بين خطورتها وخوف من اختفائها: مهنة الدوبلير من زمان لدلوقتي
مهنة خطيرة، لكن مع ذلك ماحدش بيلتفت لها ولا بيديلها حقها أو حتى أي اهتمام، ظهرت زمان لكن بمرور الوقت بتُستبدل وحاليًا في طريقها للاندثار للأبد. الدوبلير بيكون جندي مجهول في العمل الفني، ممكن يعيش ويموت من غير ما حد يعرف حتى اسمه، وممكن يتعرض لإصابة عمل خطيرة من غير مقابل مادي يتناسب مع حجم المخاطرة اللي بيقوم بها، وحتى من الناحية الفنية حقه مهدور وماحدش بيشيد به، للأسف مهنة الدوبلير من المهن المظلومة في صناعة السينما والدراما على مدار سنين.

بداية المهنة
في البداية، خلينا نقول تعريف بسيط للمهنة، الدوبلير هو الشخص اللي ينوب عن البطل في أداء المشاهد الخطرة في الأفلام السينمائية، وفي بعض الأعمال الدرامية اللي بتتطلب وجود مشاهد عنف، وبيستعين مخرج العمل بشخص متمرس ومحترف يقدر يقوم بالمهام الصعبة بالنيابة عن بطل العمل.
المخرج بيستعين بالدوبلير في مشاهد المطاردات والأكشن ومشاهد الحريق، وأحيانًا مشاهد الخناقات والضرب، ده غير اللقطات الخطيرة اللي بيظهر فها الممثل بإنه البطل الخارق، والدوبلير بيتم اختياره بحيث يكون شبه الممثل الأصلي في هيئته، ويقدر يقوم بالمهمة اللي البطل مش هيقدر يقوم بها.
المخاطرة مقابل أجر قليل ونسيان
كنا بنقول إن نسبة الخطر في مهنة الدوبلير عالية جدًا، وإنها في الأساس بتعتمد على الخطر. وهنا الدوبلير محمد مجدي اتكلم عن تجربته الشخصية وبيحكي: “في الحقيقة الموضوع خطر فعلًا وبيتطلب شخص شجاع، أنا شخصيًا لا أشعر بالخوف”.
وكمل: “من سنين، كنت في سيارة وانقلبت إثر حادث سير، وكل اللي فيها ماتوا ما عدا أنا، علشان الموت قدر قبل أي شيء، لكن جدير بالذكر إننا بنرتدي ملابس معينة قبل التصوير، بتقلل من الصدمات وتخفف من حدة الخطر، ولكن الأمر المزعج مش بس حجم الخطر، لكن الراتب، الأجر في كثير من الأحيان لا يصل لأكثر من 100 دولار للمشهد الواحد”.
تطور المهنة.. للتقدم ولا للاندثار؟
المخرج محمد كامل القليوبي، في لقاء صحفي، أشار إلى إن مهنة الدوبلير مرتبطة بالعرض والطلب، وقال إن طبيعة الشعب العربي زمان لم تكن تميل لأفلام العنف، وكان المتعارف عليه إن فنانين السيرك هم اللي بيقوموا بمهنة الدوبلير، زي مدرب الأسود محمد الحلو، اللي كان بيظهر بديل لفريد شوقي سنين طويلة، لقربه منه في الحجم والشكل.
لكن من ناحية تانية، لو افتكرنا مشاهد من أفلام قديمة، هنلاقي إن معظم مشاهد الخناقات والضرب كانوا بيستعينوا فيها بدوبلير، حتى لو بسيطة، لكن تقريبًا الممثلين زمان ماكانوش بيحبوا المخاطرة.
في السنين الأخيرة، نسبة الأكشن والمغامرات والمشاهد الخطيرة في الأفلام وحتى المسلسلات بقت كتير، فبدأ صناع السينما يلجؤوا لمحترفين في المهنة، خصوصًا مع الإجماع على رفض فكرة قيام النجم بتصوير المشاهد الخطيرة بنفسه، زي ما بيعمل أحمد السقا وقبله رشدي أباظة وأحمد زكي، لإن في حالة إصابة النجم بيتم إيقاف التصوير، وده بيعطل العملية الإنتاجية.

ودلوقتي، التقنيات الحديثة اللي بيتم استخدامها في الأفلام بقت بتقوم بالدور ده وبتعلّي على الإمكانيات الفردية لأصحاب المهنة، اللي بيعتمدوا على نفسهم وخبراتهم الذاتية ومحاكاتهم للسينما العالمية بدون دراسة منهجية، فبقت المهنة في طريقها للاختفاء.
هل الدوبلير حياته المهنية مربوطة بممثل واحد فقط؟
جيه في بالنا تساؤل، بما إن الدوبلير بيعتمد بشكل أساسي على الشبه بينه وبين الممثل، طب معنى كده إن الدوبلير ده مش هيشتغل غير بديل للممثل ده فقط في مشاهد؟ وانتهت مهنته لحد كده؟
هنا جاوب مجدي وقال: “من خلال علاقاتي بمكاتب الكاستنج، طلب أحد المعدين أن أكون دوبلير في فيلم لتامر حسني، البعض يقول إنني شبهه، ولكن علشان أكون صريح، الموضوع مش بيعتمد دايمًا على الشبه فقط، وأحد معدين الفيلم قالي إن وجهي يمكن تشكيله على أي فنان، ودي ميزة في المهنة دي، تخليني قادر أمثل دور أي ممثل في المستقبل”.
تفتكروا المهنة هيفضل لها مكان في صناعة السينما ومش هتتأثر مهما كان في تقنيات حديثة بتظهر يوم بعد يوم؟ ولا هييجي علينا يوم والمؤثرات دي تنهي مسيرة مهن كتير ومنهم الدوبلير؟