الدلالة والماشطة: مهن تراثية غيرت من جلدها للبقاء في عصر السوشيال ميديا

مهن قديمة وتراثية، جزء من ثقافات الشعوب، بعضها اختفى وأصبح في طي النسيان ولا نعرف حتى فيما كانت تستخدم، وبعض المهن عند سماعنا اسمها للوهلة الأولى نظن أنها انضمت لقائمة المهن المنسية ولكن في الحقيقية، لم يختفي الغرض منها ولكن تغير شكلها وارتدت ثوب جديد بمسميات مختلفة تناسب عصرنا الحديث.. كيف حدث هذا؟

البيوتي سنتر بديل البلانة

البلانة أو الدلاكة مهنة من التراث القديم، التصقت بالمرأة وعرفت منذ عهد الفراعنة باسم (التدليك الفرعونى) وكان له اهتمام كبير لدى الملكة كليوباترا التى خرجت أسماء عديدة من الماسكات في العصر الحديث باسم مكونات الحمام الذى كانت تقوم به.

وتتلخص مهام البلانة بإنها تقوم بتغطية الرأس بمنشفة كبيرة من خامة القماش لاستنشاق بخار ممزوج بالنعناع يخرج من إناء نحاسي للشعور بالاسترخاء، ثم مرحلة الجلوس في الماء الدافئ وتنبعث من خلاله دفعات قوية من المياه الساخنة ثم الباردة بشكل مفاجئ لتنشيط الدورة الدموية، مع سكب زيت الياسمين داخل حوض الاستحمام مع باقات حية من زهور الياسمين.

وبمرور الوقت وانتهاء عصر الملكات بدت البلانة هي المسؤولة عن تزيين العروس ليلة الزفاف بدلًا من الملكة، فتقوم بتدليك النساء بالكيس وصبغ شعورهن في الحمامات الشعبية وحمام التلات، ومع وصولنا للعصر الحديث يتم مزاولة هذه المهنة الآن لكن تحت مسميات وفي أماكن مخصصة لها مثل (البيوتي سنتر) مع احتفاظ الحمامات الشعبية بمكانتها.

خبيرة التجميل بديلة عن الماشطة

وظيفتها كانت تزيين الفتيات في الماضي، يوم للسيدات يبدأ مع خروج الرجال إلى عملهم وبعدها تتجمع سيدات المنطقة في منزل إحداهن، ومن هنا تبدأ رائحة السكر والليمون تفوح أركان المنطقة الشعبية، ولتبدأ الحفل على أنغام الأغانى والضحكات، وكانت أكثر المناسبات التى يعتمد عليها الناس فيها هى الأفراح، ونظرًا لعدم توافر أدوات المكياج بالشكل التى عليها الآن فكانت تستخدم الزئبق لتنعيم الوجه ودم الغزال لاحمرار الوجنتين.

وكانت الماشطة تزور النساء في منازلهن، وتعير الفقيرات منهن الثياب والحلي في مناسبات الزواج والزفاف، بالنظر لمهام الماشطة نجد إنها الأن أصبحت تقترب من الكوافيرة في العصر الحديث والتي تطورت بعض الشيء أيضًا وحل محلها “الميكب أرتيست”.

تطبيقات التعارف بديلًا عن الخاطبة

ظهرت من أيام العصر الفاطمي، وأخذت تكتسب شعبية في الأحياء الشعبية نظرًا لكثرة عدد سكان تلك المناطق، وتمسكهم بالعدات والتقاليد ومبدأ “دخول البيوت من أبوابها” فكانت على دراية بكل سكانها، كانت تحمل صورًا لكل سكان المنطقة العزاب من رجال وسيدات، وعندما يحدث المراد ويتم توفيق رأسين في الحلال تصبح هي أول معازيم الفرح، وتظل على علاقة طيبة معهم حتى وصول أول مولود، الخاطبة اكتسبت أهميتها نظرًا لقلة شبكات العلاقات ودوائر المعارف، ولكن مع ظهور السوشيال ميديا وعصر الانترنت وتطبيقات الزواج والمواعدة أصبح الأمر أكثر إتاحة وسهولة وتوسعت شبكة العلاقات، فنجد الدور الذي كانت تقوم به أخذ شكل آخر من خلال وسائل في متناول الإيد.

ميدوايف بديلة الداية

مرتبطة في أذهاننا بجملة ““حضري ليا المية السخنة”، بسبب العادات والتقاليد العربية، كانت “الداية” هي مصدر ثقة العائلات في كافة أمور النساء والولادة، خاصة المناطق الريفية التي لم تصلها الخدمات الطبية في ذلك الوقت، بل لم يقتصر عملها على هذا الحد فحسب، بل كانت تقوم بعمل طهارة الصبى وختان البنات والإعداد للاحتفال بالسبوع، ومهارات المهنة تأخذها بالوراثة.

ولكن مع تطور الخدمات الطبية، بدأ يتم تقنينها أو منعها إلا في حالات إصدار تراخيص، ولكن بالتأكيد الزمن يعيد نفسه ونجد إنه ظهرت بدلًا من الداية مهنة “الميد وايف” بشكل احترافي، وظهر ممارسين لها ولكن مع تدريبات ومتابعات للسيدة من بداية الحمل وحتى بعد الولادة والاعتناء بالطفل.

وبعض الصحف رصدت أول “ميدوايف” في مصر، ميادة محمود الشربيني بعد دراستها التمريض وحصولها على شهادة البكالوريوس، اتجهت للعمل في دولة الإمارات، وهناك عرفت ماذا تعنى كلمة “ميد وايف” تقدمت لدراستها وكنت من أول دفعة تخرجت منها، وأصبحت أول ميدوايف مصرية حاصلة على شهادة، مع تصريح مزاولة المهنة.

التجارة الاكترونية بديلة عن الدلالة

“البؤجة” قماشة كبيرة مربعة الشكل يوضع بها طلبات “الزباين”، ويربط كل طرف بالذي يقابله، وتحمل على الرأس، كات رأس مال الدلالة والدلال، بها الأقمشة السوداء والملونة وأمشاط الشعر وزيوته وبعض أدوات الزينة وأحيانًا أدوات منزلية كالحلل والأطباق.

ينتظر الرجال “الدلال” على المقاهي والشوارع، أما النساء فينتظرن “الدلالة” في البيوت في أوقات الإجازات، مهنة تعتبر وسيط بين البائع والمشتري، يساعدون الأهالي على إيجاد طلباتهم بسهولة، تجنبًا للبحث الطويل والسفر البعيد.

تواجه حاليًا خطر الانقراض بشكلها وآليتها، ولكن مازال من يترددن على أماكن التجمعات والهيئات الحكومية وحتى المستشفيات لبيع الملابس ومستلزمات المنزل بـ “الآجل”، كنوع من المكسب الآجل وتوفير هامش ربح سريع ، 50 جنيه تصبح بـ100 جنيه، وترى أيضًا الوسيط ظهر مع فكرة التجارة الالكترونية وظهور المنصات التي أصبحت تعمل كحلقة وصل بين البائع والشاري.

الغريب أن معظم المهن وإن لم يكن كلها مهن نسائية.. هل ذلك لفت انتباهك لشيء؟

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: زيارتنا لمنزل علي لبيب: أول متحف يوثق التاريخ المعماري المصري

تعليقات
Loading...