الاستدامة في المنطقة العربية: بين الأمل في تحقيقها ومخاوف حولها
أصبحت (الاستدامة-sustainability) تمثل هدفًا رئيسيًا لكل الدول بالمنطقة العربية، والرغبة الأولى هي تحقيقها خصوصًا بعدما استضافت الإمارات وقبلها مصر؛ مؤتمر كوب والذي بدوره يكون حافزًا لتحقيق أهدافها، ولكن هل هذا حدث بالفعل؟ وما هي التحديات التي تواجه هذا الأمر؟
درجة الحرارة
الشركات في المنطقة العربية، تعمل في بيئات تتأثر بشكل متزايد بارتفاع درجات الحرارة، وفي اقتصادات ذات أجندات وطنية تركز على التنويع وإزالة الكربون، فقد حدد المزيد من الرؤساء التنفيذيين الإقليميين (15%) تغير المناخ بوصفه مصدر قلق رئيسي، مقارنة بالمتوسط العالمي (12%) وفقًا لاستطلاع (PwC) لـ”انطباعات الرؤساء التنفيذيين: نتائج منطقة الشرق الأوسط” لعام 2024. بالإضافة إلى ذلك، كانوا أكثر ميلًا إلى أن تغير المناخ محرك رئيسي للتحول المؤسسي الذي ستشهده الشركات في السنوات الـ3 المقبلة (36% مقابل 30%)، لذا يمثل التغير المناخي تحديًا في وجه فكرة الاستدامة نفسها في العالم العربي، خصوصًا مع ما نشهده من ارتفاع غير مسبوق أو انخفاض غير مسبوق في درجات الحرارة مؤخرًا.
حل ذلك
وإحدى حلول ذلك ظهر فيما تعمله الشركات، حيث أصبح هناك اتجاه عام لتعيين مناصب معنية بفكرةٍ الاستدامة وتهدف إلى تحقيقها، ولكن الحل الأكثر فعالية يظهر بوضوح في التطورات الملحوظة، التي تخص الارتفاع الكبير في تبني أهداف صافي صفر انبعاثات الغازات الدفيئة. فقد التزمت نصف الشركات التي شملها الاستطلاع في المنطقة بتحقيق صافي صفر انبعاثات، بينما تعمل %26 أخرى من الشركات بنشاط نحو تبني هذا التعهد. بينما تقود هذه الجهود شركات مثل (الاتحاد للطيران في قطاع الطيران، وأرامكو السعودية وأدنوك في قطاع النفط والغاز)، إلى جانب شركات الطاقة والمرافق مثل: “أكوا باور ومجموعة (stc) في السعودية”. كما تخطو الشركات اللوجستية الرائدة مثل (أجيليتي الكويتية) خطوات كبيرة أيضًا في هذا المجال الحاسم من الاستدامة.
تطورات ملحوظة
ومن التطورات الرئيسية على مدار العام الماضي، ظهور مصادر تمويل جديدة لجهود الاستدامة. وبينما لا يزال التمويل الذاتي شائعًا، فإن عددًا متزايدًا من الشركات ينظر إلى القروض الخضراء (34%) والأسواق الرأسمالية مثل: السندات الخضراء أو الزرقاء (33%) كأحد خيارات التمويل الرئيسية، وهذا يفتح تساؤلًا حول إذا كانت هذه طريقة جديدة لتوغل الرأسمالية أم حل فعال لتحقيق الاستدامة؟
ويعكس هذا الاتجاهات العالمية الأوسع، حيث تضاعف إصدار السندات الخضراء والصكوك في منطقة الشرق الأوسط، ليصل إلى أكثر من 24 مليار دولار في عام 2023، وفقًا لتقرير (PwC) حول المشهد الاقتصادي في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن نصف قادة الاستدامة في المنطقة، يرون أن توفير التكاليف يمثل دافعًا رئيسيًا نحو الاستدامة، إلا أن واحدًا من كل 5 منهم لا يزال غير متأكد من العائد على الاستثمار. ويتجلى هذا القلق في استطلاع “انطباعات الرؤساء التنفيذيين للعام 2024: نتائج منطقة الشرق الأوسط” الذي يظهر أن 30% من شركات الشرق الأوسط، المشاركة، ترى أن العوائد غير الكافية على الاستثمارات الصديقة للمناخ تمثل تحديًا كبيرًا، مع استعداد 37% فقط لقبول معدلات عوائد أقل لهذه الاستثمارات، وكل هذا قد يعطي أمل في تحقيق الاستدامة فعلًا ولكنه لا يؤكد إن كنا قادرين على ذلك أم لا، على الأقل حتى الآن.
آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: هل ستكون السعودية والخليج بديلًا للاتحاد الأوروبي عن روسيا؟