بناء ميناء إماراتي في السودان يثير الجدل بين السلطة والمعارضة
خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم، يوم السبت 17 سبتمبر (أيلول)، أعلن وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، إن البلاد بتدرس مشروع إماراتي لبناء مشروع ميناء بحري ضخم على سواحل البحر الأحمر شرقي السودان.
المشروع هيضم منطقة صناعية ومنطقة سياحية ومشروع زراعي على مساحة 500 ألف فدان، بالإضافة لطريق للربط بين مكونات المشروع، ونفى فكرة إن السلطة وافقت على المشروع بالفعل، وأكد إن مشروع بالحجم ده محتاج قرار من الدولة بعد استشارة أهل المصلحة في شرق السودان.
قبائل الشمال تعارض مشروع بناء ميناء إماراتي في أرضها
يوم 30 أغسطس (آب) اللي فات، وجه المجلس الأعلى لقبائل البجا، اللي بتمتلك أراضي سواحل شرق السودان المفترض قيام الميناء الجديد عليها، اتهامات للسلطات السودانية وصفها بالتآمر على الموانئ الوطنية، وثارت مطالب في منطقة البجا بحق تقرير المصير والانفصال عن السودان.
وضحت بعض قوى المعارضة السودانية إن وزير المالية مرر مؤخرًا مجموعة من القرارات تشمل إعفاءات خاصة برسوم التشغيل والأرضيات وجملة من الإعفاءات الجمركية الصفرية في الموانئ البحرية، وأكدت المعارضة إن القرارات دي جات بغرض خبيث هو تجفيف الموانئ الوطنية لحد العجز علشان يتم تشغيل موانئ إماراتية بدلًا منها.
أما موقع المونيتور الأمريكي، كشف في يناير (كانون الأول) سنة 2020، إن أبو ظبي بتضغط على واشنطن علشان تدعم نشاط شركة موانئ دبي في السيطرة على الموانئ السودانية من خلال شركة “ديكنز آند ماديسون” الأمريكية.
ووضح التقرير إن الشركة الأمريكية اللي بيرأسها ضابط مخابرات إسرائيلي سابق، آري بن ميناشي، دخلت في مفاوضات مع السلطات العسكرية وقادة العشائر في السودان علشان تسهل اتفاق يدخل الشركة الإماراتية لسوق الموانئ السودانية.
موانئ دبي العالمية: مشاريع سياسية وأقنعة اقتصادية
بدأت شركة موانئ دبي أول مشروع لها سنة 1999 في تطوير ميناء جدة السعودي، ولكن خلال 20 سنة بس ومن خلالإادارة 75 ميناء في 40 دولة حول العالم، قدرت الشركة الإماراتية تسيطر على 10% من إجمالي حركة النقل البحري العالمية.
بعد توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية-الإماراتية “اتفاقية ابراهام” سنة 2020، عقدت الشركة مجموعة من اتفاقيات التعاون مع اسرائيل. وفي 2005، تم دمج شركة “موانئ دبي” مع “سلطة موانئ دبي” تحت اسم “موانئ دبي العالمية”.
في 2006، اشترت شركة “موانئ دبي العالمية” شركة “الملاحة البخارية البريطانية”، اللي كانت وقتها تعتبر رابع أكبر مشغل موانئ في العالم، وفي نفس السنة اشترت شركة “بي أند يو” البريطانية، في واحدة من أكبر الصفقات في الألفية التالتة. الصفقة منحت الشركة الإماراتية السلطة على 51 ميناء في 30 دولة حول العالم، منهم 6 موانئ أمريكية هي: نيويورك ونيوجيرسي ونيو أورليانز وميامي وفيلادلفيا وبالتيمور.
ثار الشارع الأمريكي على الصفقة الأخيرة واعتبرها تهديد مباشر لأمن الولايات المتحدة البحري، بالذات إن بسبب اتهام الإمارات بالتورط في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. عارض حاكم ولاية نيويورك ووحاكم ولاية ميريلاند الصفقة وهددوا باتخاذ خطوات قانونية ضدها، وحاول الكونغرس يوقفها بالفعل بحجة الأمن القومي.
رد الرئيس الأمريكي وقتها، جورج دبليو بوش، على المعارضة في بيان صحفي وقال: “سيرسل هذا التشريع إشارة مروعة للأصدقاء والحلفاء في حال عدم السماح بتنفيذ هذه الصفقة”.
اضطرت الشركة الإماراتية تحت ضغط الرفض الشعبي والتشريعي الأمريكي تعلن في 23 فبراير (شباط) 2006، عن تأجيل أعمالها في أمريكا الشمالية، وتحت الضغط الشديد نقلت أعمالها بالكامل بعد أسبوعين بس من القرار الأخير.
من أمريكا الشمالية للقرن الأفريقي: توسعات غير قانونية
نقلت الشركة أعمالها للقارة الأفريقية بعد ما كانت بدأت في 2005 بتوقيع عقد اتفاقية تعاون مع جيبوتي لمدة 21 سنة، وبقيت بعدها الشركة مسؤولة عن إدارة وتطوير الأنظمة والإجراءات الإدارية والمالية لجمارك جيبوتي، وتطوير العمليات الجمركية ونظام وإجراءات التفتيش.
في 2014، فسخ الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر، العقد مع الشركة بعد اتهامها بتقديم رشاوي لرئيس هيئة الميناء والمنطقة الحرة في البلاد، علشان تضمن الفوز بعقد امتياز إدارة محطة وميناء نفطية.
في 2017، عقدت الشركة اتفاق مشابه بخصوص ميناء بربرة في الصومال، ودخلت أثيوبيا في الصفقة بعدها بوقت قصير، وهي الصفقة اللي واجهت انتقادات واتهامات بعدم قانونيتها وخرقها للقانون الدولي. وعقدت الشركة نفس الاتفاقية مع موانئ إريتريا لمدة 30 سنة.
استمر التوسع الإماراتي في أفريقيا ووصل لموانئ السنغال، وموانئ مصر في العين السخنة، وميناء بورتسودان اللي بيشكل الممر الوحيد للسودانيين على البحر الأحمر، وهو الاتفاق اللي بيشتد الجدل عليه بين السلطة والمعارضة في السودان النهارده.