المصريين وكحك العيد: حلوى مصرية أصيلة مستمرة على مر العصور!
عيد الفطر عند المصريين هو عيد الكحك والبسكوت والحلويات المخبوزة الشهية، ومهما حاولنا نقاومها ونقلل منها مبنقدرش أبدًا نستغنى عنها. تقريبًا مفيش بيت مصري بيخلى من الكحك في العيد، والفرحة بيه مش مرتبطة بس بوجوده وقت العيد إلا إنها مرتبطة كمان بتحضيره وصناعته في البيت.
طبعاً مع تسارع وتيرة الحياة اليومية بقى صعب على ناس كتيرة إنها تعمل الكحك في البيت وبقت بتشتريه جاهز، بس زي كتير من عادتنا القديمة لسة في أُسر كتيرة بتتجمع خلال العشر الأواخر من رمضان علشان تحضره وتعمله. والغريب في الكحك هو إنك مهما اشتريته من مكان غالي، هو فعلاً مش هيكون طعمه زي اللي معمول في البيت وسط اللمة بحب وفرحة.
الكحك بترجع أصوله لتاريخ المصريين القدماء، وكان وقتها اسمه “القرص”. امتدت صناعته من عهد الأسر الفرعونية لعهد الدولة الحديثة وصولًا إلي القرن الـ21، وهو محتفظ لحد دلوقتي بشكله القديم وأغلب مكوناته. الدليل على ده هو الصور المفصلة لصناعته في مقابر الفراعنة خصوصاً الصور على جدران مقبرة “رخمي _ رع” من الأسرة ال18 اللي بتشرح ازاي كانوا بيصنعوه بالتفصيل.
عسل النحل كان بيتخلط بالسمن، وبيتقلب على النار وبعد كده بيتضاف على الدقيق وبيتقلب لحد ما بيتحول لعجينة سهل تشكيلها، وأحياناً كمان كانوا بيحشوه بالتمر والتين ويزينوه بالزبيب، وده تقريبًا اللي بيحصل دلوقتي أثناء صناعته. الكحك كان بيتم تسويته في الأفران وكانوا بيقلوه أحيانًا في السمن أو الزيت. وكمان نقوش معبد “كوم إمبو” بأسوان، بتبين مراحل تسوية الكحك على لوح من الصاج وده زي اللي بنشوفه دلوقتي في المناطق الشعبية المصرية.
استمرت عادة صناعة الكعك في مصر بعد الفتح الإسلامي، ففي عهد الدولة الطولونية والدولة الإخشدية، كان الكحك بيتم صناعته في مطابخ القصر الحاكم وكان بيتنقش عليه كلمات زي “كل وأشكر” و”بالشكر تدوم النعم” وكان بيتم توزيعه على المصريين، وبعض قوالب صناعته موجودة في متحف الفن الإسلامي في القاهرة.
وفي العصر الفاطمي، أقاموا “دار الفطرة” اللي كانت بتتولى تقديم الكحك في شهر رمضان والعيد، وكان الخليفة بيقيم موائد ضخمة في قصره وبيوزع خلالها كحك العيد. وكان أشهر صانعي الكحك وقتها هي سيدة اسمها “حافظة” وكان في كحك بيتصنع مخصوص باسمها.
أما بقى في عهد الدولة الأيوبية، فكان محور تركيزهم هو القضاء على كل مظاهر وبقايا الدولة الفاطمية في مصر، واللي كان طبعاً من ضمنها صناعة الكحك، بس العادة كانت متأصلة عند المصريين ومقدرش الأيوبيين يمسوها بشيء. ولما جه العصر المملوكي والعثماني من بعدهم بقى في اهتمام بتوزيعه في التكيات للفقراء وطلاب المساجد.