لم تمر مرور الكرام.. كلمات وثقت أوجاع قطاع غزة بأكمله

” الكلمة نور وبعض الكلمات قبور” لكل كلمة طاقة، من الممكن أن تكون دواء للنفس والروح فيكون لها التأثير الأكبر، أو ممكن أن تكون كالرصاصة بل أقوى تقتل وتجرح، وتترك غصة في القلب وربما لن تعود بعدها كما كنت، فالكلمة ليست مجرد موجات صوتية نطلقها ولا مجموعة أحرف نرسمها على الورق..

وفي غزة خلال الحرب التي اندلعت من يوم السابع من أكتوبر، وتتسببت في خسائر فادحة على كل المستويات، كانت هناك كلمات حقيقية من أهل غزة، نابعة من قهرة على ضياع أشخاص وأحلام وذكريات انهدمت وتبدل مكانها خوف وحزن، كلمات انحفرت في الذاكرة سمعناها خلال فيديوهات وثقها الصحفيون، لم تمر على مسامعنا مرور الكرام سيشهدها التاريخ وستوثق أوجاع شعب بأكمله.

شعره كيرلي وأبيضاني وحلو

مقطع فيديو يظهر خلاله أهالي طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، في حالة من التوتر والقلق وهم يبحثون عن صغيرهم في كل مكان داخل إحدى مستشفيات قطاع غزة، داروا في جميع أنحاء المستشفى يوصفون شكله وملامحه للجميع على أمل أن يكون بخير مع أي شخص.. “شعره كيرلي وأبيضاني وحلو” هكذا وصفت والدة الطفل يوسف ملامحه إلى كل شخص رأته داخل المستشفى.

وبعد رحلة البحث التي امتزجت بالقلق والخوف، وجدوه داخل المكان الذي كانوا يخافوه.. جاءت لحظة رؤية الأم فظلت تنادي “ لقيتوا حبيبي”، حتى انهارت من البكاء فور أن شاهدته مفارقًا الحياة.

الأولاد ماتوا من دون ما ياكلوا

صدمة الأم الفلسطينية التي أثارت ردود أفعال واسعة بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مشاهدتهم للفيديو الذي انتشر بشكل واسع، وظهرت فيه الأم وهي تصرخ على أطفالها وتقول: “الولد اختفى بين إيديا مات، الأولاد وين حد يطمني يا ناس”وأخذت تصرخ : “بيكفي يا عالم بيكفي نحنا ناس غلابة، أقصفوا.. الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا.. يشهد عليا الله الأولاد ماتوا من غير ما ياكلوا.. يشهد علي الله بيكفى يا ناس”.

بينتقموا منا في أولادنا.. معلش

ربما تغير معنى كلمة “معلش” من كلمة معبرة عن قلة الحيلة، لكلمة تحمل كل معاني الصبر والترقب والتوعد، عندما قالها الصحفي وائل دحدوح في رثاء أهله عندما فوجئ بجثثهم أثناء عمله في تغطية القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ليقول “بينتقموا منا في أولادنا.. معلش”.

الصحفي وائل الدحدوح كان قد نقل أفراد عائلته جميعًا إلى منطقة مخيم النصيرات بجنوب غزة نتيجة انشغاله بطبيعة عمله وبعده عن عنهم، بعد أن ادعت قوات الاحتلال أن المخيم منطقة أمنة، وقالت للفلسطينيين إنه عليهم التوجه إلى هناك.

وفي مقطع آخر لوائل دحدوح وهو يحتضن جثة ابنه محمود غارقًا في الدماء، ثم يحمل باقي أفراد أسرته الذين راحوا جميعًا على يد الاحتلال الصهيوني “محمود يابا.. مش كنت بدك تطلع صحفي” .. بكلمات أبكت العالم.

بعرف أمي من شعرها

“بتذكر أمي من عُقدها وأقراطها اللي عليها بقايا دمها”، هكذا قالت (تالين) وهي واحدة من الأطفال الذين فقدوا ذويهم، فقدت والدتها وأختها وأخيها الوحيد في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة داخل منزل أحد معارفهم الذي لجأوا إليه ظنًا منهم أنه سيكون “الملاذ الآمن”.

فقالت تالين التي تبلغ من العمر 12 عام “فقدت أمي وأخوتي وما بقي عندي غير أبي وأختي الكبيرة، والذكرى التي تربطني بأمي الآن هي هاتفها المحمول وعقدها وأقراطها التي عليها بقايا دمها”.

بتلك الكلمات عبرت الطفلة عن وجعها وبكلمة”يا بابا، ماما (شهيدة)”، كان يربط والدها على قلبهاويصبر نفسه في ذلك الوقت.

يا عمو رايحين على المقبرة؟

يستيقظ الأطفال على صوت أمهاتهم وهن يحثونهم على الاستيقاظ لتحضير ملابسهم وتناول الإفطار معهن، هذا هو اليوم الطبيعى لأى طفل في العالم، ماعدا فلسطين، حيث يستيقظ أطفال غزة على صوت الغارات الإسرائيلية، فاعتاد الطفل الفلسطيني على أن ينام وهو يحلم بكوابيس مفزعة، حتى إن عقله الباطن يتمنى أن يكون حلمه مجرد كابوس وليس حقيقة يعيشها كل يوم مع عائلته.

خلال مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل، ظهر فيه مجموعة من الأشخاص وهو يسارعون لحمل طفلة على ناقلة للتوجه بها إلى أقرب مستشفى، ومن شدة هلع الطفلة لم تستطع أن تفرق بين أنها مازالت على قيد الحياة أو فارقتها، حتى إنها سألت أحد حامليها بنبرة ممزوجة بين الترقب والخوف : “يا عمو رايحين على المقبرة؟”، مما أثار حزن أحد الأهالي الذى كان يحملها، وسرعان ما رد عليها ليطمئنها: “لا يا عمي، هايك عايشة، وزي القمر”.

كلنا شهداء مع فارق التوقيت

كلمات مؤثرة قالها مراسل تلفزيون فلسطين في غزة بعد استشهاد زميل له وأسرته محمد أبو حطب وكذلك عائلته بالكامل، بسبب غارة إسرائيلية على منطقة المخيم الغربي بمدينة خان يونس قال: “نحن هنا ضحايا، ضحايا على الهواء مباشرة نفقد الأرواح واحدًا تلو الآخر بلا أي ثمن، نمضي شهداء فقط مع فرق التوقيت، نحن ننتظر الدور واحدًا تلو الآخر، لا أحد ينظر إلينا ولا إلى حجم الكارثة التي نعيشها، لا حماية دولية ولا حصانة، لا تحمينا هذه الدروع إنها مجرد شعارات نرتديها، لا تحمي أي صحفي، نحن ضحايا على الهواء مباشرة”

بتلك الكلمات اللي قالها الصحفي ومن بعدها قام بنزع الدروع التي من المفترض أن تحميهم من الرصاص، خرجت لتوضح لنا أن لا مكان آمن في غزة.

بدي أستشهد لإني جوعان

بدي أستشهد لاني جوعان و بالجنة فيه خبز 😭😭😭

Posted by Kaouthar Bnr on Tuesday, October 24, 2023

“بدي آكل خبز” بهذه الكلمات عبر طفل فلسطيني عن جوعه الشديد بعدما أصبح الحصول على الطعام والماء أمرًا صعبًا جراء القصف الإسرائيلي المستمر على كافة المعالم الحيوية وغير الحيوية بقطاع غزة. هذا إلى جانب حصاره لدخول المساعدات الكافية للقطاع.

ظهر ذلك في مقطع فيديو تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، التي أوضحت طفل يبلغ من العمر قرابة 6 سنوات يمسك بملعقة فارغة في يده ويقول أنه يرغب في الاستشهاد لأنه “جوعان” فسألته السيدة التي تحاوره “أنت تبغي تستشهد عشان تاكل خبز، ليش هل في بالجنة خبز؟” فرد الطفل بمنتهى البراءة “إي.. معقول ما في بالجنة خبز؟!”.

كلمات أكثر وأكثر تُحفر في ذاكرة الإنسانية.. شاهدة على معاناة شعب بأكلمه.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: تعبر عن واقعنا العربي: ما قصة “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”؟

تعليقات
Loading...