في رأس السنة المصرية القديمة: لكل شهر عند جدتي مَثَل يعبر عنه
النهارده، 11 سبتمبر، بيوافق أول يوم في السنة المصرية القديمة، أول يوم في شهر توت لسنة 6264. بيقول الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، إن التقويم المصري القديم هو واحد من أقدم التقاويم في العالم، وبيوضح عبدالبصير إن رأس االسنة المصرية هو احتفالية عيد النيروز اللي لسه بيحتفل بيه الأقباط لحد النهارده في الكنايس المصرية.
وعن السنة القبطية بيقول عبدالبصير إن تقويمها بيعتمد بشكل كامل على التقويم المصري القديم، وإن التقويمين بيعتمدوا نفس أسماء الشهور، واللي قسمها المصري القديم لـ12 شهر، كل واحد منها 30 يوم، وشهر 13 بيتكون من خمس أو ست أيام، اسمه النسئ، وبيوضح إن المصري القديم فرق بين السنة الكبيسة والسنة البسيطة.
التقويم المصري القديم مرتبط بشكل مباشر بمواسم الزراعة والفيضان وبيدل عليها بشكل دقيق، وعلشان كده لسه الفلاحين المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين، بيستخدموا نفس التقويم لحد النهارده.
كانت جدتي الله يرحمها، اللي عاشت طول حياتها في قرية في أقصى شمال أسيوط، ماتعرفش أسماء شهور السنة غير باسمائها المصرية القديمة، وكان عندها مَثَل لكل شهر، وكل مَثَل فيهم بيدل بشكل دقيق على مكانة الشهر الخاص بيه في مواسم الزراعة، وفي المقال ده هسجل كل مَثَل من الأمثال دول:
كانت تقول على شهر توت: “توت، إروي ولا تفوت”، وبيقول دكتور إن توت هو الشهر التاني من شهور الفيضان التلاتة في مصر. وكان بداية موسم ري الأرض الزراعية، وبالتالي المثل ده بيقول للمصري يلحق يروي أرضه قبل ما المياه تنحسر.
أما الشهر التاني في التقويم المصري القديم فهو بابه، وكانت تقول جدتي: “بابه، خش واقفل الدرابة”، والدرابة هي بوابة البيت، ولإن الشهر ده بيوافق شهر أكتوبر وهو بداية البرد الشديد، فبيحث المثل على مقاومة البرد باللجوء لدفء البيت.
أما الشهر التالت هاتور، كانت تقول فيه: “هاتهور، أبو الدهب منتور”، ومنتور بلهجتها يعني “منثور”، وقصدها بالدهب هو سنابل القمح اللي أصفرت في الغيطان وقربت على موسم الحصاد.
وكانت تقول على كيهك، الشهر الرابع: “كيهك، صباحك مساك.. شيل إيدك من غداك وحطها فى عشاك”، وكانت تقصد إنه بداية فصل الشتاء واللي فيه بيقصر النهار وبيطول الليل، فأول ما تصحى الصبح وتقول يا فتاح يا عليم تلاقي العصر أذن والمغربية داخلة عليك، فكإنك تقوم من على الغدا من هنا وتلاقي نفسك قاعد تتعشى.
أما الشهر الخامس طوبة فكان ليه مثل هو الأحب على قلبي: “طوبة، تخلي الشابة كركوبة”؛ وقصدها إن من كتر ما الدنيا بتبقى برد حتى الشباب يتلفوا ويستخبوا زيّ العواجيز.
والشهر السادس هو أمشير، وكانت تقول فيه: “أمشير، أبو الزعابير”، والزعابير بلهجتها هي الزعابيب، وده علشان رياحه الشديدة المحملة بالتراب، وكانت الله يرحمها ما بتحبش الشهر ده خالص علشان كان عندها حساسية وجيوب أنفية. وشهر أمشير تمت تمسيته كده نسبة للإله المصري القديم “مَخير“، وهو إله الزعابيب والعواصف.
شهر برمهات، هو الشهر السابع، وكانت بتقول عنه: “برمهات، روح الغيط وهات”، ولإنه موسم نضج الثمار في الغيطان، فهو الشهر اللي بيتمتع فيه المصري بكل خيرات الأرض الزراعية.
أما الشهر التامن برمودة، فهو شهر حصاد القمح فكانت بتقول عنه: “برمودة، دُق العامودة”، والعامودة هي عمود من الخشب بيتحط وسط جرن القمح وبيتحرك بشكل دائري علشان يتم فصل الحبوب من السنابل بالطريقة المصرية القديمة.
وييجي الشهر التاسع في السنة بشنس، فكانت تقول: “بشنس، يكنس الأرض كنس”، ولإنه الشهر اللي بييجي بعد شهر الحصاد بتكون الغيطان فاضية من المزروعات، وعلشان كده بشنس بيفضي الأرض زيّ ما يكون بيكنسها كنس.
وشهر بؤونة هو الشهر العاشر اللي كانت بتقول فيه: “بؤونة، تنشف المياه من الماعونة”، وعلشان هو شهر شديد الحرارة لدرجة إن المياه بتتبخر فيه لدرجة إن أواني المياه بتنشف من حرارته.
الشهر الـ11 هو أبيب، واللي كان بيستوي فيه العنب وبيتم حصاده فكانت تقول: “أبيب، فيه العنب يطيب”، والشهر الـ12، هو مسرى، أول شهور فيضان النيل، وكانت بتقول فيه: “مسرى، تجري فيه كل ترعة عسرة”، يعني حتى الترع اللي المياه مش بتوصل لها طول السنة، بتتملي مياه في الشهر ده.
بيعلق الدكتور حسن عبدالبصير على الأمثال اللي تم ذكرها دي وبيقول: “مصر القديمة ماماتتش. مصر القديمة لسه عايشة فينا وبينا، مصر هي اللي علمت العالم”.