الوجه الآخر للتجميل: هل تؤدي الرغبة في الحصول على جسد مثالي إلى الموت؟
منذ أيام توفت مريضة سعودية بعد عملية “شفط دهون” استمرت لمدة سبع ساعات، وهي عملية تهدف إلى شفط الدهون الزائدة بالجسد لإعادة تشكيله ونحته مرة أخرى، ووجه زوجها إدانة للمستشفى، ولكن بين هذا وذاك يفتح هذا الموت بابًا لتأمل آثار هذه العمليات وأسباب لجوء بعض النساء إليها، والبحث خلف وهم الجسد المثالي، وهل تكون أسباب اللجوء إلى مثل هذه العمليات بسبب تجنب التعرض للمشاكل الصحية.
وهم الجسد المثالي بناءًا على كاميرا لا تلتقط إلا المثالية
ارتفعت نسبة إجراء عمليات التجميل بناءًا على ما نراه من صور تلتقطها عدسات المصورين لفنانين وفنانات، وطبعًا النسبة الأكبر لمن يقبل على مثل هذه العمليات هي بين النساء، لأنهن يحاولن الحصول على جسد مثالي بلا أخطاء ولكن هل هناك جسد بلا أخطاء أو زوائد دهنية؟ وهل اختلاف الأجسام في حد ذاته يعتبر “أخطاء”؟ الإجابة قطعًا لا، بناءًا على ما رددته فنانات عن أجسادهن وعن أشكالهن بعيدًا عن عدسات المصورين في المهرجانات أو الفعاليات الفنية، ولكن لم ينجون حتى الفنانات من التنمر أو السخرية أو ما يُسمى “body shaming”، ولكن أيضًا تتجه بعض السيدات إلى هذه العمليات لإيجاد فرص العمل، أو للزواج أي أن الأمر له علاقة بمشاكل اجتماعية لا يهمها صحة من يعاني من السمنة بالأساس، بل يهمها فكرة الشعور بالأفضلية على الآخر نظرًا لأن جسده أفضل، وبالطبع لا أحد يشجع على السمنة ولكن بالتأكيد لا يجب علينا التساهل في هذا الاختيار لأنه يعرض لمخاطر عدة.
لا يرى أحد مشاعرهن
منذ مدة قرأت متتالية قصصية عنوانها “الدنيا اللي في بالي” للكاتبة “أميرة محمود يوسف” وهي طبيبة تغذية وكاتبة، ولاحظت أن خيط من خيوط هذه المتتالية كان حكي مشاعر مريض السمنة، رصدتها “أميرة” بدقة لذا، كان من المهم التفكير معها في أسباب اللجوء إلى مثل هذه العمليات بدلا عن إتباع حمية غذائية بعينها، تقول “أميرة”:” أثناء عملي كطبيبة تغذية أحيانُا يختار البعض إجراء عملية بدلًا من إتباع حمية غذائية نظرًا لسرعة خسارة الوزن بسهولة وفي مدة أقل من إتباع حمية غذائية معينة تتطلب وقت أكثر، في النهاية ينظر الناس نحو السرعة، ولكن ينسى البعض أن هذه عملية جراحية لها مضاعفات مثل أي عملية جراحية أخرى، وفي النهاية تجبرهم على الأكل بكميات محدودة أي أنها يلزمها حمية غذائية، ولكن علينا ألا ننسى أن الأمر أحيانًا يكون له ضرورة طبية مع الأجساد المصابة بسمنة مفرطة”، وربما من خلال ما شهدته “أميرة” وما نشاهده من دعاوي لا تبحث عن الوقاية من الأمراض الناتجة عن السمنة، بل تبحث عن وهم الجسد المثالي، استطاعت “أميرة” توصيل مشاعر المصابين بالسمنة، واستطاعت خلق مساحة لرؤيتهن من الداخل لا من الخارج ولا من عبر أجسادهن فقط.
ليس هناك جسدا مثاليًا
ربما ما يحتاجه البعض ليعزف عن اللجوء لمثل هذه العمليات هو الابتعاد عن الظن بأن أجسادهن ليست ملكهن وملك المجتمع أو أزواجهم، وأيضًا اقتناعهم بأن ليس هناك جسدًا مثاليًا وأن الغاية من فقدان الوزن هو رعاية الصحة ليس الجمال فقط، وربما يتحتم على الناس البداية من إصلاح أفكارهم عن أن أجسادهن ليست ملك أحد.