اللعب بالنار: رحلة في عالم فنان استعراضي في حالة خطر مستمر
دهب هي مكاني المفضل للسفر، بكل النشاطات اللي بتتعمل هناك لأجواءها العامة وعلاقتي بالشوارع والكافيهات والبارات اللي على الممشى اللي بنبسط فيها جدًا، لكن واحد من النشاطات اللي الناس بتحب تعملها في دهب هو جبل الطويلات اللي رحته مره وماعجبنيش الجو، ومن ساعتها مارحتش تاني.
أخر مرة كنت في دهب من شهر قضيت هناك 10 أيام ومانبسطتش خالص علشان صحابي كانوا بيتخانقوا طول السفرية ومش متفقين، بس بعد ما كل الجروب مشي وفضلت لوحدي، قررت اني في آخر ليلة ليا في دهب هطلع جبل الطويلات أحضر “الحفلة” اللي بتتعمل هناك وكل الناس عماله تتكلم عنها.
كانت حفلة لذيذة وفي عروض ورقاصات وناس كتير قاعدة بتتفرج، بس في واحد من العروض أصابني بحالة قشعريرة من كتر الإنبهار وهو “عرض النار”.
زيّ ما انتوا شايفين في الفيديو؛ بدأ بعرض الشرار فوق الجبل واللي كان منظره جميل بشكل يخطف الأنفاس، وبعدين طلع على المسرح تلات شباب وبدأوا يلعبوا بالنار، ورغم إن دي مش أول مره أشوف عرض نار، لكن كانت من أكتر المرات اللي انبهرت فيها، يمكن علشان الناس حواليا كانوا كتير ومنبهرين جدًا وبالتالي حالة الإنبهار العامة كانت معدية، أو علشان كانت الحفلة عمومًا في الجبل لطيفة، بس الأكيد إن التلات شباب اللي لعبوا بالنار دول كانوا مبدعين وخلوني امشي وأنا مبسوط جدًا وحاسس اني عوضت سخافة السفرية وانبسطت أخيرًا.
عبدالله مصباح: حوار مع فنان استعراضي بيلعب بالنار
أول ما العرض خلص على طول جريت ورا التلات شباب اللي كانوا على المسرح وطلبت منهم يكلموني عن اللعبة علشان أفهم أكتر إزاي اتعلموا وبدأوا امتى وفين، للأسف ماكانوش فاضيين وكان عندهم عرض تاني، ولكن واحد منهم كمل معايا الحوار، وهو عبدالله مصباح.
عبدالله عنده 19 سنة، وهو من أهل دهب، حاصل على دبلوم غطس، وبيشتغل في الغطس الصبح وعروض النار بالليل، وبيقول عبدالله: “علشان الغطس جزء مهم من ثقافة دهب وأهلها، أخويا دخلني قسم غطس، وده قسم موجود في دبلوم صنايع هنا في دهب” وبيضيف: “ومن بعدها بقيت بشتغل في الألعاب المائية والغطس، بس كنت دايمًا حاسس إن في حاجة تانية عايز اعملها، حاجة ناقصاني، هي إيه! ماكنتش عارف”.
بس القدر كان عارف إيه الحاجة اللي ناقصة عبدالله، وفتح له بصيرته في يوم بالصدفة وعرفه الحاجة دي، وفي السياق ده بيقول عبدالله: “الحكاية كلها بدأت من حوالي سنة، لما شفت الكابتن أحمد بيبو 26 سنة، بيلعب بالنار في عرض، ومن اللحظة الأولى انبهرت باللعبة وقلت له عايز ألعب زيك”.
رحب الكابتن بيبو بعبدالله كابتن وبدأ يعلمه اللعبة، بس علشان اللعبة خطر ومحتاجة دماغ صاحية، بيقول عبدالله: ” مش هقولك اهم حاجة انك ماتاخفش من النار، لاء لازم تخاف، لإن النار ممكن تحرقك”، وبيضيف: “المهم إنك تاخد بالك كويس جدًا وتلاعب النار، ماتخليهاش تلاعبك”.
بيوضح عبدالله إن اللعبة خطر جدًا، وإنه اتصاب بحرق من الدرجة الأولى كذا مرة وهو بيلعب، بالذات في البداية لما كان بيتعلم، وبيضيف إنه أخد ست شهور بيتعلم اللعبة قبل ما يطلع على المسرح ويقدم عرض.
بيقول عبدالله عن رحلة إتقان اللعبة: “في الأول بتلعب بأدواتك من غير نار”، وبيأكد: “بتلعب بكور التنس وبتتعلم التريكات عليها قبل ما تبدأ تمسك النار، علشان ايدك تتعود على الحاجة اللي هتلعب بيها وتعرف تتحكم فيها كويس وتخليها ماتلمسش جسمك علشان اول ما هتبدأ العب بالنار ماينفعش تغلط”، وبيضيف عبدالله: “علشان في لعبتنا دي الغلطة بحرق على طول”.
وعلشان ماينفعش تغلط في اللعبة بيقول عبدالله: “الأول انت بتسقي الكور أو الحديدة أو السلسلة اللي بتلعب بيها بنزين وبتولعها، وبعدين لازم تنفض البنزين على الأرض وتتأكد كويس جدًا إن ماعدش فيها أي بنزين قبل ما تعمل أي تريك وتبدأ العرض، علشان لو فيها بنزين هيتنفض على جسمك وهيعورك”.
وبيأكد عبدالله للمرة التانية: “اللعبة خطر ومحتاجه حد دماغه صاحية ومش بيخاف من النار ويعرف يتحكم فيها كويس”، وبيقول: لازم تاخد بالك إن النار ماتلمسش جسمك وانت بتلعب بيها، بس لو اتاكدت ان مافهاش بنزين والكورة مثلًا خبطت في جسمك هتسيب مكانها آثر اسود بس، لكن مش هتعورك”.
وعن الحاجات اللي نفسه يحققها، بيقول: “نفسي اتعلم أكتر عن اللعبة وأعرف اعمل تريكات أكتر وحاجات جديدة، واتعلم اتقن اللعبة بشكل كامل واخترع تريكات خاصة بيا، واقدم عروضي في كل حتة سواء في مصر أو بره مصر”.
بس في حلم معين من الواضح إن عبدالله بينام وبيقوم بيه كل يوم: “في ناس من اللي كانت بتلعب معايا سافرت السعودية ودبي وبيلعبوا هناك، وأنا نفسي بعد ما اكمل السن القانوني واقدر اسافر بره مصر اروح دبي، الناس هناك بتعمل فلوس حلوة أوي من اللعبة ومطلوبين أكتر”.
لما سألت عبدالله عن أكتر حاجة بيحبها في اللعبة قال: “اكتر حاجة بحبها في اللعبة هي انبهار الناس باللي بعمله، لما بشوف الناس منبهرة وبتصقف بحس بسعادة كبيرة ودفعة ادرينالين كده بتخليني العب أحسن وبشغف أكبر”.
عبدالله وفرقته بيعملوا عروضهم في جبل الطويلات في عرض النار، وبيقدموا عروض تانية في فنادق وكافيهات ومطاعم وأي مكان يطلبهم علشان يقدموا عرض، ورغم إن معظم عروضهم بيعملوها في دهب وشرم الشيخ وحيز سيناء، إلا إن بيجيلهم عروض كتير في القاهرة.