الكورة الشراب: تاريخ وحكاوي عن تراث كروي وأسطورة لعبة انتهت
في ناس بتلعب كورة في الشارع وناس بتغني وتاخد صورة في الشارع، وفي ناس بتشتم بعض تضرب بعض تقتل بعض في الشارع في ناس تنام على الأرض في الشارع وناس تبيع العرض في الشارع..
قصيدة بدأها صلاح جاهين بصوت أحمد زكي في فيلم “الحريف”، الفيلم اللي كان مستوحى عن القصة الحقيقة لأسطورة الكورة الشراب “سعيد الحافي”، وسموه الحافي لإنه كان عنده “فلات فوت” وبسببها كان بيلعب من غير جزمة. الفيلم كان عن حكاوي الشوارع وعن شخص كانت حياته كلها الكورة وترقيصها، والكورة الشراب بالذات، ماتجوزش بسببها، كانوا بيسموه “الحاوي”، وفي مرة من المرات كان بيحكي إن واحد رد مراته لعصمته بعد ما طلقها بسببه هو، قال له “أنت سلطنتني لما شوفتك بتلعب كورة وهرجعها لعصمتي بسببك”.
الكورة الشراب أول حاجة بيتعلمها الأطفال في الشارع قبل حتى ما يتعلموا القراءة والكتابة، حاجة كده بتجري في دمهم ماتعرفش ليه ولا ازاي ولا بدأت منين، كانوا بيعملوا منها دورات رمضانية والشوارع والمناطق اللي جنب بعض كانت بتعمل مسابقات، كانت هي تسليتهم الوحيدة وعملوا منها ذكريات وحكاوي يقعدوا يحكوها لأولادهم وأحفادهم.
شراب وخيط وقطن وإسفنج وكولة أو شراب حريمي ورجالي على حسب اللي تلاقيه، وتحشيه قش رز أو قطن كان بيتسرق من أي مرتبة أو فرش قديم مرمي بتاخده من ورا ست الكل، وكانوا بيتشاركوا في العمايل مين اللي هيجيب الشرابات القديمة ومين اللي هيجيب القطن اللي هيحشوا به الشراب، وقوالب الطوب كانت هيكل للمرمى. دي خامات بسيطة كانوا بيعملوا بها الكورة زمان لإن وقتها ماكنش في إمكانيات علشان الأولاد يجيبوا الكورة اللي بيشوفوها في الماتشات برا وجوا مصر.
المخضرمين في مجال الكورة بيقولوا اللي مالعبش كورة شراب عمره ما لعب كورة في حياته لسببين؛ السبب الأول إنها مربوطة مع ناس بذكريات قديمة وحلوة وأجمل سنين عمرهم زيّ ما بيقولوا، والسبب التاني هو فكرة إنها بتعلمهم مهارات كتير زيّ ازاي يتحكموا في الكورة لإنها كانت غير كاملة الاستدارة واللي بيلعبها بيقولوا عليه الحريف.
الكورة الشراب بسيطة في عمايلها وكانت أمان للأطفال لإنها ماكانتش بتعور حد، ماكانتش بتكلف حاجة بس علمت وعمل ذكريات و تراث كروي، وكانت بمثابة بديل شعبي لكرة القدم في شوارع وحواري مصر.
أشهر أماكن اللعب كانت روض الفرج وشبرا وإمبابة، ونجوم كتير دلوقتي بتشوفهم على الساحة الرياضية من أشهر وأمهر اللعيبة، بدايتهم هي الكورة الشراب، هي اللي علمتهم ونمت فيهم حب الكورة؛ “الخطيب” في عين شمس، “حسن شحاتة” في كفر الدوار، و”حسن الشاذلي”، و”صالح سليم”، و”ثابت البطل”، و”طه إسماعيل”.
ليه مابقاش في كور شراب؟
ماحدش عنده إجابة على السؤال ده، بس يمكن بجملة الحاجات الكتير اللي انتهت وكانت مربوطة بطفولتنا واحنا صغيرين، بجملة الذكريات اللي ماشيين ندور عليها في كل ركن، بجملة التفاصيل اللي عشناها واحنا صغيرين وكبرنا بندور عليها تاني في كل حاجة حوالينا.. ولا على رأي أخر مشهد في فيلم الحريف “زمن اللعب راح!”