ازاي حل عمار الشريعي مشكلة الربع تون وغير شكل الموسيقى الشرقية؟
الموسيقار المصري عمار الشريعي هو صاحب أهم الألحان اللي بتشكل النهارده ذكرياتنا عن التلفزيون المصري في أكتر من 150 مسلسل، شكلوا جزء مهم من تاريخ الدراما المصرية، اللي ترك فيها بصمة موسيقية بارزة.
إلى جانب عمله الدرامي، اشتغل الشريعي في أكتر من 50 فيلم، غير الأعمال الإذاعية والمسرحيات الغنائية والاستعراضية. وفي سنة 1980 كون فرقة الأصدقاء مع منى عبد الغنى، وحنان، وعلاء عبد الخالق، وقدم من خلالها موسيقى شرقية معاصرة.
اتولد الشريعي في مدينة المنيا سنة 1948، وبيقول الناقد والمؤرخ الموسيقي الدكتور زين نصار، إن طفولة الشريعي كانت بداية قوية جهزته علشان يكون واحد من أهم الموسيقيين في الشرق الأوسط، لو مكانش في العالم كله.
بدأ الطفل الكفيف يتعلم العزف على البيانو وهو عنده 3 سنين، وكانت بنت عمه بتعلمه العزف عن طريق تسمية النغمات بأسماء الأصابع، واتعلم التدوين الموسيقي وهو عنده سبع سنين، وفي سن 14 سنة بدأ يتعلم على العود اللي دخله عالم اللحن الشرقي وأسراره.
ومع الوقت اتحول للأورج، اللي بقى واحد من أبرز نجومه في الشرق، واعتبر نموذج جديد في تحدى الإعاقة، بسبب صعوبة وتعقيد الآلة الغربية واعتمادها بشكل كبير على الإبصار.
ثورة موسيقية: عمار الشريعي وحل مشكلة الربع تون
أثبت الشريعي نفسه كواحد من أهم المؤلفين الموسيقيين في عصره، وعاش مع الموسيقيين الشرقيين أزمة موسيقية، بيقول لنا عنها الكاتب والباحث الموسيقي كريم جمال، مؤلف كتاب (أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي): “أحد المشاكل الأساسية التي واجهت عملية تطوير الموسيقى العربية في القرن الماضي هي معضلة تضمين ثلاث أرباع النغمات (الربع تون)، في الآلات الغربية، خصوصًا في الآلات غير الوترية مثل آلات النفخ بشكل أساسي ثم البيانو ومشتقاته”.
وبيوضح كريم: “ولمن لا يعرف ثلاث أرباع النغمات، فهي درجات نغمية مرتبطة كليًا بالموسيقى العربية والشرقية بصفة عامة، فالنظام الموسيقي العالمي قائم بالأساس على النغمة الكاملة أو نصف النغمة، وبالنظر إلى الآلات غربية المنشأ مثل البيانو أو الأورج نجد أنها تحتوى فقط على أصابع بيضاء (النغمة الكاملة) و أصابع سوداء (نصف النغمة) ولا تحتوى على النغمات العربية والمعروفة عند الموسيقيين باسم (سيكا/ الكاربيمول)”.
بيقول كريم إن الأزمة دي أعاقت موسيقيين عرب كتير ومنعتهم من التوزيع الموسيقي، أو حتى دمج الآلات الغربية في نظام التخت الشرقي من غير ما يحصل نشاز أو تضارب في طبيعة الأداء النغمي بين الآلات.
بيضيف كريم: “بالطبع كان هناك محاولات بدائية لترميم jلك الفجوة بين الموسيقيين، لكن تلك المحاولات في الأغلب أدت إلى نتائج محدودة وغير مجدية مثل بيانو وديع صبرا وعبد الله شاهين وغيرهما”.
وبيوضح: “بيانو وديع صبرا على سبيل المثال الذي اخترعه عام 1922 وقدمه في مؤتمر الموسيقى العربية الأول عام 1932 بعد محاولات وتجارب مضنية، لم يستطع أداء النوتات الموسيقية من كافة السلالم الموسيقية بين درجتي الدو والسي، لكنه سمح بأداء بعض المقامات على درجات محددة، وهو ما يخالف نظام التوزيع العالمي”.
الأزمة دي انطبقت على آلة الأورج، وقبل عمار الشريعي ماكانش الأورج يقدر يؤدي النغمات الشرقية بسهولة، ومن هنا كانت مشاركة الشريعي اللي هتغير شكل الموسيقى الشرقية، إن مكانتش الموسيقى العالمية كلها.
بيقول كريم جمال: “في الثمانينيات استطاع عمار الشريعي إدخال بعض التعديلات النغمية على آلة الأورج حيث يمكنها أداء المساحات الموسيقية التي تحتوى على “الثلاث أرباع النغمات” وقام عمار بعدها بتسجيل تلك التجارب وإرسالها لشركة “ياماها” اليابانية، صاحبة التاريخ الكبير في صناعة أجود الأورجات”.
كانت المفاجأة إن الشركة قبلت الفكرة واعتمدتها وأصبح الأورج يقدر يؤدي النغمات العربية بكل سهولة، ويحفظ حقه في الاختراع ده، وبيقول لنا كريم جمال إن عمار الشريعي في حوار معه أعادت نشره مجلة الكواكب عدد 1 يناير 2013 بعد وفاته: “في آلة الأورج استطعت أن أدخل مسافة ثلاث أرباع التون الموجودة في كثير من مقامات الموسيقى العربية، والتي لم يكن ممكنًا عزفها قبل ذلك على الأورغ”.
في الحوار ده أكد عمار إنه صاحب الفضل في تنويع أصوات الآلات الشرقية للأورج، وبيقول: “وكذلك أدخلت أصوات العود والقانون وغيرهما إلى آلة الأورج، وأرسلت الابتكار إلى الشركة المنتجة للأورج، فأدخلتها على الآلات التي تصنعها، ونسب الاختراع لي وذكر اسمي في المراجع الخاصة بهذا الموضوع”.
وبكده قدر الشريعي يدفع بعبقريته الموسيقية، اللحن الشرقي خطوة في اتجاه المعاصرة والحداثة، وقدر يسيب بصمته الإبداعية من خلال موسيقى شكلت ذاكرتنا عن السينما والدراما.