بعد تكرار مشاهد الموت: دراما رمضان في قفص الاتهام
بعد ما تابعنا أكتر من 10 حلقات لمسلسلات رمضان 2023، لاحظنا مشاهد عنف وجرائم قتل وحزن ووفاة وكآبة في أكتر من عمل فني، وكان آخرهم في حلقات امبارح مثلًا وفاة صديقة (سهير المرشدي) أم جابر الكوماندا (أحمد العوضي) في مسلسل ضرب نار، ووفاة سعداوي (سيد رجب) بالسم اللي حطه له ابنه بمساعدة طليقته، ووفاة أم صابر المداح في مسلسل المداح في مشهد مأساوي، بعد ما بنتها طعنتها بأكتر من طعنة في السرير وكانت فاكرة إنها بتقتل حد تاني، ومشهد مقتل الجندي اللي بيقوم ببطولته أحمد صفوت في مسلسل سره الباتع، خلال عمليات إرهابية في سينا، ومن قبله هشام الجخ، وهلم جرا، ماتعدش عدد الناس اللي بتموت، أو ما تعدش حجم مشاهد الحزن والعنف والكآبة.
لدرجة الناس على السوشيال ميديا سمته يوم الوداع العالمي في مسلسلات رمضان، والظاهرة دي مش جديدة على مسلسلات رمضان؛ في 2020 مثلًا، سجلت المسلسلات 44 حالة قتل بكل أنواعه، سواء حالات انتحار أو قتل خطأ أو عمد، والسنة اللي بعدها كان في مسلسلات مليانة عنف زي ملوك الجدعنة ونسل الأغراب ولحم غزال، وكل سنة الناس بتتكلم عن الموضوع.
فبدأنا نسأل، هل استراتجية الحزن والكآبة والعنف والموت المبالغ فيه اللي بيلجأ لها صناع الدراما لها جدوى ولا مجرد حشو ومط؟ ولا ده جزء من واقع بنعيشه والدراما مجرد مرآة بتوريه لنا؟ ولا هي اللي خلقت الواقع ده من الأساس وبالتالي اتنقل للشارع؟
هل الدراما مدانة ولا بريئة؟
من بعد 2011، لاحظنا إن المواسم الدرامية بدأت تتملي بالعنف والقتل الدموي والذبح، وبقى الموضوع أكتر جرأة، بالرغم إنها كانت واحدة من المحاذير اللي ماكنتش بتظهر على الشاشة، ولو ظهرت بتبقى في حدود ضيقة بتخدم السياق الدرامي؛ زي مشهد تفجير القهوة الشهير في مسلسل (العائلة)، كان وحيد حامد لجأ له لسرد قصة حقيقية حصلت في التحرير وقت الإرهاب، ولكن اللي لاحظناه إن المشاهد دي بقت تظهر وبشكل مبالغ فيه، وظهرت وكإن البناء الدرامي معتمد عليها بشكل كلي في السنين الأخيرة، وبقت وكإنها جين أساسي من جينات الدراما التلفزيونية.
في نقاد حللت ده بإنه انعكاس طبيعي للواقع، لكن البعض وصفه إنه تخطى حدود الواقع وبقى عامل زي جرعة الصدمة اللي بتقدمها للمشاهد، واللي أحيانًا بتوصل للخيال؛ زي ما ظهر في بعض مشاهد في مسلسلات رمضان، خصوصًا اللي بتتكلم عن الصعايدة، وظهرت فيها الناس بتموت زي الفراخ بالظبط، وأي حد بقى يصبح على حد بشكل مايعجبوش يضربه طلقة في دماغه، واتحول الموضوع فجأة من مشهد جيد لكوميدي من كتر المبالغة فيه أو للوهلة الأولى تتخيل إنه مسلسل هندي.
وفي واحدة من الأحاديث للناقد الفني كمال يونس، لـ (إرم نيوز) قال: “بعض الأعمال الدرامية الموجودة هدفها الشو للبطل وإبراز مدى براعته لتجسيد أدوار الحركة، وتكون بمثابة مباراة تنافسية بين الفنانين لإظهار قدراتهم الفنية على أدائها”، ووضح إن معظم الأعمال هدفها التجارة مش التوعية، خاصة إن الأكشن من أكتر الأعمال اللي بتكسب علشان بتقدم إثارة.
وأوضح الناقد الفني سمير الجمل: “ضمير الفنان وصناع العمل الدرامي هو الذي يتحكم في تقديم مشاهد عنف مبالغ فيها أم لا ، لأنها لم تعد محبذة للجمهور فهي زادت عن حدها الأعوام السابقة”.
ولكن الناقد أحمد صالح أكد إن وصول جرائم القتل والشروع فيه للعدد ده دليل عن إن العنف موجود في المجتمع، وإنها بتعكسه ،وإنك لو بصيت لعدد المسلسلات الكتير وعدد جرائم القتل هتلاقيها طبيعي، وأضاف نقطة مهمة، وهي إن مواضيع القتل بتدي مساحة كبيرة للمؤلف للمط والتطويل، لإن جريمة القتل بييجي وراها تحقيق ومتابعة، وبالتالي مشاهد من الحزن والكآبة بعدها.
السؤال الأهم، هل الدراما فعلًا بتعكس الواقع من خلال مشاهد العنف والموت المبالغ فيه، ولا هي محطوطة في قفص الاتهام ولها دور في اللي حصل في الشوارع العربية، من أيام أفلام عبده موتة، ومابقتش هي المرآة وبقى المجتمع هو اللي بيعكس اللي بتقدمه الدراما ومش العكس؟