بين ثقافتين وقضية اللجوء: مسلسل مو عامر بيحقق نجاح على نتفلكس
على المنصة الأكثر شهرة في العالم لحد دلوقتي، مسلسل بيناقش اللي بيدور جوا شاب عربي بيعيش في أمريكا مع والدته، وبيواجه دمج الثقافتين، مع أحلام وطموحات شايلها لإعالة أسرته الفلسطينية، وقضية اللجوء.. كل دي قضايا لو فكرت فيها بخطوط درامية ممكن الموضوع في دماغك يكون كبير ودرامي وبيتناقش بشكل مأساوي، لكن مو عامر خلّاه بشكل بسيط وفيه كوميديا من أبسط المواقف، ممزوجة مع واقعية كتير، هتخليك من غير ما تحس بترتبط مع الشخصية وتفاصيلها اللي مشتركة بيننا في المجتمع العربي حتى في أبسط التفاصيل زي مكالمة فيديو مع خالته، و”مش هنفرح بحمودي بقى؟” اللي قالتها لمامته، هتحس إنك أكيد عيشت الموقف ده مع قرايبك أنت كمان.
قبل ما ندخل في تفاصيل المسلسل، مين البطل وازاي بيقدم قضية شاب فلسطيني من وجهة نظر عربية على منصة نتفلكس؟
محمد عامر (مو) ممثل كوميدي، أو بمعنى أدق ستاند أب كوميديان، قدم أعمال مختلفة على نتفلكس لكنها كانت من نوعية الستاند أب، وده أول مسلسل له، محمد شاب أمريكي من أصل عربي فلسطيني، اتولد في أوائل الثمانينات في الكويت، لأب وأم فلسطينيين، والده كان بيشتغل مهندس اتصالات في الكويت، لكن في أحداث حرب الخليج اضطرت الأسرة تهاجر لأمريكا، وفي رحلته الدراسية، اللي كانت الكوميديا بتشغله عنها أوقات كتير، اكتشف الكوميديا وهو عنده 14 سنة وده خلّاه يهمل المدرسة، لكن أستاذته عملت معاه اتفاق بيّن موهبته أكتر، والاتفاق ده كان إنه يقدم عرض كوميدي في الدراسة مقابل إنها ترجع له درجاته لما قبل إهماله الدراسي، ومن بعدها بقى مو بيقدم عرض كوميدي صغير في الفصل كل يوم جمعة.
لو دخلت على نتفلكس، وكتبت “مو عامر” هيظهر لك المسلسل وهو ترند رقم 3.. وهتكتشف إن مو شارك في تأليفه كمان مع رامي يوسف.. في 8 حلقات، بيناقش المسلسل في كل حلقة فيهم فكرة بتدور عنها الحلقة، هتعيش في كل حلقة منهم جوا خيال البطل اللي تايه شوية بين ثقافته الأصلية وعيلته، وبين المجتمع اللي عايش فيه، وبين صراع إنقاذ عيلته بحلم اللجوء.
القضية الفلسطينية
مسلسل على أكتر منصة لها جمهور ومحققة نجاح في العالم كله، جت فرصة لينا كعرب، فرصة متشافة من كل دول العالم، وبنفس الوسيلة اللي بتستخدمها اسرائيل في تزييف الحقايق، جت لنا الفرصة دي علشان نظهر الجانب الآخر اللي ماحدش اتكلم عنه بالقدر الكافي قبل كده. فبالتالي يقدر يشوف ليه الأزمة دي موجودة، ومين الجانب اللي بينتهك حقوق الآخر، يشوف مشاهد واقعية ماعندوش فرصة يشوفها كتير. وبالنسبة للمشاهدين العرب، ما بنصدق يبقى عندنا فرصة نتكلم عن القضية الفلسطينية في أعمال فنية لإن الفن تجاوز حدود الدول، ما بالك لو العمل الفني ده اصلًا أجنبي، ومش مجرد عندك فرصة تظهر فيه القضية دي بمنظور عربي لمجرد إنك عربي في فريق العمل، ده العمل كله بيدور حوالين شاب فلسطيني! متخيل عندك فرصة قد إيه تظهر حقايق كتير؟
لكن في “مو” ماتمش حتى ذكر “اسرائيل” غير مرة واحدة مثلًا.. ومفيش أي مشاهد عن فلسطين نفسها، حتى لما بيّنوا اضطهاد جنود، كانوا جنود عراقيين مش اسرائيليين، وهنا في اعتقادنا إن دي كانت فرصة نبيّن فيها القضية، لكن على الأقل تم تناول القضية من ناحية حياة الشباب اللي دلوقتي تايهين في هويتهم.
وفي نهاية المسلسل، المحامية اللي كانت بتحاول تنقذ مو كانت محامية يهودية، تفصيلة صغيرة زي دي هل كانت مقصودة أو بمعنى أصح مجبرين عليها؟ وممكن ده يكون إشارة صغيرة عن مدى صلاحية إظهار فلسطين بالشكل الحقيقي في عمل فني في هوليوود؟ ممكن يبقى اللي اتذكر وتم تمثيله في المسلسل كله هو ده أكبر قدر ممكن يتقدم بس، فنقول كويس إننا أخدنا الفرصة دي أصلًا ونحتفل بالإنجاز لحد كده؟
حتى طريقة تقديم القضية، وإظهار الصراع بين الثقافتين والصراعات الداخلية في عقل البطل، أظهروها بشكل بسيط وكوميدي بعض الشئ زي ما هنتكلم عنهم بالتفصيل، في وجهة نظر شافت إن دي الطريقة الأحسن، لإن الناس لو عرضت لهم قضية تقيلة بمشاهد عنف وحروب ودمار مش هتتقبل الرسالة ولا تتفاعل معاها قد ما تقدمها لهم بطريقة يحبوا يستقبلوها. وفي وجهة نظر تانية شافت إن ده تقليل من قضية كبيرة زي قضية فلسطين وبيضر موقفها مش بيقف في صالحها.
صراع الثقافة بين الشرق والغرب
الصراع بين الثقافتين دول، ممكن نلخّصه في مشهد من أول حلقة، اللي بتحمل عنوان “حمودي”. المشهد عبارة عن مكالمة فيديو بين والدة محمد وخالته، وبيدخل مو البيت بيسلم على والدته فتقول “محمد عايز يسلم عليكوا” وطبعًا دي حركة كلنا عارفينها، فبيضطر طبعًا يروح يقعد جنب مامته ويبص في شاشة الموبايل علشان يكلم خالته، اللي بيلاقيها -زي أغلب قرايبنا- لازقة كاميرا الموبايل في وشها وطبعًا هو مش شايف غير مناخيرها، وهيتضح بعد دقيقتين إن مناخيرها مش بس محشورة في شاشة الموبايل، لكنها محشورة في حياة محمد كمان، فبتسأل الخالة السؤال المعهود “مش هنفرح بيك بقى” والسريالية ماخلصتش هنا، لإن مامته ردت وقال لها نفرح إيه ده مصاحب بنت مكسيكية.
*لو تفاصيل المكالمة دي ماحصلتش في حياتك يبقى أنت مش عربي أصيل*
ولو المشهد اللي فات مأكدش الصراع ده عندك، هنأكده بدخول أخوه اللي بيطلب منه حاجة، وبيهدده لو ماعملهاش، هيقول لمامته إنه عمل تاتو من وراها.
اللجوء والجنسية
هتكتشف إن مو عايش في امريكا من غير ورق.. حتى لما اتعرض لضرب رصاص في سوبر ماركت وهو بيتشري حاجات، وفاق وهو بيتنقل على عربية الإسعاف، سأل إيه اللي حصل ولما قالوله إنه اتصاب برصاصة، قام يجري من على النقالة لإنه مش معاه أوراق ولا فلوس تكفي علاجه في مستشفى وتحقيق في هجوم إطلاق نار وكل القضية دي.. وجري على صاحبه اللي بيشتغل في رسم الوشم وهو مصاب برصاصة في دراعه علشان صاحبه يسعفه في الخفاء.
حتى لما اتفصل من وظيفته، لقى إن الحل علشان يقدر يوفر أبسط متطلبات الحياة، إنه يبيع حاجات قديمة وماركات تقليد للناس في الشارع، لكن بحرص شديد، مخبي البضاعة في العربية، ولما عينه تقع على الزبون يفتح معاه كلام ويعرض له الحاجات، من نضارات شمس كلاسيكية، لشنطة شانيل تقليد، على ساعات قديمة. وبكده بيقدر يمشي يومه في رحلة البحث عن وظيفة، ومحاولات إنه يلاقي طريقة للجوء.