتين علشان نعيش في رحلة لمدة ساعتين مع أشخاص وأحداث ومشاعر مختلفة. طب إيه علاقة ده بمدة تركيز الشخص والدراسات اللي بتتعمل عليها؟

مدة تركيز وانتباه الشخص الطبيعي ماتتعداش 8 ثواني

في آخر دراسة علمية اتعملت في 2015 والدنيا وقتها اتقلبت، أثبتت إن مدة انتباه الشخص الطبيعي لا تتعدى 8 ثواني، وده بانخفاض كبير عن الدراسة اللي قبلها اللي اتعملت سنة 2000، اللي وقتها أثبتت إن مدة تركيز وانتباه الشخص كانت 12 ثانية، وطبعًا من 2015 لحد دلوقتي أكيد الأرقام دي قلّت أكتر، يعني علشان تحصل على انتباه الشخص اللي قدامك أو اللي تقدم له محتوى، قدامك ثواني معدودة -تتعد على صوابع الإيد الواحدة تقريبًا- وبعدها هتخسره.. متخيل؟

ده غير دراسة تانية بتقول إن الإنسان الطبيعي بيفقد تركيزه 4 مرات في الثانية الواحدة، ودي دراسة تم نشرها على موقع (Medical Daily).

الأرقام المرعبة دي لو بصينا لها واحنا بنصنع محتوى، هنلاقي إننا في تحدي علشان نقدم أي نوع من المحتوى، لازم تختصر وتقول المفيد ومحتواك يبقى جذاب بنسبة 1000%، علشان يا تلحق تركيز المتلقي يا تخسره للأبد والمحتوى يتركن.

تلخيص الأفلام والمسلسلات

مؤخرًا لقينا فيديوهات منتشرة على السوشيال ميديا وتحديدًا على يوتيوب، لقنوات بتلخص أفلام ومسلسلات بمختلف أنواعها؛ عربي أجنبي درامي كوميدي خيال علمي، القنوات دي بتلخص الفيلم في حوالي 10 دقايق، والمسلسل في حوالي نص ساعة.

يعني بدل ما تتفرج على حلقات ومواسم المسلسل، تعرف ملخص الأحداث وتجيلك البهاريز والخلاصة على طبق من دهب، وبالمناسبة الفيديوهات دي بتكون من غير تحكيم شخصي أو إبداء رأي اللي بيسجل التلخيص، هو مجرد بيحكيلك الأحداث باختصار علشان وتيرة الحياة السريعة اللي احنا بنلف فيها دلوقتي.

الناس اتقسمت في الفكرة دي لوجهتين نظر، وجهة النظر المؤيدة شايفة إن فعلًا الحياة بقت سريعة والواحد مش لاحق يعمل حاجة، وإن التلخيص ده اختراع حديث بيخليهم يعرفوا أكبر عدد من الأفلام والمسلسلات في أقل وقت ممكن، وإن ليه أقعد أتفرج على فيلم في ساعتين وأكتر لما ممكن أعرف الخلاصة في كام دقيقة، بدل ما أضيع وقتي -اللي مش لاقيه أساسًا- في حشو ومط وتطويل، ويا الفيلم يعجبني يا أندم على الوقت اللي ضيعته.

وفي وجهة نظر تانية معارضة، شايفة إن “الاختراع” ده بيضر الفن نفسه وبيهدمه، لإنه بيمحي متعة مشاهدة الأحداث وتسلسلها والدخول في تفاصيل العمل الفني نفسه بكل أركانها، وشايفين إن في صناعة كاملة بيتم تهميشها في التلخيص ده، لإنه بيتحكي فيه الخطوط العريضة للعمل الفني من غير ما يعيشك الحالة كاملة.

من الموسيقى التصويرية اللي بتعيشك جوا الحالة الدرامية، للتفاصيل الصغيرة اللي بيتعب فيها طقم العمل من كاتب ومخرج ومتخصصين في الديكور والتصوير وهكذا، كل الحاجات اللي بتخليك فعلًا تعيش مع القصة والشخصيات والأحداث، واللي بتكون العامل الأساسي لكل المشاعر اللي بتوصل لك، كل ده بيتمحي في التلخيص، طب وهستفيد إيه بقى لما أعرف خطوط عريضة ونهاية وأمشي؟

تطور الصحافة

الصحافة ممكن تبقى من أوائل المتأثرين في الموضوع ده في العالم كله، التحول السريع والتطور اللي خلّى الصحافة الورقية والجرايد قربت تختفي بسبب المنصات الرقمية -اللي احنا منها- واتغير شكل الصحافة وطريقتها في حاجات كتير بناء على التحول ده.

زمان كانت الناس لازم كل يوم الصبح تشتري الجورنال وتقرأ عن كل حاجة في العالم، تقرأ الأخبار السريعة وكمان تتعمق في الموضوعات المختلفة للصحفيين، ومقالات الرأي، وده كان جزء مهم من حياة المواطن.

مع الوقت كل ده بيتغير، دلوقتي بنواجه تحدي علشان نخلّي الناس تقرأ الموضوع للآخر، باللغة الدارجة “بنتشقلب” علشان المقال يُقرأ كامل، علشان زي ما قولنا في الأول، قدامك ثواني معدودة يا تخطف انتباه المتلقي يا تخسره.

المعلومات دلوقتي بقى الأفضل تتقدم في شكل سريع ومبسط بقدر الإمكان، زي ما تقول كده تدي المعلومة للقارئ بالمعلقة، تقدر تعملها في فيديو يبقى خير وبركة عشان ناس كتير بتكسل تقرأ وبتفضّل تتفرج على شخص يحكيلها، قدرت تحط بقى كلام مقروء على الفيديو نفسه علشان ممكن المتلقي يبقى مكسل يفتح الصوت في الفيديو وعايز يقرأ الترجمة على الشاشة على طول -زي العبد لله- اعمل كده، يا حبذا لو اختصرت لنا بقى المقال الألفين كلمة ده في بوست على فيسبوك ولا إنستجرام علشان ناخد المعلومة ونكمل تقليب أو نشوف كنا بنعمل إيه في حياتنا، اعمل اللي تقدر عليه علشان تقدم المعلومة بشكل سريع يتلقاها اللي قدامك في أسرع وأسهل طريقة ممكنة.

التعليم والاحترافية

هنا نقصد بـ “التعليم” هو تعلم كل شيء، مش التعليم في المدارس بس أو المنظمة التعليمية، الجانب ده تأثر بشكل كبير وخطير بسبب النظرية اللي بنناقشها، ويمكن ساعد في التأثر ده التكنولوجيا، بمعنى إن دلوقتي ممكن تقابل ناس كتير في مجالات مختلفة، وتعرف إنهم مش محترفين أو متعملين المهنة دي أساسًا، طب وبيمارسوا المهنة على أساس إيه؟

“ياعم ده هما كام فيديو على اليوتيوب وتبقى مونتير” ده نموذج من اللي بقابلهم، في مهن كتير وده على سبيل المثال وليس الحصر، بس برضه عايزين نوضح إن ده مالوش علاقة بفكرة الشيفت كارير أو إنك تغير مهنتك لأي سبب، كل واحد له مطلق الحرية يختار مهنته، بس يتعلمها الأول.

ناس كتير بتنتحل مهن مش بتاعتها وماحصلتش فيها على التعليم الكافي اللي يؤهلها لممارسة المهنة دي، ولو فكرنا في أبعاد الموضوع، هنلاقي نسبة الخطورة أبعد ما يكون عن خيالنا، تخيل لو دكتور كان بيكسل يذاكر ويبحث في المراجع وكان بيكتفي بملخصات وفيديوهات لواحد هندي على اليوتيوب ليلة الامتحان، ولا مهندس اتبع نفس الطريقة، تقدر تتخيل ده في كل المهن، الموضوع هيوصل لإيه؟

مواجهة الحقايق

احنا قدام حقيقة مثبتة في أبحاث علمية مش فضفضة بنشاركها مع بعض ولا ملاحظات على مجموعة من البشر، طب هنقف لحد هنا؟

خلاص احنا قدام حقيقة إننا بنفقد تركيزنا في ثواني، وإننا عايزين كل حاجة تكون متلخصة وسريعة، هل ينفع نستسلم لحد هنا؟

على الأقل، بنحاول محاولات فردية نعمل اللي شايفينه ممكن ينقذنا، في إننا ندي للحاجة حقها حتى لو مش على أكمل وجه، لو هنعمل حاجة نحط فيها تركيزنا كله، لو هنتفرج على فيلم يبقى نديله كل اهتمامنا في الساعتين دول، هنذاكر يبقى نفصل دماغنا من أي حاجة تشتت انتباهنا عنها، يمكن نغير الحقيقة دي، يمكن مدة تركيز الناس تعلى وتعكس التوقعات.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: بتعاني من قلة التركيز وضعف الذاكرة: دي بعض النصائح اللي هتساعدك تقوي ذاكرتك

تعليقات
Loading...