قانون رائع واحتمالية نتائج كارثية: إلزام أماكن العمل إنشاء حضانة لو في 100 عاملة
وافق مجلس الشيوخ المصري على نص المادة (56) بخصوص أماكن العمل واللي نصها بيقول: “على صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مكان واحد أن يُنشئ دارًا للحضانة، أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع المحددة باللائحة التنفيذية لقانون الطفل.”
وبيكمل نص القانون: “وتلتزم المنشآت التي تقع في منطقة واحدة وتستخدم كل منها أقل من مائة عاملة، أن تشترك في تنفيذ الالتزام المنصوص عليه في الفقرة السابقة، وذلك بالشروط والأوضاع المحددة باللائحة التنفيذية لقانون الطفل.”
قانون رائع و احتمالية نتائج كارثية
رغم إن نص القانون شكله جميل والفكرة ممتازة إلا إن النتائج بتاعته ممكن تكون كارثية، فأماكن العمل الخاصة اللي نص القانون بيتكلم عنها، عندها قدرات خرافية على الإلتفاف حول أي قانون علشان تتجنب زيادة المصروفات في سبيل تحقيق أكبر قدر من الأرباح. وده واحد من أهم مبادئ الرأسمالية الشرسة اللي بدأت من فترة تسيطر على سوق العمل في مصر.
وسلبيات القانون ده ممكن تأثر بشكل كبير جدًا على فرص النساء في سوق العمل المصري. وفرص النساء في سوق العمل العالمي مش أحسن حاجة، لكن في سوق العمل المصري الموضوع أسوأ بكتير.
وعلشان نفهم النتائج الاحتمالية الكارثية للقانون الجديد لازم نفهم عقلية أصحاب الأعمال الخاصة.
تجنب تشغيل النساء في أماكن العمل لتجنب الخضوع لقانون إنشاء حضانة
بعد تطبيق القانون الجديد، معظم أماكن العمل ممكن تتجنب تشغيل النساء علشان عددهم في الشركة مايزيدش عن 99 عاملة وبالتالي الشركة ماتخضعش للقانون الجديد. وده هيقلل فرص النساء في سوق العمل بشكل كبير، وهتخلي الشركات تفضل الرجالة عن الستات، واللي هو بالفعل واقع موجود على الأرض النهارده، ومن غير ما القانون ده يتطبق.
الجزء التاني من نص القانون اللي بينص على إلزام أماكن العمل اللي تقع في منطقة واحدة وبتستخدم أقل من مائة عاملة إنها تشترك في تنفيذ القانون. النص ده مش واضح ومش بيحدد عدد الشركات اللي بتخضع للجزء ده من النص، ولا الطرق اللي هيتم بيها إلزامهم بإنشاء دور الحضانة.
وغياب الوضوح في نص القانون بيسهل على الرأسمالية إنها تلتف حوله وتستغله لصالحها مش العكس.
تشغيل النساء من غير عقود عمل وضياع حقوقهم
واحد تاني من الطرق اللي الشركات الخاصة ممكن تستخدمها علشان تلتف حول القانون ده إنها تشغل العاملات من غير عقود عمل، وهتستغل حاجة الناس للشغل علشان يجبروهم يشتغلوا من غير أوراق رسمية تضمن لهم حقوقهم العمالية.
وعدم وجود عقد عمل يتقدم لمكتب العمل معناه إن العاملة دي مش محسوبة على الشركة كموظفة أصلًا، وبالتالي عدد العاملات المحسوبات على الشركة هيكون أقل من مائة ومش هيكونوا خاضعين للقانون الجديد.
الشكل ده من أشكال الإلتفات حول القانون هيستبيح حقوق العاملات بشكل كبير جدًا.
القانون تجاهل الرجالة تمامًا زيّ ما يكون ماعندهمش أطفال
تخصيص النساء في القانون زيّ ما قولنا هيخلق أزمة في تشغيل النساء في مصر. لكن كمان إن القانون يتجاهل الرجالة تمامًا ده ظالم جدًا، لإن في أبهات كتير محتاجين يشتغلوا ويضمنوا وجود أولادهم جانبهم، والقانون لو شمل الرجالة والنساء على حد سواء هيتجنب أي طرق ممكن يستخدمها أصحاب الأعمال في إنهم يلتفوا حولين القانون. وكمان هنتجنب تقليص فرص عمل النساء في سوق العمل المصري.
لو مثلًا نص القانون كان بيقول إن أي مكان عمل فيه أكتر من مائة عامل أو عاملة مُلزم بإنشاء دور حضانة لرعاية أبناء العاملين، ده ممكن يخلي كل أماكن العمل تعمل كده وهيوفر على الموظفين كتير وهيشجع الناس على الشغل وهما مرتاحين ومتطمنين على أولادهم.
الحقيقة إن أي قانون بيمس حقوق النقابات العمالية في مصر بالذات لازم يدرس عقلية أصحاب الأعمال بشكل دقيق. فقانون زيّ القانون الرائع اللي اتعمل ده، ممكن يغطي عليه أصحاب الأعمال الخاصة، بالذات في ظل سوق العمل الرأسمالي البحت اللي بيسيطر على الاقتصاد المصري النهارده. زيّ ما قولنا إن أماكن العمل في ظل الرأسمالية بيكون هدفها هو تقليل المصروفات وزيادة الأرباح بأي شكل، وبيعرفوا كويس جدًا يلتفوا على القوانين ومتطلبات العاملين علشان يحققوا الهدف ده، واللي بيكون في النهاية الخاسر الوحيد فيه هو العامل اللي بيتحول من موظف لعبد في الشركة.