ما يفهمك إلا ابن كارك: ازاي كل مهنة خلقت سيم ولغة خاصة بين أصحابها؟
كل مهنة من وقت ظهورها قدرت تخلق السيم بتاعها “شفراتها ولوغاريتماتها”، بنلاقيها بتتنقل بين الأجيال من أصحاب المهنة الواحدة أو “الكار الواحد”، وفي كلمات بتبقى شائعة وممكن الزبائن تعرفها، وفي بعض المصطلحات سرية بين العمال وأصحاب المحل، علشان في الغالب لو اتقالت قدام الزبون ممكن يخسروا الهدف منها، حتى لو كانت خبطة معينة على الخشب أو تسقيفة بالإيد.
ولاكتشاف العالم ده جمعنا بعض المهن المعروفة بكتالوجها الخاص والممنوع المساس به أو التعديل عليه، مع بعض المصطلحات المشهورة وفي الغالب كنا بنسمعها ومش عارفين مين بيودي على إيه.
تجار الدهب وقاموس عبري على أصله
من أكتر المهن المليانة بمصطلحاتها، بتبقى بين العمال، في منها بيتم استخدامها مثلًا إشارة من صاحب المحل إن الزبون هيشتري حاجة أو إنه وافق على طلب معين، واللغة دي بتعود أصولها لليهودية وقت ما كانت محلات الدهب منتشرة في حارة اليهود وهما كانوا أصل التجارة وقتها في مصر، فبدأ التجار تستخدمها وتتوارثها.
عندك كلمات أساسية زي (يافت) ومعاها إن كل شيء تمام ومفيش منها ضرر أو إن مفيش مانع من إتمام البيع ولا قلق من الزبون، وكلمة (بار) عكسها بمعنى “خلي بالك من الزبون ده علشان يقلق”، وكلمة (حمشة) ومعناها 5 جنيه و(حمشة كبيرة) بمعنى 50 جنيه، وكلمة (أنتلة) يعني 10 جنيه، ده غير (فلتلوش) و(شقشوق) بمعنى فلوس، وغيرها من الكلمات أصلها يهودي وركن أساسي من تجارة الدهب.
محلات الميني فاتورة
محلات القماش زمان كان اسمها (الميني فاتورة) ولغة تجار القماش نفسها بترجع لأصول شامية وعربية، من أيام القوافل المحملة بالبضائع والرحلات، ومعظم ولاد كارها مش بيرضوا يفصحوا عن السيم بتاعهم لإن بعضها بتبقى نوع من أنواع التوجيه للبائع، بمعنى “كمل مع الزبون ده، وده بيجادل وخلاص فمش هيشتري وده مش هيغير في دماغه” وهكذا.
ومن ضمن الكلمات المعروفة شوية كلمة (شنف) ومعناها زبون نص نص، ولو زبون هيشتري خلاص ويدفع بيتقال عليه (ع) فيروح صاحب المحل غامز للبايع الغمزة بمعنى وريله بضاعة تانية وحاول تستنفع منه على قد ما تقدر واطلع بمصلحة، ولو زبون مش هيشتري بيتقال عليه (د).
شفرة القهوجية
القهوجية وضعهم مختلف لإن القاموس كله بيتخلص في المشاريب، وكل مقادير لها افتكاسة خاصة بيها، ولإن جمهور القهوة كبير وكييف فمصطلحاتهم كمان كتير، مثلًا (الاسكتو) قهوة بدون سكر، و(السريقوسى أوالحريمى أو كعب عالى) قهوة سكر عادي، أما القهوة (المكحلة) عبارة عن قهوة عليها لبن خفيف جدًا، والحلبة باللبن اسمها (حصا ميزا) أما بقى (العيادة أو المستشفي) فهو مشروب الينسون لإنه معروف إنه بيعالج بعض الأمراض.
حتى تلقيمة الشاى كل ما اختلفت كل ما الشاي بقى له اسم وشكل، مثلاً الشاى الخفيف مع السكر الزيادة معروف بالـ(فريسكا)، و(السكلانس) هو شاي عليه لبن، والشاي (الميزو) هو شاى خمسينة في كباية صغيرة، وماننصحش كارهي الشطة والحراق إنهم يجربوا مشروب (مية نار) لإنه عبارة عن مركز مكون من خليط من القرفة والزنجبيل، له طعم لاذع.
محلات الكشري ومعاك واحد كمالة
” ماتنساش الدقة والشطة واتوصى بالورد”.. الكشري حبيب الملايين ومنسوب لهوية المصريين تحت تهديد السلاح، جمل كتير بنسمعها منهم في المحل ومش بنبقى فاهمين، هما قصدهم على الطلب بتاعنا ولا طلب حد تاني.
ركز معايا في الجملة دي “واحد بندق من غير ورد ولا كهرمان وواحد خالى المونة” مونة إيه ولمونة إيه احنا مطلبناش كل ده؟ بس لو سألت واحد منهم هيقولك ويترجم، يعني لو طلبت كشرى برز زيادة هيقول للعامل زود السنيبر، ولو عايز مكرونة أكتر هيقول زود لوز، ولو مش عايز عدس هيقول من غير كهرمان، والتقلية اسمها ورد، والصلصة مونة أو فراولة، وخلي بالك “مياة السلطة” يعني “ويسكي الغلابة”.
الصيد ويامهون هون
فاكرين أغنية ” يا مهون هون” أشهر أغنية اتغنت على مركب صيد في (فيلم صراع في النيل) وبتبرز حياة الصياديين، الفيلم ده كان عالم لوحده وله برضه مصطلحاته، وكده كده الصيد والبحر عالم لوحده ومن مهن بتقع تحت إطار أسرار وغرائب تحب تكتشفها وزي أي مهنة لهم كتالوج بيتفاهموا بيه مع بعض.
عندك (الطلعة) يعني رحلة صيد و(الدور) هو مكان الصيد و(الدور شغال) يعني مكان الصيد السمك فيه بياكل والأمور كويسة و(الغمازات) يعني العوامات و(المياه منملة) يعني المياه بطيئة، و(بياكل على داير الفلة) يعني السمكة بتاكل الطعم بشراسة مع كل نزول للطعم في المياه. وهلم جرا من مصطلحات خلقت من البحر والشواطيء عالم تاني مختلف.
كل مهنة لو ركزت فيها هتلاقي كتالوجها ولو أنت مش معاهم في الكار هتقول ده فعلًا عالم محتاج ورقة وقلم ومذاكرة علشان تتعلمه حتى في أبسط المهن، والسيم والألغاز دي بالرغم إنها ممكن تبان لك غريبة بس بتسهل على أصحاب المهنة حاجات كتير.