رحلتنا لورش تصنيع فوانيس رمضان في أحياء القاهرة القديمة
قرب علينا شهر رمضان، ومع دخلة الشهر الكريم كمان كام يوم، بنفتكر واحد من أهم ذكرياتنا مع رمضان، الفانوس. والفوانيس ذكرى لصيقة بكل المصريين مهما اختلفت أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية.
ولما أقول فوانيس، أقصد الفانوس المصري أبو شمعة، المعمول من الصاج، مش الفانوس البلاستيك الصيني اللي بينور وبيغني، الفانوس هو أبو شمعة اللي بنولعها وبنلعب به لحد ما الصاج يسخن ويلسوعنا.
قعدنا ندور ونسأل يا ترى الفوانيس دي بتتعمل فين! وأهل الخير دلونا على ورش الفوانيس في حي السيدة زينب، واحد من أحياء مصر القديمة في القاهرة.
في منطقة السيدة زينب، بتنتشر ورش كتير لصناعة الفانوس المصري الصاج، وأغلب الورش حوالين مسجد السيدة زينب ومسجد ابن طولون، ومنطقة بركة الفيل، هناك بيعمل الحرفيين المصريين فوانيس أشكال وألوان وأحجام مختلفة.
وعلشان كده بدأنا رحلتنا من مسجد السيدة زينب، وقررنا نتمشي في الشوارع والحواري اللي حوالين المسجد، لحد ما وصلنا لحارة اسمها حارة السد، في الشارع اللي جنب المسجد على طول، وفي الحارة لقينا ورشة عم محمد فوزي وأولاده.
دخلنا على عم محمد الورشة وكان قاعد بيلحم قطع الفانوس في بعض، يركب القطعة على التانية وبصباعه يضيف شوية بودرة ويحط عليه قطعة حديد سخنة سايبها في النار، ويبل صباعه بالمياه ويبرد المكان اللي لسه لاحمه بالنار.
بيقول عم محمد إنه بيشتغل في الصنعة دي من زمان: “من يومين ما وعيت على وش الدنيا وأنا بشتغل الصنعة دي”. واتعلمها من الأسطى حسن: “الأسطى حسن ورث الصنعة أبًا عن جد، وهو اللي علمني”.
وبيوضح إن الشغل قل مع كتير عن زمان مع غلاء الأسعار، ولكن بيأكد في نفس الوقت إن الفوانيس اللي بيتم استيرادها من الصين ما أثرتش على شغلهم، لإن الفانوس المصري له زبون وطلب مختلف.
بيورد عم محمد شغله لمحلات الجملة اللي بتوزعها على المشترين، وبيقول عبد الرحمن، الصبي اللي بيشتغل على مكنة “الكردنة”، إنه بيجهز قطع الصفيح بتاعت الفانوس علشان لحامها يبقى أسهل وأقوى، والكردنة هي إنك تظبط أطراف الصاج وتنعمها وتجهزها للحام، وعن الزجاج اللي بيستخدم في صناعة الفانوس، فبيقول إنهم بيشتروه ويلونوه بنفسهم في الورشة.
والفانوس الصاج اللي بيعمله عم محمد له أشكال تراثية مختلفة، وكل شكل له اسم، زيّ أبو لاد والدلالية والمخمس والبرج والمقلوب والشمامة وأبو شمعة، زيّ ما بيوضح عبد الرحمن.
حارة قريبة من ورشة عم محمد، لقينا ورشة أم إبراهيم، وبيقول طاهر، واحد من اللي بيشتغلوا في الورشة: “كلنا هنا من أسرة واحدة، وحتى اللي مش من العيلة بيبقوا جزء من العيلة”.
ورشة أم إبراهيم ورثتها العيلة جيل ورا جيل، وبيأكد طاهر إن تصنيع الفوانيس بيبدأ قبل الشهر الكريم بشهرين على الأقل، وبيقول: “الشغلانة موسمية، وبنعمل كميات كبيرة من الفوانيس، بنبدأ بتصنيع كل جزء من الفانوس لوحده بكميات كبيرة، وبعدها بنلحم الأجزاء اللي صنعناها مع بعض”.
وعن أسماء الفوانيس المختلفة بيقولنا: “في نوعيات كتير من الفوانيس زيّ “البرج وأبو ولاد وفاروق”، وحاجات تانية زيّ “لوتس، ودلاية وشمامة وشوبس ومخمس وشق بطيخة”، وبيأكد لنا إن كل فانوس له استخدام: “الفانوس الكبير بيتعلق في الشوارع أو يتحط في البيت”.
استمتعنا جدًا برحلتنا في حواري حي السيدة زينب، واتعرفنا على ناس جميلة، حكوا لنا عن صنعة بيحبوها ومرتبطة بواحد من أهم ذكريات رمضان في الوعي المصري، وتعبر واحدة من أقدم الحرف المصرية.
بندعوك أنت كمان إنك تزور منطقة السيدة زينب وتتوه فيها وتستكشف حواريها، وتزور ورش الحرفيين اللي فيها، ونوعدك إنك هتنبسط جدًا وهتستمتع بالوقت اللي هتقضيه في شوارع مصر القديمة.