هيحصل إيه لو كان عندنا الفرصة إننا نمسح ذكرياتنا السيئة؟
مؤخرًا سمعنا عن خبر إن علماء من جامعة كامبردج قدروا إنهم يكتشفوا بروتين اسمه “شانك” في المخ، ممكن نعطله وبالتالي نقدر إننا نعدل عليه ويغير في مشاعرنا ويمسح ذكرياتنا السيئة، وبيتعطل من خلال مركبات كميائية اسمها “حاصرات البيتا”. الاكتشاف ده لسه قيد البحث والدراسة، بس فعليًا في تجارب اتعملت على الفئران وده عن طريق بإنهم علموهم إنهم ينقروا “يخبطوا بأسنانهم” على جهاز معين وربطوا الجهاز ده بصاعق كهربائي. فبطلوا يقربوا من الجهاز ده بعد كده خوفًا إنهم يتكهربوا تاني. بس في المرة التانية لما بدأوا إنهم يعطلوا البروتين المسئول عن الذكريات الوحشة في المخ من خلال مركبات البيتا، لقوا إن الفئران راحوا على الصاعق الكهربائي تاني من غير خوف ونسيوا تجربتهم السيئة معاه! وبكده يبقى تجربتهم مع الفئران نجحت!
بس هما لسه مستنيين يجربوه على البشر في الفترة اللي جاية خصوصًا إن أدمغة الفئران تركيبتها التشريحية قريبة من البشر. بس ده مايمنعش إن مخ الإنسان أكتر تعقيدًا، فممكن التجربة تنجح وممكن لأ.
بس بعيدًا عن كل ده وسواء التجربة دي ممكن تبقى حقيقة في يوم من الأيام ولا لأ. الاكتشاف اللي تم اكتشافه خلانا نفتح مجال من الأسئلة، في منها الواقعية ومنها الخيالية. يعني مثلًا إيه اللي ممكن يحصل لو كان كل واحد مننا عنده الفرصة إنه يمسح ذكرياته الوحشه كلها؟ ياترى ممكن نتحول لناس غير اللي احنا عليهم دلوقتي؟ كأننا لسه مولودين وقلبنا لسه أبيض مفيهوش وجع ولا جرح شوه شكله، ماحدش يقدر ينكر إن معظمنا ممكن يكون اتحول لنسخ أسوأ أو نسخ مش حقيقتهم أصلًا وعكس فطرتهم اللي اتربوا عليها علشان عدوا بذكريات مؤلمة في حياتهم ماقدروش يرجعوا منها زيّ الأول.
وخصوصًا الأطفال اللي اتعرضوا لعنف نفسي وجسدي أو تحرش، بيفضل جواهم وجع ماشيين به طول حياتهم، وبيغير في نظرتهم للحياة كلها وطريقة تعاملهم مع الناس، وممكن ناس تفضل تتعالج نفسيًا طول حياتها بسبب ذكرى مؤلمة مش قادرين يطلعوا منها ولا قادرين إنهم يتجاوزوا وجعهم.
بس في نفس الوقت لو بصينا للموضوع من جانب تاني، اللي هو جانب الوعظ أو الحكمة هنلاقي إن في ناس بتقول “إن الحاجات الوحشة بتعلمنا وبتخلينا أقوى، وبتورينا الوش التاني للحياة، وإن الحياة مش كلها حلوة طول الوقت، ولازم تعدي بتجارب وحشة في حياتك علشان تتعلم منها”.. كل ده كلام منطقي وعقلاني من الدرجة الأولى، بس بالنسبة للناس اللي حياتها كلها بتقف على ذكرى وحشة مرت بها؟ في ناس بتدخل مصحات نفسية علشان تعرف ترجع زيّ الأول ومابتعرفش، ممكن ناس تعرف وناس تانية لأ، كل واحد وطريقة استقباله وتعامله مع المواقف مختلف، في ناس بتعدي منها وفي ناس بتتكسر وتقف وبتعاني من اضطراب ما بعد الصدمة فترة طويلة، وهي دي الناس اللي تستحق إنها تمسح من دماغها أي حاجة وحشة شافتها، علشان تقدر تكمل حياتها وترجع زيّ الأول لإنهم يستحقوا حياة أحسن وأهدى.
وسواء التجربة اللي شغالين عليها العلماء نجحت أو لأ، بنتمنى إن كل واحد عنده ذكرى وحشة وجعاه ومش قادر يتخطاها إنه يعدي منها ويرجع أقوى من الأول، ويستوعب إن التجارب دي جزء من وجودنا الإنساني ولازم نمر بيها، بس الفرق هنمر بيها وهتكسرنا ولا هنمر بيها وهنرجع أحسن من الأول؟
أخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: لأ يعني لأ، مهما كانت “التلميحات اللي بتلخبط”.. هل هو مصطلح مفهوم بجد؟