من الرسوم المتحركة إلى الخوارزميات: هل يهدد الذكاء الاصطناعي سحر “استديو غيبلي”؟

في عالم يتسارع فيه التقدم التكنولوجي بوتيرة غير مسبوقة، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز اللاعبين في مشهد الإبداع.

ومن بين الألوان والخطوط التي تعيد تشكيل كل ما نعرفه، ظهر ترند جديد اجتاح منصات التواصل الاجتماعي، ليعيد إلى الأذهان سحر “استوديو غيبلي” الشهير، الذي لطالما أسرت رسومه المتحركة قلوب ملايين من المشاهدين حول العالم.

في هذا الزمن الذي يتداخل فيه الواقع مع الخيال، أخذت الخوارزميات على عاتقها مهمة تحويل الصور إلى أسلوب استوديو غيبلي، فانتشرت بسرعة البرق على منصة ChatGPT، لتنتج نحو 700 مليون صورة في أسبوع واحد فقط.

لم يكن هذا النجاح مفاجئًا، ولكن السؤال الأبرز يبقى: ما الذي دفع الملايين للانجراف وراء هذه الموجة؟ هل نحن أمام ظاهرة جديدة تمزج بين الحنين إلى الماضي وسحر الذكاء الاصطناعي، أم أن هذا التحول يمثل تهديدًا حقيقيًا للفن والإبداع الذي طالما ارتبط بالإنسانية؟

بين غزارة التكنولوجيا ورغبتنا في الحفاظ على سحر الذكريات، تبرز الأسئلة التي تدور في أذهاننا: هل الذكاء الاصطناعي سيعيد كتابة تاريخ الفن، أم أنه سيشكل خطرًا على الهوية الفنية التي لطالما عُرفت بها استوديوهات غيبلي؟

لا تفوّت قراءة: DeepSeek وChatGPT: مقارنة بين السعر والأداء

تريند غيبلي: حين تلاقت النوستالجيا مع سحر الأنمي

أعاد تريند “استوديو غيبلي” عبر الذكاء الاصطناعي الحنين إلى الطفولة والذكريات الفنية القديمة.

في الوقت نفسه، جاء هذا من خلال إصدار شات جي بي تي الجديد المدعوم بنموذج GPT-4o المتطور والدقيق.

يتميّز الإصدار بقدرته على توليد صور أنمي نابضة بالحياة باستخدام أوامر بسيطة وسريعة التنفيذ.

ولذلك، تفاعل المستخدمون بقوة، وبدأوا في تحويل صورهم الشخصية إلى مشاهد أنمي ساحرة على فيسبوك وإنستغرام.

بالإضافة إلى ذلك، شهدنا صورًا تخيلية لأفلام شهيرة مثل “الكيت كات” و”لن أعيش في جلباب أبي” بأسلوب غيبلي.

وتميزت الصور بألوان دافئة وأجواء فنية أعادت النوستالجيا المصرية في قالب ياباني مميز.

ومن جهة أخرى، لم يسلم السياسيون من هذا التريند، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وشملت الصور مواقف مثيرة، أبرزها خلافه مع زيلينسكي، وأحداث 11 سبتمبر وسقوط برجي التجارة العالمي.

هذا التريند فتح نقاشًا واسعًا حول دور الذكاء الاصطناعي في إعادة صياغة التاريخ والذاكرة البصرية.

صور الأنيمي بأسلوب غيبلي تجتاح الإنترنت.. براد بيت وألتمان وماسك في قلب الترند!

انتشرت مؤخرًا صورٌ معدّلة باستخدام الذكاء الاصطناعي تظهر نجم هوليوود براد بيت بأسلوب أنيمي ساحر مستوحى من أفلام استوديو غيبلي الشهير.

هذا الترند الجديد انطلق بقوة على منصات التواصل، بعد أن نشر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “OpenAI”، صورة له ولعدد من موظفيه بتصميم غيبلي، عبر حسابه على منصة “X”.

ألتمان غرّد مازحًا قائلاً: “تستيقظ لتجد مئات الرسائل: انظر، لقد جعلناك تبدو كفتى أنيمي في أسلوب غيبلي!”

ولم يتوقف عند ذلك، بل غيّر صورته الشخصية إلى النسخة الأنيمي، مما ساهم بشكل كبير في انتشار الترند.

وفي تغريدة أخرى، شارك ألتمان صورة له مع مهندس الابتكار غابرييل غوه—مطور الأداة الجديدة—بعد تحويلها إلى صورة أنيمي، وكتب: “كان هذا عملاً حقيقيًا بكل الحب. غاب @gabeeegoooh، مبروك جابي؛ عمل ممتاز! وهذا ما أنشأناه أثناء البث المباشر.”

أما الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لمنصة “X”، فقد شارك في الترند بطريقته الخاصة، حيث نشر صورة فكاهية له بشخصية رافيكي من فيلم “الأسد الملك”، وهو يرفع كلبًا صغيرًا كأنه “ملك الإنترنت المنتظر”، مضيفًا تعليقًا طريفًا:

حوّل صورك العادية إلى أنمي بأسلوب غيبلي!

يمكنك تحويل أي صورة لديك إلى رسمة أنمي مذهلة على طريقة استوديو غيبلي بكل بساطة عبر منصة شات جي بي تي. فقط افتح محادثة جديدة، ثم:

قم برفع الصورة التي ترغب بتعديلها.

اكتب العبارة التالية (بالإنجليزية أو بالعربية):

بالإنجليزية:
Convert this photo into a Ghibli-style anime image.

بالعربية:
حوّل هذه الصورة إلى ستايل غيبلي لصور الأنيمي.

وشاهد كيف تتحوّل صورتك إلى مشهد ساحر من عالم الأنيمي!

لا تفوّت قراءة: كيف استدرجت FBC المستثمرين إلى فخ الاحتيال؟ استولت على 6 مليار دولار وخدعت مليون شخص

لماذا جذب تريند “استوديو غيبلي” الملايين؟ تحليل نفسي للظاهرة

حقق تريند استوديو غيبلي انتشارًا واسعًا، ويعود ذلك إلى عدة دوافع نفسية واجتماعية وراء استخدامه.

وأحد أبرز الأسباب هو ارتباط تأثيرات غيبلي بذكريات الطفولة والماضي البعيد، ما يوقظ مشاعر الحنين.

ولهذا السبب، يلجأ البعض إلى تحويل صورهم بأسلوب غيبلي كتجربة بصرية تعيدهم إلى لحظات دافئة وسعيدة.

وإضافة إلى ذلك، تعمل هذه التطبيقات غالبًا بألوان هادئة ومريحة، مما يمنح المستخدم شعورًا بالسكينة والطمأنينة.

ومن ناحية أخرى، قد يكون السبب فضولًا طفوليًا للتجربة أو تعبيرًا مرِحًا عن الذات بأسلوب مختلف.

وفي كل الأحوال، يجمع التريند بين الجمال البصري والعاطفة، مما يفسّر انتشاره السريع بين الملايين.

لا تفوّت قراءة: في 5 مجالات مختلفة: أفضل أدوات تستخدم كبدائل لشات جي بي تي

غيبلي والذكاء الاصطناعي: هل يهدد مفهوم الفن؟

مع تصاعد تريند غيبلي بالذكاء الاصطناعي، عاد للواجهة مقطع شهير للمخرج الياباني هاياو ميازاكي من عام 2016.

ظهر ميازاكي، أحد مؤسسي استوديو غيبلي، وهو يرفض استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن بشدة. وقال حينها: “لن أدمج هذه التقنية أبدًا، إنها إهانة للحياة ذاتها”؛ موقف صريح عبّر عن قلقه الإنساني.

وبالتوازي، اشتعل الجدل حول حقوق الملكية الفكرية، خاصة في أوساط الفنانين والمبدعين المستقلين.

وأكثر من 400 فنان في هوليوود وقّعوا شكوى ضد جوجل وأوبن آي، بسبب استخدام أعمالهم دون إذن.

وكما اعتبر عدد من المستخدمين أن صور غيبلي بتقنية الذكاء الاصطناعي تمثل تعديًا على حقوق الشركة الأصلية.

ورأى البعض أن هذه الميزة تسيء للإبداع وتشوّه الفن الأصيل الذي أبدعه الإنسان، لا الخوارزميات.

لا تفوّت قراءة: تحديث تشات جي بي تي-4O الجديد ..هيحس بيك من قبل ما تتكلم

الذكاء الاصطناعي والاستخدام العادل: هل يُهدد روح غيبلي؟

استوديو غبيلي تريند يجتاح مواقع التواصل

تسعى شركات التكنولوجيا حاليًا للضغط على البيت الأبيض والكونغرس لدعم استخدام المحتوى المحمي ضمن “الاستخدام العادل”.

و”الاستخدام العادل” مبدأ قانوني يسمح باستخدام محتوى محمي لأغراض تعليمية، نقدية، أو بحثية دون إذن مباشر.

لكن تبقى التساؤلات قائمة: هل تنطبق هذه الاستثناءات على الفن العاطفي والإنساني مثل أعمال استوديو غيبلي؟

خاصة أن مخرج غيبلي، هاياو ميازاكي، صرّح بوضوح: “أريد أفلامًا تقول إن الحياة تستحق أن تُعاش”.

وأضاف: “لا أريد أفلامًا يائسة تولّد مشاعر سيئة”؛ وهي فلسفة تقوم على الأمل والإنسانية.

وهنا يبرز السؤال الحقيقي: هل استطاع الذكاء الاصطناعي الحفاظ على هذا الشعور، أم هدم روح غيبلي بالكامل؟

بين محاولات تبرير الاستخدام وبين تمسك الفن بجوهره، يظل مستقبل الإبداع بين أيدي الخوارزميات والضمير الإنساني.

ما هو استديو غيبلي؟

استوديو غيبلي (Studio Ghibli) هو بالفعل أحد أعظم وأشهر استوديوهات الرسوم المتحركة في العالم، ويُعرف بإبداعه الفريد وأسلوبه المميز في سرد القصص التي تجمع بين الخيال، والفلسفة، والجمال البصري.

نبذة عن استوديو غيبلي:

  • تأسيسه: في 15 يونيو 1985 في طوكيو، اليابان.
  • المؤسسون: هاياو ميازاكي، إيزاو تاكاهاتا، وتوشيو سوزوكي.
  • النشأة: بعد نجاح فيلم ناوسيكا أميرة وادي الرياح (1984)، قرر المؤسسون إنشاء استوديو مستقل للإنتاج.
  • الاسم “غيبلي”: مشتق من كلمة عربية “قبلي” (رياح الصحراء الحارة)، واختير الاسم للدلالة على أنهم يريدون “تغيير الأجواء” في صناعة الأنمي.

لا تفوّت قراءة: حببتنا في الكارتون: أعمال أثبتت لنا إن الدبلجة المصرية فن مستقل بذاته

تعليقات
Loading...