ماذا نعرف عن خطة تطوير ميدان العتبة؟ حلم الخديوي إسماعيل يعود من جديد
في البداية، لم يكن ميدان العتبة مجرد ساحة تجارية، بل كان حلمًا جسّده الخديوي إسماعيل ليضاهي به أشهر ميادين أوروبا، وليصبح القلب النابض للقاهرة.
استلهم رؤيته من شوارع باريس، فمع حلول عام 1868 وُلِد الميدان بحلّته الراقية، ليكون درّة القاهرة الخديوية ومعلمًا يعكس رقيّ عصره.
لكن مع مرور الزمن، لم يكن الميدان بمنأى عن التغيرات، فبعد عقود من الإهمال، ونتيجة لحرائق متتالية شوهت ملامحه، بدأ يفقد بريقه المعماري الفريد.
ومع ذلك، لم يكن كل شيء قد انتهى، فاليوم تنطلق خطة تطوير العتبة، لتعيد إليه بريقه الحضاري، من خلال تحويله إلى سوق تجاري راقٍ وبيئة آمنة بمعايير حديثة.
وبالفعل، بدأت أولى خطوات التطوير على أرض الواقع، حيث يشهد شارعا الجوهري والعسيلي في حي الموسكي المرحلة الأولى من هذا التحوّل الكبير، تمهيدًا لاستعادة المكانة التاريخية للميدان.
هل يعود حلم الخديوي إسماعيل للحياة، ويستعيد الميدان مكانته كنقطة التقاء بين أصالة القاهرة الفاطمية وعراقة أسواق أوروبا؟
لا تفوّت قراءة: كيف سيكون الطقس في أول أسبوع من رمضان 2025؟ أجواء مثالية للصيام
ماذا جاء في خطة مراحل تطوير ميدان العتبة؟
إخلاء الشوارع ونقل الباعة الجائلين إلى جراج العتبة مؤقتًا
خطوة أولى نحو التطوير
في إطار تنفيذ المرحلة الأولى، ستشهد شوارع الجوهري، يوسف نجيب، والعسيلي تغييرات جذرية، حيث سيتم إخلاؤها بالكامل لإعادة تنظيمها.
بالتوازي مع ذلك، سيُجرى نقل الباعة الجائلين مؤقتًا إلى جراج العتبة، لضمان استمرار نشاطهم حتى اكتمال أعمال التطوير الشاملة.
نموذج تطوير معتمد
وفي هذا السياق، لم يكن القرار مفاجئًا، بل جاء بعد مناقشات مستفيضة مع ممثلي الباعة الجائلين وأصحاب المحلات التجارية.
خلال اجتماعات الوزارة، جرى عرض نموذج التطوير لضمان توافق الخطة مع متطلباتهم واحتياجاتهم، مما يعزز نجاح المشروع.
تنفيذ تحت إشراف الجهات المختصة
أما فيما يتعلق بالجهة المسؤولة عن التنفيذ، فقد أوضحت وزيرة التنمية المحلية، الدكتورة منال عوض، أن المشروع سيتم تحت إشراف جهاز تعمير القاهرة الكبرى.
ويأتي ذلك بالتعاون مع محافظة القاهرة، وبرنامج الهابيتات، وجهاز التنسيق الحضاري، لضمان تنفيذ المخطط وفق أعلى المعايير.
نقلة نوعية لمستقبل العتبة
ومع هذه الخطوة، لا يقتصر الأمر على إعادة توزيع الباعة فقط، بل يُشكل انطلاقة نحو تطوير العتبة وتحويلها إلى سوق تجاري حضاري.
وبفضل هذه التحديثات، ستتعزز مكانة العتبة كواحدة من أهم الوجهات التجارية في قلب القاهرة، وفق معايير عالمية متطورة.

473 طاولة بدلاً من “الفرشة” للباعة الجائلين في العتبة
تنظيم جديد يحل محل الفوضى
في هذا الإطار، سيجرى استبدال “الفرشة” التقليدية بحوالي 473 طاولة منظمة، مما يحقق نقلة نوعية في تنظيم السوق.
وبهذه الخطوة، ستصبح بيئة السوق أكثر ترتيبًا وجاذبية، مما يساهم في تحسين المشهد العام وتعزيز تجربة التسوق.
استفادة لأكثر من 15 ألف بائع
علاوة على ذلك، لا يقتصر هذا التغيير على تحسين الشكل العام، بل يهدف إلى خلق بيئة عمل أكثر تنظيماً لحوالي 15 ألف بائع.
وبفضل الطاولات المخصصة، سيتمكن الباعة من عرض بضائعهم بطريقة أكثر احترافية، مما يسهل جذب الزبائن ويساهم في زيادة المبيعات.
توازن بين التنظيم والمصلحة التجارية
بالإضافة إلى ذلك، لم يُصمم المشروع عشوائيًا، بل رُوعي فيه مصالح أصحاب المحال التجارية لضمان عدم تأثر نشاطهم التجاري.
وبهذا النهج، ستظل المحال التجارية سهلة الوصول للمواطنين، مما يعزز التدفق التجاري ويحقق الاستفادة المشتركة لجميع الأطراف.
توحيد لافتات المباني للحفاظ على الهوية البصرية
تطوير بصري يعكس الطابع المعماري
في إطار خطة تطوير العتبة، سيجرى رفع كفاءة المباني وطلاء واجهات العقارات ذات الطراز المعماري المميز، بما يتناسب مع الهوية البصرية للمنطقة.
تحسين المشهد الحضاري
يشمل المشروع توحيد لافتات المحال التجارية، لضمان انسجامها مع الطابع التاريخي والمعماري، مما يسهم في إضفاء مظهر أكثر تنسيقًا وجاذبية.
توازن بين الحداثة والأصالة
يهدف هذا التحديث إلى خلق بيئة تجارية أكثر تنظيمًا وجمالًا، مع الحفاظ على الطابع التاريخي للمنطقة، لتكون العتبة نموذجًا يجمع بين الأصالة والتطوير العصري.
لا تفوّت قراءة: الدكتورة زينب السعيد.. من هي أول امرأة تقدم الفتاوى في بث مباشر؟
رفع كفاءة البنية التحتية وتعزيز معايير الأمن والسلامة

تطوير شامل لضمان بيئة آمنة
ضمن خطة تطوير العتبة، سيجرى تحسين البنية التحتية مع تطبيق معايير صارمة للسلامة والأمان، بهدف حماية الأرواح والممتلكات من خلال إنشاء منظومة حديثة للحماية المدنية والإطفاء، مما يعزز الاستعداد لمواجهة أي طارئ.
تحسين الخدمات الأساسية
إضافةً إلى ذلك، سيجرى تحديث شامل لشبكات مياه الشرب والصرف الصحي، إلى جانب توفير ممرات منظمة تسهّل حركة المواطنين، مما يسهم في تقليل الازدحام وتحسين تجربة المترددين على المنطقة يوميًا.
تنظيم الأسواق وتعزيز الأمان
كما يهدف المشروع إلى إعادة تنظيم أماكن الباعة الجائلين، دون الإضرار بحركة التجارة، حيث ستظل المحلات التجارية متاحة وسهلة الوصول، مع إتاحة مسارات مخصصة لسيارات الطوارئ ومنع التوصيلات الكهربائية العشوائية، لضمان بيئة أكثر أمانًا واستدامة.
لا تفوّت قراءة: لماذا دعا ملك المغرب إلى وقف ذبح الأضاحي هذا العام؟ ليست المرة الأولى
رحلة ميدان العتبة.. من الرقي إلى العشوائية
حلم الخديوي إسماعيل الذي أبهر العالم
يعد ميدان العتبة واحدًا من أرقى الميادين التي أنشأها الخديوي إسماعيل فور عودته، ليكون وجهة راقية تجمع بين الأصالة والمعمار الأوروبي، حيث كان مقصدًا للأثرياء والأجانب، وسوقًا يضاهي أرقى الماركات العالمية.
تحفة معمارية في قلب القاهرة
يضم الميدان عمارة تيرينج، إحدى أقدم وأشهر العمارات التراثية، التي صممها المهندس الشهير أوسكار هورويتز، لتكون مركزًا تجاريًا بارزًا في وسط العاصمة المصرية، شاهدةً على حقبة من الازدهار المعماري والاقتصادي.

منظمة بالأمس.. عشوائية اليوم
مع موجات الهجرات الداخلية في التسعينيات، بدأ الميدان يفقد تنظيمه الحضاري، ليصبح مركزًا تجاريًا غير منظم، لكنه في الوقت ذاته مصدر رزق لآلاف الشباب، مما جعله رمزًا للتناقض بين العراقة والعشوائية.
حرائق متتالية تُشعل مطالب تطوير العتبة
حريق الرويعي 2016.. كارثة تهز الميدان
في عام 2016، اندلع حريق هائل في شارع الرويعي بميدان العتبة، واستمر لمدة 8 ساعات، متسببًا في خسائر فادحة.
هذا الحريق كشف عن خطورة الوضع داخل السوق العشوائي، مما جعل التدخل السريع ضرورة لحل أزماته المتراكمة وإنقاذه من التدهور.
حريق 2019.. مأساة جديدة في سوق العتبة
لم تمر سوى ثلاث سنوات حتى اندلعت كارثة جديدة في 2019، عندما اجتاحت النيران سوق خضار العتبة، مدمرة عشرات المحلات التجارية.
في شارع العطار، التهمت النيران أكثر من 80 محلًا، بسبب ماس كهربائي وانفجار أسطوانة بوتاجاز، مما أسفر عن خسائر تجاوزت 150 مليون جنيه.
المطالب تتزايد.. والتطوير يصبح ضرورة
مع تكرار الحرائق، تصاعدت التحركات البرلمانية والحكومية للمطالبة بتطوير سوق العتبة، بهدف وضع حد لهذه الكوارث المتكررة.
وجاءت التقارير لتؤكد أن التوصيلات الكهربائية العشوائية كانت السبب الرئيسي، مما جعل مشروع التطوير ضرورة حتمية لإنقاذ السوق.