بين الحاضر والمستقبل: السينما في السعودية من وجهة نظر الناقد خالد ربيع

من عشرة أعوام بالتحديد، لم نكن نسمع كثيرًا عن السينما السعودية، ولم نجد لها دور عرض حتى لمشاهدة الأفلام غير السعودية، ولكن ما شهدناه في السنوات الأخيرة ما هي إلا طفرة تستحق الحديث عنها..

ولادة جديدة على مستوى حلقات النقاش والمهرجانات المقامة وبداية صناعة حقيقة للأفلام باتت محط أنظار قطاع السينما حول العالم، وأصبحت بمثابة قوة ناعمة جديدة تضاف للمملكة، ومن المنتظر أن يصل تأثيرها على دول الجوار ودول الخليج لينطلقوا على نفس الخطى.

السينما قديمًا في السعودية .. عن:العربية

وللحديث عن السينما في السعودية ومرحلة النمو والانتعاش التي تعيشه، تحدثنا مع الناقد والمتذوق الفني خالد ربيع، متذوق وباحث في فنون عصر مشحون بالثقافة والجمال على حد تعبيره، أصدر خمسة كتب عن السينما، وكتاب عن الفن التشكيلي، وآخر في فن التصوير الفتوغرافي، وكتب رواية عن حارته التي ولد وعاش فيها.
وهو مؤلف كتاب (الفانوس السحري) قراءات في السينما، أول كتاب عن بدايات السينما في السعودية، وباعتبار أن الكتاب يدور حول لُب بدايات السينما في السعودية.، كان هو بطل أول سؤال لنا.

ما الدافع وراء كتابة هذا الكتاب؟


يقول الناقد والمؤلف خالد ربيع: “كتاب الفانوس السحري أصدرته في عام 2008م، بعد كتابات في الصحافة السعودية تجاوزت الربع قرن، هو نتيجة لبحثي المستمر ومشاهداتي التي لا تتوقف للأفلام السعودية والعربية والعالمية والإقليمية، والدافع الذي حثني على تصنيف الكتاب هو تشجيع الأصدقاء وإلحاحهم، وبالفعل عكفت نحو عام ونصف وخرجت بمحتوى الكتاب”.


واستطرد قائلاً: “الكتاب أحدث نقلة في حياتي، وأصبحت المهرجانات العربية والأوروبية تدعوني للحضور..والكتاب عبارة عن رحلة تأملية في السينما؛ هوليوود، وبوليوود، والسينما العربية والخليجية، ورحلة تذوق واستكشاف وتحريض للقاريء على محبة السينما ومشاهدة الأفلام”.

ما أهمية امتلاك سينما قوية، ولإي مدى سيعود ذلك بالنفع على القطاعات المختلفة؟


يعلق خالد ربيع: “السينما السعودية آخذه في نمو متسارع، هناك سينمائيون سعوديون شباب مستقلون، يصنعون أفلامًا بمستويات متفاوتة، ولكن الجهات الرسمية، ممثلة في وزارة الثقافة السعودية وذراعها هيئة الأفلام، وكذلك
جمعية السينما السعودية وجمعية الأفلام السعودية، تخطو خطى حثيثة في النهوض بالسينما السعودية”.

خالد ربيع مستبشر خيرًا في السينما باعتبارها أحد توجهات فكر ورؤية المملكة 2030، وقال: ” الحديث في ذلك يطول وذو شجون وتفريعات ستعود بالنفع على قطاع السياحة، والقطاعات المهنية المرافقة، والقطاعات الثقافية، وسوق الأعمال وتمكين الشباب الناهض، ومشاركة الفتاة، وقطاعات التقنية، وغير ذلك الكثير ممن هم في حالة استفادة
ونماء من قطاع الأفلام والسينما، كل تلك الأمور واضحة ومعلنة في الإعلام”.

ما العوامل التي ساعدت السينما السعودية لكي تلحق بالدول الأخرى في وقت قصير؟


هناك عدة عوامل يرى ربيع إنها سبب في الانطلاقة، وأولها شغف الشعب السعودي بالسينما، والشباب على وجه الخصوص، كما هو الحال بشغفه بالرياضة وكرة القدم، وأيضًا الدور الحكومي السعودي الرسمي، وهو الدور الذي -في وجهة نظره- وضع النقاط فوق الحروف.

وقال عنه: “منذ بداية التصريح بدور العرض، ثم الدعم الكبير من الجهات الحكومية، كثير من الأنظمة ساهمت وتساهم في تنمية القطاع السينمائي السعودية، بالإضافة لإشراك الأفلام السعودية في المهرجانات والمحافل الدولية، مثل مهرجان كان وبرلين وقرطاج ومهرجان القاهرة ومالمو وسندانس وغيرها، بدأت هذه المشاركات في نشر الفيلم السعودي بما له من لغة وخصائص جديدة على المجتمع السينمائي العربي والدولي.”

هل تعتقد أن السينما السعودية مؤهلة لتنافس السينمات العالمية أم مازالت قيد الإنشاء والتطوير؟

علق ربيع على تلك النقطة وطرح وجهة نظره وقال: “المنافسة العالمية طريق طويل وشاق، والقائمين على السينما والجمهور الواعي في المملكة السعودية يعترف ويعرف أن صناع الأفلام في بداية الطريق، صحيح أننا بدأنا بداية قوية، لكننا لم نصل بعد لمرحلة الطلب الكبير من شركات التوزيع العالمية، والمشاهد في أوروبا و أفريقيا وآسيا والأمريكتين لا يعرفنا بعد، ولن نستطيع في عجالة أن نبلغ إليه وننافس منتجه الذي سبقنا بعقود طويلة في ترسيخ مكانته”.

واستكمل حديثه: “نعم الطموح كبير لدى قطاع السينما السعودية والخطوات تسير بخطى جريئة وقوية ومدروسة، نتمنى أن نصل إلى مرحلة التوازي مع السينما العالمية، أما مسألة منافستها فهذا قد يتحقق في السنوات القادمة”.

لأي مدى الانفتاح الفني سيخلق مساحة لكسر تابوهات عن مواضيع محددة تتناولها السينما في المستقبل؟

يرى ربيع إن التابوهات بالفعل أخذت تتحطم في الأفلام التي أُنتجت في العامين الأخيرين وقال: “هناك عدة أفلام ناقشت التزمت الديني الذي كان يرزح تحت وطأته المجتمع السعودي، وهناك أفلام طرحت مشكلات الاندماج في العمل بين الرجل والمرأة، وأخرى دخلت في تابوهات العرق والتمايز القبلي، والحقيقة الشباب السعودي جريء في
طرحه ويعرف الحدود التي لا يمكن أن يتجاوزها، المسلمات الراسخة عند الشعب غير قابلة للمساس وهي
مسلمات أقرتها العادات والتقاليد العربية الاسلامية الراسخة، لا زالت لدينا عشرات الموضوعات التي ينبغي
طرحها سينمائيًا، وليست لسينما الإثارة مكانة أو داعم أو نصير من المجتمعات في السعودية.”

صالات السينما قديمًا في السعودية

ما المتوقع أن تقدمه لنا السينما السعودية؟

يقول ربيع: “متوقع موضوعات غير معتادين عليها، وموضوعات لم يسبق أن شاهدناها في السينمات العربية، وأنا
أعرف أن هناك سينما سعودية قادمة متشاركة مع الشركات العالمية وتتناول قصصًا غير مستهلكة، وتم
تصويرها وإنتاجها في مناطق ساحرة في المملكة، مثل منطقة العلا ومنطقة نيوم، وغيرها في جنوب المملكة
والمناطق التراثية في نجد، هذه السينما ستدهش المشاهد العربي والعالمي”.

في نقاط بسيطة: بم تنصح المجتمعات التي تسعى لبناء سينما بناء على النموذج السعودي؟


من وجهة نظره: “بالرغم من أن تجربة السعودية متأخرة، ولكنها رائدة في اتباع المنهج العلمي الاستراتيجي لتطوير القطاع بكل مساراته، ومن يعتزم من الدول الأقل حظًا في هذا المجال ويريد تطوير الصناعة، عليه بدراسة الآليات والأساليب والمناهج الاستراتيجية التي عملت وتعمل بنهجها السعودية:.

وتابع: “الابتعاث مهم للصناع، الدعم مهم للإنتاج، التطوير والعمل المؤسسي لابد منه، الشراكات مع الدول سابقة الخبرة مهم، تأسيس معاهد أكاديمية لفنون السينما، وتنفيذ دورات تطويرية أمر حتمي، إقامة المهرجانات للإلتقاء وتبادل الخبرات”.

للحديث بقية، وجميعنا في انتظار انطلاقات حقيقية وأفلام تصل للعالمية، وتاريخ يُكتب ويستحق تسليط الضوء عليه، وأشياء ملموسة على أرض الواقع وتوثق تاريخ وهوية حقيقية.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: تمثيل المرأة في السينما السعودية بين القضايا النسوية وصانعات الأفلام السعوديات

تعليقات
Loading...