الحكمة الفلسفية في الأغنية الشعبية: الصراع الأزلي بين العبد والشيطان

الأغاني الشعبية متاخد عنها فكرة متعممة بشكل كبير إنها هايفة، أو هابطة، ومش بتعيش. مجرد هوجة بتنتشر وقتها والناس تهيص وترقص، وبعد كده الناس تنساها علشان لا فيها كلام ولا فيها معنى. لكن الحقيقة التعميم مش حلو، واللي لفت من النظرة دي كان “العبد والشيطان”. أغنية بنسمعها من أكتر من 10 سنين، وانتشرت وقتها وكانت نجمة الأفراح في المناطق الشعبية والناس بترقص عليها، بس ماعتقدش حد فكر في معنى كلامها بشكل جد.

“في الأول جرجرتك، من خيبتك خدرتك” بمنتهى السلاسة بيبتدي “محمود الحسيني” يغني ملحمة عن الصراع الأزلي بين الإنسان والشيطان، اللي بيجر رجله عن سكة الحق، وفي نظر الإنسان البسيط، جر الرجل ده ابتدى بإنه قاله “اتبحبح روح سيما، إلعبلك دور دومنة” وواحدة واحدة، يتنقل لـ “ما تولع وتحشش ولا احنا في بنزينة؟”

في البداية، في معلومة ممكن تبقى مش عارفها، هي إن الأغنية لها جزء أول مش مشهور بنسبة كبيرة، لكن بتبين حالة العبد قبل ما الشيطان يجرجره: “أول كلامي أنا على المصطفى صلي هقول حكاوي وعبر واحفظ وفسرلي.. شيطان وقال للعبد طول عمرك بتصلى وتسبح وتصوم طول عمرك مشغول بالحي القيوم. وبعد الشيطان ما دخل حياته، وزّه على كل جوانب حياته، من ناحية يروح يلعب، ومن ناحية تانية يشاغل جارته، وإنه يجرب كمان يشرب خمور ومخدرات:

“الجارة اللى قصادك.. بتشاغلك عبرها
من تقلك وعنادك.. قربت تطيرها
قول يا حسينى قول سمعهم كده ع طول
العبد قال للشيطان
يا عدو الإنسان.. يا طريد الرحمن
من ضمن الأحاديث لنبينا المختار
كام حكمة يا إبليس للجارة والجار
الشيطان قال للعبد
لو تشرب يا منيل
هتحس إنك عيل
بإزازة كونياك الهم هينساك”

عن: pinterest

لكن في الأول، العبد عمل نفسه معلم وقلبه ميت، فقال:

“جاى تضحك على دقني.. وأنا راجل أستاذ
أحسنلك تفارقني.. لأديك بالعكاز
مش عيب لما أتطوح
وأتمرمغ ف الطينة
وأتسب كل ليلة
من أهلي ومن جارى”

لو مشينا مع مراحل الصراع في الأغنية، العبد بيحكي اللي حصل له مع الشيطان، وبيبتدي باسم الله وذكره، وبيستغفر ربنا على ما جرى منه: “الأولة في الغرام باسم الإله بديت وأنا بغني، استغفر الله العظيم على ما جرى مني، شيطان قال للعبد وريتك الدنيا وألوانها، وبعت الآخرة علشانها، وبقيت تخاف تخرج منها ونسيت كمان الصلاة والفرض”.

الشيطان بعد ما في الأول جرجره ومن خيبته خدره، العبد وصل لمرحلة إنه خلاص بقى ماشي على الخطى الصحيحة اللي الشيطان عايزه يمشي فيها، من غير مجهود من الشيطان، لدرجة إن الشيطان بقى فخور به وبيقول له: “بقيت تعرف تكذب وبتلعب على جارتك، وبقيت تلعب بوكر وبتشرب جون ووكر”

وبعد المسيرة دي، العبد بيقول: “من بعد ما طاوعتك مبقتش عارف أعيش وديتني لحد النار وهناك ماعرفتنيش”. الشيطان يسكت؟ أبدًا، قال: “ما تنفض وتهلس ما تهرتل وتفيس، لو عايز تتنمرد طب ما أنت كده كويس”، والنمردة هنا بمعني التمرد بس باللغة الحديثة.

الصراع انتهى على إيه؟ على العبد اللي اكتشف ألاعيب الشيطان وفاق لحياته، وجاي أصلًا يحكيلنا الحدوتة دي في الأغنية بعد ما فاق، فبيقول في النهاية:

“هسيبلك المعاصي وأصون رسول الله

وإن جيتلي هبعدك بآيات كتاب الله

وما دام هرجع أصلي

مش هتعـــــــــرف توصلي

والناس بقى تتعلم من كل اللي حصلي”

آخر كلمة: الفلسفة مش حِكر على الكتب.. ممكن تلاقيها على لسان أبسط حد حواليك

تعليقات
Loading...