كشف العذرية قبل الزواج: ما لا يقولونه الأهل والأزواج
قضية مازالت موجودة على الساحة، بتظهر من حين لآخر بس في الخفاء وبالتحديد في عيادات الدكاترة، مشوار بتمشيه البنت للقيام بإجراء “كشف العذرية “سواء إن كان بأمر من أهلها أو من الزوج المستقبلي والمبرر هو “علشان نطمن” إن البنت لم تمارس أي علاقة خارج إطار عقد الجواز، وبسبب شهادات سمعناها ولسه بنسمعها قررنا نفتح الموضوع من جديد.
جانب من الشهادات:
- شخص متخرج من جامعة حب زميلته بس اشترط عليها شرط قبل ما يخطبها وقال “تعالي نكشف علشان نطمن” فكان رد فعلها إنهم يروحوا لخبير علاقات زوجية “Couple therapy” علشان كانت بايقة على العلاقة.
- بنت اتعرضت لكشف العذرية بعد ما كسرت كلام والدها وخرجت مع صديقة لها حذرها منها، ولما رجعت من الخروجة أجبروها أهلها يروحوا للدكتور.. وبعد المشوار ده، شرخ كبير حصل في العلاقة بينهم وحست إنها زي الحشرة وكلام الدكتورة اللي فضل في ودانها “عادي أهلك من حقهم يتطمنوا عليكي”.
- رجل من بيئة صعيدية ناشفة معروف، اتجوز واحدة غير عذراء ولما سافر مع مراته علشان يحضروا الفرح المعمول مخصوص علشانهم في الصعيد، طلبوا منه إنه يعمل دخلة بلدي زي عاداتهم في العيلة، بس الراجل رفض وخد عروسته ومشي.
الشهادات كانت بمثابة بداية لرغبة حقيقة لمعرفة أكثر عمقًا عن كشف العذرية، وعن إجبار الأهالي وأزواج المستقبل البنت إنها تروح لمشوار الدكتور بغض النظر عن كل تبعاته.
مايحدث داخل غرفة طبيب النساء والتوليد
بما إن عيادة الدكتور هي اللي بيبدأ عندها الموضوع، كنا محتاجين نعرف أكتر من خلال لقاء مع دكتور نساء وتوليد، عن بعض المعلومات اللي بتدور حول كشف العذرية زي:
- لأي مدى الإجراء ده سليم أو صالح طبيًا؟ هل الإجراء ده مصرح بيه طبيًا حتى بدون داعي قانوني؟ ولا ده مخالف لأخلاقيات المهنة؟ وإيه الحالات اللي بيوافق عليها الطب؟ هل في إجراء طبي من الأساس بيحدد ما إذا كانت عذراء أم لا؟ وهل الكشف المهبلي بيجاوب على السؤال؟
دكتور حسام الشنوفي، أستاذ أمراض النساء والتوليد بجامعة القاهرة، بحديثنا معاه هدم الفكرة بإن طبيب النساء والتوليد شخص غير مؤهل من الأساس للكشف على غشاء بكارة البنت، لإنه مش تخصصه، وبيقول: ” المقصود بكشف العذرية هنا بالنسبة للأهالي هو الكشف على غشاء البكارة، ولكن الطبيب الشرعي المتخصص هو الوحيد اللي مؤهل للكشف” وشايف إن اللي بيعملوا كده من أبناء المهنة من دكاترة النساء والتوليد بالاتفاق مع الأهالي بيعتبروا مخالفين لأخلاقيات وأعراف المهنة.
وأضاف: ” بغض النظر عن البعد النفسي والفكري والاجتماعي الخاطيء، في مغالطة الناس والأهالي فاهمينها عن غشاء البكارة وهي إنه بيختفي مع أول علاقة، وده مش صحيح، هو بيحصل فيه قطع مع العلاقة الأولى وبعدين يلتئم لحد ما بيتهتك مع تكرار العلاقات، وأحيانًا بعض السيدات أثناء أول ولادة بيبقى لسه عندها جزء من الغشاء ويبدوا وكإنه لسه موجود برغم وجود علاقة جنسية طبيعية”.
وكمل: “فالناس فاكرة إن الغشاء بيتبخر مع أول علاقة، علشان كده موضوع الكشف في الأساس مش سليم، ده غير إنه محتاج طرق فحص معينة، لإن لو بنت مارست علاقة مرة واحدة هيفضل برضه الغشاء متواجد فالإجراء في الأساس خاطيء وممكن يظلم بنات كتير”.
وختم كلامه”العذرية شيء وغشاء البكارة شيء، دي مش هتثبت دي، كلها ثقافات قديمة بتتحامل على الطب والأطباء”.
الإجابات وضحت لنا إن لا الإجراء صالح طبيًا ولا الشخص اللي الأهالي بتروح له صالح للقيام به من الأساس.
القانون في مواجهة “فحوص العذرية”
هنا احتاجنا نتكلم مع محامي، نعرف منه لأي مدى فحوص كشف العذرية اللي بيقوم بها الأهالي أو الأزواج مع النساء قانونية؟ هل في شهادات عذرية قانونية بتطلع قبل الزواج؟ وهل في قانون بيدي حق البنت إنها تلجأ للمحكمة أو تقدم شكوى؟
بيقول أستاذ ياسر سعد، المحامي المتخصص في الانتهاكات ضد السيدات والفتيات، إن مافيش مادة في القانون متعلقة بالعذرية بشكل محدد على عكس الختان اللي له قانون وعقوبة، ولكن كشف العذرية بيقع تحت إطار العنف، وبيقول تحديدًا: ” في الحقيقة كمان إن علميًا، اكتشفوا إن مفيش أي إثبات يقول إن البنت عذراء ولا لأ، الإجراء ده بيتم انتهاكًا للمرأة، حتى لا يجوز لأي جهة قضائية إنها تعمل الكشف، وشهادات العذرية اللي بتطلع غير قانونية وبيحصل نتيجة تواطيء الدكاترة مع المستشفيات والأهالي”.
بعد ما أكد لنا المحامي إنه انتهاك، سألناه عن حالة محاولة البنت إنها تقدم شكوى، وجاوب: “طبقًا للدستور لايجوز أي شخص إنه يتجبر للكشف عليه أو أخد عينة من جسمه بدون موافقته، فمن حقها تقدم طلب للنيابة العامة باعتبارها صاحبة تحريك الدعوى الجنائية، ولإن ده يعتبر اعتداء على حريتها الشخصية وحق جسدها إنه يبقى سليم بدون مس، ويجوز إقامة دعوى تعويض طبقًا للقانون المدني، أو تطلب من الادعاء المدني أمام محكمة الجنح إنها تنظر لدعوى الاعتداء على جسدها”.
وأضاف “في حالة إن الكشف تم بأمر من الأهالي، بيكون في تشديد للعقوبة باعتبارهم أوصياء على البنت”.
البنت إيه غير غشاء البكارة؟
إذا كانت البنت في الأساس لعوب غشاء البكارة مش هيعوقها
د-هالة منصور
من أكتر من 5 سنين، شفت فيديو بالصدفة فضل معلق في ذاكرتي من ساعتها، لدكتور بيحكي عن أب فضّل إنه يضحي بحياة بنته اللي كانت بتعاني من انسداد في غشاء البكارة بيمنع نزول دم الحيض وكان لازم تدخل جراحي لعمل فتحة للغشاء وانقاذها.. والأب رفض لإن من وجهة نظره “البنت إيه غير غشاء البكارة؟”
الفكر ده عمومًا حسسنا إننا محتاجين نرجع للجذور شوية ونشوف ثقافة ” الدم على الملاية البيضا” و”الدخلة البلدي” هل هي وليدة مفهوم مجتمع أكتر من كونه مسنود بحقيقة؟
اتكلمنا مع دكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، وقالت “الدخلة البلدي أو الدم على الملاية البيضاء ماكانتش بتتم في القطر كله سواء في الأحياء الشعبية أو في الريف إلا في حالات البنت اللي شكوا في سلوكها أو اللي الناس تطاولوا عليها بالكلام، لكن في المطلق ده ماكانش بيتم في المجتمع المصري في أي مرحلة تاريخية، وماكانش مرتبط بكل الطبقات الاجتماعية، ودي إشاعة أشيعت عن المجتمع المصري إن ده طبيعي في الثقافة المصرية القديمة، ولكن ده ماكانش بيتم إلا في حالة إثبات عكس ما أشيع عن البنت في الطبقات الريفية والصعيدية البسيطة”.
وكملت حديثها: “أما بالنسبة لطلب الأهل والزوج المستقبلي، ده أمر مرفوض ومش بيتم غير في أضيق الحدود وبيكون ذريعة للعنف قدام”.
الإجابات وصلت لنا إن كشف العذرية في العموم مش ظاهرة اجتماعية وغير نابع من فكر معين ومانقدرش نعممه.. هو ظاهرة فردية خاصة بظروف معينة.
ما لا يقولونه الأهل والأزواج
العذرية بتمثل عدم الوقوع في الخطيئة خصوصًا عند الست، في مجتمعات بتشوف إن الست دي عظيمة أو هي الشرف بالنسبة لهم .. الراجل يقع لكن الست ماتقعش
د/ أحمد توفيق
من وجهة نظر الأشخاص اللي بينجرفوا أو بيدفعوا البنت للقيام بالخطوة دي، هل في دوافع نفسية خفية بتدفع الأهالي والأزواج عمومًا للإقدام على كشف العذرية؟ إيه اللي ممكن مايصرحوش به أو بيفصحوا عنه علشان يجبروا البنت؟
الأهل
لو جينا نتكلم عن الأهل ودوافعهم النفسية من وجهة نظر الدكنور أحمد توفيق، الأخصائي النفسي، إن بيبقى في مخاوف إن أغلى إنسان عنده ممكن يكون فقد فكرة التمسك بالأخلاق، والإنسان لما بيبقى خايف بيبقى عنيف في ردود فعله، وده ظهر في سلوك زي كشف العذرية، ده غير إن الأهالي دايمًا بتحب تشوف الكمال في أولادها “أنا عايز أولادي يبقوا أحسن ناس في الدنيا”.
الزوج المستقبلي
أما بالنسبة لدوافع الزوج، قال: “كل واحد بجهازه العصبي وتنشئته الاجتماعية، وبالنسبة للراجل في مليون سبب منها عدم الثقة في النفس وإنه طول الوقت عايش في نظرية المؤامرة، أو ممكن تكون من تجارب سيئة مر بيها، والفكرة مش فكرة نظرة ضيقة لمفهوم الزواج أو إن الست أداة لإشياع الرغبات على قد ما هي نظرة ضيقة لمفهوم الأمان ورؤية الأخلاق، ودايمًا الإنسان الغير متوازن بيدور على الأمان في الحاجات المادية زي اللي عايش حياته كلها علشان يحوش فلوس”.
وشايف إن الراجل اللي بيعمل ده مش هيبقى مرتاح بعد كده لإن الإحساس بعدم الأمان لما نواجهه بأمان غير منطقي أو أمان قاسي بيزود الحالة زي المسكنات.
وعن التبعات النفسية المؤثرة على البنت، قال: “المسؤولية الكبيرة اللي بتقع فيها البنت لما أهلها يوصلوا لها من خلال الخطوة دي، إن شرف العيلة هو شرفها” وشايف إن كل واحد المفروض يبقى مسؤول عن شرفه هو، وإن في فرق لما أقول للبنت “أنت جسمك عار” وفيه فرق لما أقولها “أنت جسمك غالي” .. الاتنين طالبوا إن البنت تاخد بالها من نفسها بس بمفهومهم هما.
مقياس العذرية الحقيقي
بعد ما سمعنا من كل شخص متخصص في مجاله، اكشفنا إن الموضوع ممكن يفتح كلام عن مواضيع أكتر، زي إننا محتاجين نعرف إيه مفهوم العذرية عند الناس؟ هل هو سلوك ولا بس محصور في صورة غشاء؟ هل احنا فاهمين جسد الأنثى صح؟ ولا التصرفات دي بتنم عن جهل؟ يعني إيه حرية؟ ويعني إيه زوجية وحقوق زوجين على بعض؟ إيه أهمية احترام مشاعر الغير؟
قضية العذرية فتحت كلام عن مواضيع ومفاهيم محتاجين نعيدها من الأول، لإننا مش بنواجه تفصيلة صغيرة ده أسلوب حياة.