نبرتها وعويلها مصدر رزقها الوحيد.. عن مهنة الندابة الأثرية
تأتي لك وهي مغطاة بالأسود من أعلاها لأسفلها، بعد أن يقوم أهل الميت باستدعائها لتبكية الحضور، صريخها هو مصدر رزقها الوحيد، نبرتها العالية هي رأسمالها في هذه الحياة التى تفتح أمامها أبواب العيش، إنها “مهنة الندابة”.
دموعها التى لا تهدأ ميزة، وسطوة عمن حولها من النسوة في الجنازات عن أي شخص آخر، يكون لديها مجموعة من المشاعر المضغوطة والساكنة وتنتظر أي مناسبة حزينة حتى تفجرها حتى ولو لم ترى الميت طوال حياتها، ولكن وجودها في فترة من الفترات كان يعطي للأهالي إنطباع بأن المتوفي “عزيز وغالي” فكلما كانت نبرات الصوت أعلى كلما حصلت على أموال أكثر وكلما اعتقد المعزيين أن المتوفى مكانته أغلى.
يقول الأديب خيرى شلبي في مقدمة كتاب “فن الحزن” إلى أن مهنة الندب ترجع أصول مصرية فرعونية مستندًا إلى اهتمام المصرى القديم بطقوس الموت وإيمانه بعقيدة الخلود كما أن فن النواح كان معروفًا في العصور المصرية القديمة، واعتبر الباحث فى علم المصريات الدكتور أحمد صالح أن أول معددتين في التاريخ الإلهة إيزيس زوجة أوزوريس الذى قتله أخوه بحسب الأسطورة المصرية القديمة، ودلل على وجود هذا الفن في عصر الفراعنة هو الصور على بعض جدران المقابر، وتظهر فيها المعددات أو النادبات وهن يسرن خلف الجنازة.
كما كان لهن وجود في بعض المناطق من الجزيرة العربية وبلاد الشام، ولا يزال لهن وجود فى بعض دول إفريقيا، ومع تطور العصور بدأت تنحصر مهنتهن إلا أنها لها صدى في بعض الأوساط الريفية في القرى والنجوع المصرية حتى الآن.
“اللطامة” كما تقال بالشامية هي امرأة عادية جدًا لا يفرقها عن النساء سوى ما ذكرناه، تجدها تضحك وتسعد وتحزن، فهى مثل جميع السيدات، ولكن فور سماع خبر وفاة شخص تقوم من جلستها، وتخرج إلى العالم بثيابها السوداء المتهالكة، وتنطلق في الجنازات وتبدأ في استعراض مهاراتها والتي منها “الولولة” على المتوفي.
آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: دموع أثرية في مطروح: لماذا جمعت النساء دموعهن في زجاجات؟