تلوين الأفلام: هدم للتراث أم إنعاش للذاكرة البصرية؟

أفلام الأبيض والأسود لها سحرها الخاص ورونقها، وبدون شك تفاصليها كانت شاهدة على فترة كلاسيكية لم ولن تعوض.

ومع التقدم التكنولوجي الحالي، بدأت الناس تستغله في تلوين الأفلام، مع ظهور مبادرات شخصية لتلوين الأفلام، منها مبادرة المبرمج المصري محمد الديب، الحاصل على الدكتوراة في معالجة الصور والذكاء الصناعي. وعندما بدأ في الموضوع في التطبيق على الحقيقة وأفلامنا التي اتعلقنا بها أصبحت بالألوان، سألنا هل هذا ما نريده حقًا؟ وهل سيجعلنا نرى الأفلام بإحساس مختلف؟ أم سيهدم صورة الفيلم في ذاكرتنا؟

الفكرة ليست جديدة

عن: أراجيك

قبل الدخول في المناقشة ، سنشيرل بداية التلوين، وفقًا للتاريخ أن اتخاذ قرار إنعاش الذاكرة البصرية واتخاذ السينما العالمية طريق تحويل من الأبيض والأسود للألوان كان في 1912، على يد أوجست ولويس لوميار، عن طريق تقنية جديدة ”أوتوكروم لوميار” وكانت الطريقة بدائية جدًا، وبشكل يدوي، يرسموا بالفرشاة مباشرة على الأفلام الخام بالألوان حتى صناعة ماكينات خاصة بالموضوع.

كان أول فيلم مُلون تلوين كامل في المنطقة العربية فيلم (بابا عريس) إنتاج 1950 بطولة شكري سرحان ونعيمة عاكف، وفيلم (دليلة) 1956 لعبد الحليم وشادية، وكان هناك محاولة من محمد فوزي لتلوين فيلمين له، لكن وهما في طريقهم من فرنسا للقاهرة حرقوا، وظلت النسخة الأصلية في مكتبة التلفزيون المصري.

التلوين: إنعاش للذاكرة أم هدم للتراث؟

مع الموضوع أم ضده؟

يقول المبرمج محمد الديب، الذي قام بتلوبن أكتر من 85 فيلم، عن سبب التلوين من وجهة نظره، إنه في ظل تقدم علوم الكمبيوتر قرر العمل على إحياء التراث القديم، “لإن جيلنا شاف كتير من الأفلام القديمة، بس في جيل جديد مش مدي أهمية للأفلام دي بسبب انحصارها في اللون الأبيض والأسود” ويرى أن دورهم يقوموا باستعادة بناء ألوان الأفلام ويقوموا بإضافة طابع الحداثة بألوان تكون قريبة من الواقع، وفي الحالتين الأفلام والمسرحيات سيظلوا يسحروا المشاهد.

في المقابل، سينمائيين كثيرون من بينهم مدير التصوير المصري سعيد شيمي، رافضين المبدأ، خصوصًا إن الولايات المتحدة منعت تحويل أي فيلم أبيض وأسود لألوان باعتبارها تراث ممنوع المساس به، وذلك يتفق مع رأي الناقد كمال رمزي، : “هناك سحر خاص لأفلام الأبيض والأسود التي ما تزال حاضرة في أذهاننا، وسوف نشعر بالاغتراب عند تلوينها، وفي رأيي أن التأثير الدرامي للأبيض والأسود بظلاله أقوى تأثيرًا من الألوان، وهناك مشاهد في الأفلام القديمة لها ارتباط راسخ، مثل مشهد فتح الباب في فيلم ريا وسكينة، حيث تظهر درجات الرمادي، ولو تم تحويلها للألوان لن يكون لها ذات التأثير الدرامي، كما أن الأبيض والأسود قد يكون جزءًا من أسلوب الفيلم مثل أفلام تاركوفسكي، هنا لن يكون اللون معبرًا، ولن يحقق التأثير الدرامي ذاته الذي صنعت به”.

أما عن رأي الجمهور، هناك من أعجب بالتجربة وطالب زيادة في الأفلام، وكان لديهم فضول لرؤية تفاصيل معينة في أفلام ومشاهد تعلقوا بها، “يا سلام لو شوفنا لون الجرافتة اللي كان لابسها توفيق الدقن في ابن حميدو.. ولا لو شوفنا فستان سعاد حسني في فيلم الساحرة الصغيرة”. وعلى العكس في فئة من الجمهور ضد الفكرة، وقالوا “لأ خلوا لنا الأفلام زي ما هي وبلاش تهدموا الصورة اللي مترسخة في أذهاننا واللي مربوطة بذكرياتنا”.

في النهاية: سؤال وجودي هل سحر ورونق الأفلام القديمة سببه الأساسي كونها بالأبيض والأسود، أم الفكرة فكرة تعود؟ كونها توثق فترة بعيدة عنا وفترة صعبة المنال، وفي حالة تلوينها ستفقد السبب الأساسي الذي كان يحركنا؟ وهو الفضول لمعرفة ما كانت تخبئه لنا تلك المشاهد.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: كواكب النجوم: ازاي المجلة أبدعت في صور الفنانين من 90 سنة

تعليقات
Loading...