تحكي تاريخ وحياة.. أشهر أسواق مدينة القدس العتيقة
الأسواق جزء من تاريخ أي دولة، تعبر عنها وعن هويتها، وفي مدينة القدس ستجد أسواق القدس العتيقة بين جنباتها وشوارعها وأحواشها، ستسمع شيء هنا، وستشاهد شيء هناك وسيغريك شيء فتشتري في كل الأحوال، ولنأخذكم في جولة بين جنبات البلدة القديمة وأسواقها.
سوق العطارين
اسم على مسمى، فستجد فيه كل ما يتعلق بتجارة العطارة، البهارات والتوابل العربية والأعشاب الطبية المصنوعة من ألوان ومواد طبيعية التي ستشدك رائحتها بمجرد مرورك بجانبها، تعود بداياته للفترة الصليبية، وأعيد البناء مرة أخرى خلال فترة الحكم المملوكي ورممت أجزاء منه في فترة الحكم العثماني، يقع بين “سوق اللحامين” و”سوق الخواجات”، حيث تتلاصق جدران أسواق العطارين واللحامين “الجزارة” مما جعل أهل القدس يطلقون عليهم بالسوق الثلاثي.
حيث يتميز بسقف مقوس يعود إلى الفترة المملوكية يغطي السوق كلها، وبه فتحات للتهوية والإضاءة، ولم يستطع الاحتلال الاستيلاء على سوق العطارين حتى الآن؛ رغم كل الاغراءات المادية التي يعرضها الاحتلال على التجار لترك محلاتهم وبيعها.
سوق خان زيت
أنشأه الأمير سيف الدين تنكز الناصري في سنة (737هـ- 1336م)؛ اسمه يدل على مهمته الأصلية منذ الفترة المملوكية فقد كانت متاجره هي المخازن الرئيسية لزيت الزيتون القادم من أرجاء فلسطين، ولكن مع مرور الزمن تحولت أزقته شيئًا فشيئًا إلى أنشطة أخرى متباينة تلبي حاجة المتسوقين.
فتحول لسوق تجاري مليئ بمحلات الأحذية والملابس؛ بالإضافة إلى محلات البهارات والمخللات، يعتبر من أجمل الأسواق ، يمتد من أول باب العمود إلى نهاية طريق كنيسة القيامة، ويحتوي على كنيسة الأحباش ومصلى أبي بكر الصديق (رضي الله عنه). شارع طويل، يشتمل على عدد كبير من الدكاكين المتقابلة في صفين.
ويتهدد “سوق باب خان الزيت” خطر الانهيار؛ بسبب الحفريات التي تقوم بها بلدية الاحتلال الإسرائيلية تحت البلدة القديمة؛ والتي أدت إلى انهيار أجزاء من الأرض قرب مدخل السوق.
سوق أفتيموس
من الأسواق الواقعة داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس؛ مدخلها عبارة عن قوس نصر مكون من ثلاثة عقود كبيرة؛ وفي وسط السوق نافورة مياه كبيرة وجميلة تعرف بـ”نافورة البيمارستان”.
يعود تاريخ هذه السوق إلى العهد العثماني؛ حيث بناها عام 1902 الأرشمندريت اليوناني (أفتيموس)؛ على الطراز الأوروبي ومن هنا جاءت تسميتها، يختص هذا السوق ببيع البضائع التقليدية والتراثية الخاصة للسياح، ويعتبر أحدث أسواق القدس العتيقة.
على الرغم من حداثة سوق أفتيموس إلا أنه يضم داخله كثيرًا من الآثار الهامة كمسجد عمر بن الخطاب وأربع كنائس مهمة مثل كنيسة القيامة وكنيسة يوحنا المعمدان وكنيسة الفادي اللوثرية الألمانية وكنيسة ألكسندر نيفسكي الروسية.
سويقة علون
سوق علون “سويقة علون” سمي بهذا الاسم نسبة للمسجد الذي بني خلال فترة الحكم المملوكي ونسب إلى عائلة علون المقدسية، يضم السوق 28 حانوتًا يعود تاريخ البعض منها إلى فترة الحكم الصليبي، كانت غالبية محلات سوق علون متخصصة في بيع الجلود المدبوغة ومصنوعاتها في بداية النشأة.
ولكن تخصصت بعض حوانيت سويقة علون ببيع الحلى التراثية الفلسطينية والأحجار الكريمة المستوردة من الخارج حيث يتم استخراجها من مواطن تعدينها الأصلية في البرازيل والأرجنتين، ليتم تقطيعها وصقلها في الهند وتايلند ومن ثم تصديرها بعد ذلك إلى الأسواق المختلفة.
سوق الخواجات
هو جزء من “السوق الثلاثي” الذي يشمل كل من “سوق اللحامين”، “سوق العطارين”، و”سوق الخواجات”.
كان يشتهر ببيع الذهب، لهذا اكتسب اسمه (سوق الصاغة) و(سوق الخواجات)؛ لأن الصاغة كانوا من غير المسلمين؛ أما حاليًا فقد اقتصر نشاط محلاتها التجارية على تجارة الأقمشة؛ إذ تشتهر هذه السوق بالمحلات التي تخيط الملابس التراثية القديمة مثل: القمباز الفلسطيني والعباءات.
وفي رواية أخرى أسس سوق الخواجات خلال الفترة المملوكية وكان يسمى بسوق النحاسن وتخصص في مهنة النقش على النحاس، وأن في القرن التاسع عشر نزح إلى السوق أعداد كبيرة من تجار الأقمشة اليونانية والتركية الراقية فكان يملأ السوق زبائن من الطبقة الغنية في القدس فتحول اسم السوق من النحاسين إلى سوق الخواجات أو سوق المانيفاتورة نسبة إلى نشاط تجارة الأقمشة.
وعلى الرغم من تحول سوق النحاسين عن مهمته الأصلية التي أنشئ لها وتحوله إلى سوق الخواجات، إلا أن مهنة النقش على النحاس وتجارته مازالت حاضرة في السوق عبر متجر واحد فقط، هو كل ما تبقى من المهنة المندثرة وتخصص في بيع منتجات النحاس المطروق والمنقوش والتحف النحاسية الأثرية.
وأخيرًا لم تسلم أسواق مدينة القدس وغيرها من محاولات التهويد لها ولبعض أسمائها، فقد حاول الاحتلال إلباسها ثوبًا لم يكن يومًا لها.