أحمد رحمة: اتحدى كل الصعوبات وبقى أول معيد كفيف في كلية الإعلام

النهارده بنحتفل باليوم العالمي للإبصار، وده يوم توعوي للكشف المبكر والوقاية من ضعف البصر وفقدانه، بس اليوم ده احنا حبينا نتكلم عنه بشكل مختلف، ونجيب نموذج فقد بصره بسبب الظروف، بس لسه عنده بصيرة وجد واجتهاد وصلوه لأعلى الأماكن، وطموحه مابيخلصش، وإعاقته ماوقفتش في طريقه. اتكلمنا مع “أحمد رحمة” معيد في كلية الإعلام جامعة القاهرة، شخصية عاشت رحلة طويلة من الصعوبات المتتالية، بس قدر يعديها بالصبر والأمل في إن اللي جاي أحسن.

كان عنده حب الكتابة والقراءة من وهو عنده 3 سنين، وكان بيحب يقعد مع أخواته يشوفهم بيعملوا إيه ويتعلم معاهم، لدرجة إن أهله جابوا له مدرس خاص وهو في السن ده، وأتقن القراءة والكتابة وهو عنده 4 سنين.

كان حلمه من وهو صغير إنه يبقى دكتور ويعالج الناس، لحد ما دخل المدرسة وهو عنده 6 سنين، وفي أول سنة حصلت له الحادثة اللي غيرت حياته.

الحادثة كان سببها سوء تفاهم، قال لنا دكتور أحمد رحمة: “راجل ربنا يسامحه افتكر إني اتعديت على ابنه، مع إن أنا اللي كنت بحاول أنقذه، فجيه بغشومية شديدة ضربني، وده اتسبب في انفصال في الشبكية وحصلي نزيف حاد، ومع تتابع العمليات بدأت أفقد بصري.. لحد ما وصلت لسنة رابعة ابتدائي وماكنتش بشوف تمامًا”.

وكمل كلامه: “دخلت مدارس متخصصة للمكفوفين، والأساتذة في المدرسة كانوا شايفين إن والدتي بتبذل مجهود ضايع علشان تخليني متفوق، وكانوا بيقولوا لها “أهو هيتخرج بأي مجموع وهيدخل كلية آداب، حتى لو بـ 50 %، وده لإن القانون وقتها كان بيقول كده، بما إنها كلية نظرية ومافيهاش عملي، بس أنا حلمي اتغير وقتها وكنت عايز أدخل كلية الإعلام لإنها كانت بالنسبة لي هي القمة”.

بصبره واجتهاده، قدر دكتور رحمة إنه يطلع الأول على الجمهورية في الثانوية العامة، بس فرحته كانت مخلوطة بخوف، لإن حلمه وقتها إنه يدخل كلية الإعلام وماكانش عارف هينفع ولا لأ.

في وقت تكريمه كلم الوزير وقال له: “أنا تفوقت، ازاي هتحرم من كلية ممكن حد تاني جايب مجموع أقل يدخلها؟” فرد عليه وقاله: “لأ طبعًا مادام في شعبتك الأدبي ماحدش يقدر يحرمك منها” ووقتها الوزير قدم طلب واتناقش في مجلس الجامعات، وبعد أسبوع كلموه وقالوا له ماتقلقش أنت هتدخل بس امشي في إجراءات التنسيق، ولما دخل لقى في 3 مكفوفين دخلوا برضه بمساعدة جهات عليا.

الدراسة في الكلية ماكانتش سهلة، وده اللي قاله دكتور أحمد رحمة: “كنت بفضل طريقة برايل في المذاكرة، لإن المعلومة بتثبت أكتر لما بلمس الحروف بإيدي، وكنت بقدر أحفظ كتاب بفضل الطريقة دي، بس المناهج في الكلية ماكانتش مخصصة للمكفوفين، فكنت بشتري الكتاب لإن ماكانش فيه أونلاين ساعتها، وبروح لمركز يحول الكتاب من ورق لملف على برنامج “وورد” وباخده وأروح مكتبة تانية متخصصة في الطباعة لبرايل، فالموضوع كان مكلف جدًا”.

اتخرج من الكلية وكان الأول على دفعته، وكان مستني يتعين معيد، بس حكى لنا على موقف حصل له مش قادر ينساه وقال: “الدكتور اللي كان بيعملي كشف طبي، علشان يشوف إذا كنت لائق ولا لأ لمنصب معيد قال لي: “هو أنت ازاي دخلت الكلية أصلًا؟ ده عكس لوائح وقوانين كلية إعلام، يعني أنت انضميت للكلية وكمان عايز تتعين معيد؟ أنا هكتبلك غير لائق” وراح قال لوالدتي “أنا اعرف إن اللي زيهم بيروح يشتغل في الأزهر إمام مسجد.. ماتقلقيش هيشتغل”.

الموقف ده وقع عليه وقع الصدمة وماكانش عارف يعمل إيه ساعتها، لإن حلمه إنه يبقى معيد كده خلاص راح، بس اللي عرفه بعد كده إن والدته راحت من وراه لعميدة الكلية ووقفت معاها وكتبت مذكرة، ورفعتها لرئيس الجامعة واتوافق عليها، وقال “أنا مدين لعميدة الكلية بالفضل، برغم إن كان بينا مشاكل كتير وقت الجامعة”.

المهم إن حلمه اتحقق وبقى معيد في كلية الإعلام جامعة القاهرة، بس قابل عقبة جديدة في إن مشاريع الطلبة بتاعت التخرج كانت عبارة عن تصاميم مرئية، فكان بيستعين بزمايله المعيدين في الكلية، لحد ما اتجوز آية زميلته في الجامعة وحب حياته، كانت مصممة رسوم متحركة محترفة “جرافيك ديزاين” وبقت هي عينه اللي بيشوف بها، وعين خبيرة كمان، وكانت بتحضر المحاضرات معاه، وبفضلها مشاريع تخرج الطلبة اللي كان بيشرف عليها كانت بتاخد مركز أول.

وفي كلمة أخيرة قال: “كنت بشوف أهلي تعبوا معايا ازاي وببقى طول الوقت عايز أرد لهم الجميل، ودي رسالة أحب أقولها لكل أب وأم “ماتكونوش حيطة سد في وش أولادكم، خليكم حيطة يستندوا عليها وقت الأزمات، وطول ما أنت فيك نفس هتفضل تدي واجتهادك هتشوفه في الدنيا، ولما ربنا بيحط حد في اختبار بيبقى قده”.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: ازاي نتعامل مع أطفال متلازمة داون “متلازمة الحب”؟

تعليقات
Loading...