ما هو سوق الإنتربنك في مصر؟ وكيف يؤثر في الاقتصاد المصري؟

سوق الإنتربنك في مصر هو كيان غير مرئي يبقى بعيدًا عن الأنظار بالنسبة للكثيرين، لكنه يمثل المحرك الحقيقي للعديد من المعاملات المالية في الاقتصاد المصري.

هذا السوق الذي يجمع البنوك معًا، يعد بمثابة بوصلة السيولة، ومقياس الثقة، بل إنّه ساحة الصفقات الكبرى التي تحدد بشكل مباشر سعر الدولار في البلاد.

في الأيام الأخيرة، شهدنا قفزات غير متوقعة في حجم المعاملات في سوق الإنتربنك، حيث ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 3.1 مليار دولار في أربعة أيام فقط.

هذا التحول السريع في وتيرة التداول والصفقات، إضافة إلى الزيادة المفاجئة في حجم التعاملات اليومية، يتطلب منا التوقف قليلًا للتفكير في السؤال الأهم: كيف يؤثر هذا السوق في تحديد سعر الدولار؟ وما هي العوامل التي تحكم حركته؟

في هذه المقالة، سنتعرف أكثر على ماهية سوق الإنتربنك، وكيفية تأثيره على الاقتصاد المصري بشكل عام، ولماذا تشهد السوق هذه القفزات السريعة التي من شأنها التأثير على موازنات الشركات وأوضاع المواطنين اليومية.

لا تفوّت قراءة: بعد صرف الشريحة الرابعة.. كم بلغت حصيلة مصر من قروض صندوق النقد حتى الآن؟

ماذا حدث في سوق الإنتربنك بالأيام الـ4 الماضية؟

في بداية الأسبوع الفائت، يوم الأحد، شهد سوق الإنتربنك المصري قفزات هائلة في المعاملات، متجاوزًا 3.1 مليار دولار.

هذه الزيادة الكبيرة جاءت بسبب خروج جزئي للأجانب من أذون وسندات الخزانة، وسط تصاعد الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين.

فقد سجلت معاملات الإنتربنك في يوم الأحد 1.12 مليار دولار، تلتها 700 مليون دولار يوم الإثنين، ثم 300 مليون يوم الثلاثاء، ومليار دولار الأربعاء.

في المقابل، كانت التعاملات اليومية المعتادة تتراوح بين 150 و250 مليون دولار فقط، ما يعكس حجم التغيرات الكبيرة في السوق.

ويتسبب خروج الأجانب من أدوات الدين في ضغط كبير على الطلب على العملة المحلية، مما أدى إلى انخفاض الجنيه المصري إلى أدنى مستوى في تاريخه.

ما هو سوق الإنتربنك في مصر؟

سوق الإنتربنك هو سوق داخلي مشترك لتبادل العملات بين البنوك المصرية وفقًا لاحتياجاتها من السيولة الأجنبية.

ويعتمد سوق الإنتربنك على التسعير التنافسي، حيث تعرض البنوك أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية بناءً على مستويات السيولة المتاحة لديها.

وبعد ذلك، يجرى حساب متوسط بين أعلى وأدنى سعر جرى عرضه، ليعكس سعر صرف العملة في البنوك لهذا اليوم، مما يخلق سعر صرف متوازن يتماشى مع حقائق السوق الفعلية.

وهذا السوق يعتبر ركيزة أساسية في تحديد سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، وله تأثير مباشر على استقرار سوق الصرف المحلي.

ويراقب البنك المركزي المصري هذا السوق بشكل غير مباشر، مستخدمًا إياه كأداة لضبط استقرار العملة عبر سياسات نقدية تتماشى مع متطلبات الاقتصاد المصري.

يوفر الإنتربنك شفافية للقطاع المصرفي، مما يساهم في استقرار السوق ومنع تأثير السوق الموازية أو شركات الصرافة، ويضمن التزام البنوك بتحديد حجم السيولة الدولارية المتوفرة لديها من خلال تواصل يومي بين البنوك.

لا تفوّّت قراءة: بين الفرص والتحديات.. ماذا يعني استحواذ “الإمارات دبي الوطني” على “بنك القاهرة”

من أين جاء مفهوم الإنتربنك؟

آلية الإنتربنك تم تطبيقها لأول مرة في لندن، حيث اعتمدت على أسواق المال والقطاع المصرفي في الاقتصاد البريطاني.

ومع مرور الوقت، انتشرت هذه الآلية إلى العديد من دول العالم لتصبح جزءًا أساسيًا من نظم الصرف المالي الدولي.

جرى تطبيق آلية الإنتربنك في مصر لأول مرة في أواخر يناير 2003، بهدف تنظيم سوق العملات المحلي.

وساهمت الآلية في ضمان استقرار سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية في السوق.

لا تفوّت قراءة: بعد استحقاق شهادات 27%: ماذا عن بدائل الاستثمار المتاحة الآن؟

ماذا عن آلية عمل الإنتربنك في البنوك؟

داخل كل بنك، توجد غرفة خاصة تسمى “المعاملات الدولية”، وهي المسؤولة عن إدارة تسعير العملات العربية والأجنبية المتداولة.

يجرى التواصل بين البنوك عبر شبكة الفروع، حيث يقوم كل بنك بإبلاغ الآخرين بأسعار صرف العملات وفقًا للسيولة والطلب عليها.

تعرض أسعار الصرف على شاشة مخصصة يجرى تحديثها يوميًا في جميع فروع البنك. وعبر سوق داخلي مشترك (الإنتربنك) بين البنوك، يجرى تداول العملات الأجنبية والعربية.

وبناءً على ذلك، تحدد آلية الإنتربنك أسعار صرف جميع العملات المتداولة في السوق.

توجه الآلية الفائض من العملات لتلبية احتياجات الاستيراد وغيره، ما يساهم في تنظيم السوق المحلي.

تمنع آلية الإنتربنك المضاربة في أسعار الدولار، حيث يتحدد السعر وفقًا لقوة العرض والطلب، دون حدوث تقلبات مستمرة.

ما العوامل المؤثرة في سعر الدولار في السوق المحلية عبر الإنتربنك؟

نظام الإنتربنك المصري يجعل سعر الدولار في السوق المحلية متحركًا باستمرار، حيث يتأثر بعدة عوامل رئيسية:

حجم التدفقات النقدية من العملات الأجنبية

يعد تدفق العملات الأجنبية إلى السوق من العوامل الرئيسية التي تؤثر على استقرار سعر الدولار. كلما زاد حجم هذه التدفقات، استقر السعر.

مستوى الطلب على الدولار من المستوردين والمستثمرين

يعتبر الطلب على الدولار من الشركات التي تستورد السلع والخدمات أو من المستثمرين الأجانب العاملين في السوق المصري من العوامل المؤثرة بشكل مباشر في السعر.

قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي المصري

يتدخل البنك المركزي المصري عبر سياسات نقدية لاحتواء تقلبات سعر صرف الدولار، مثل تعديل أسعار الفائدة أو تنظيم حركة التدفقات النقدية.

التطورات الاقتصادية العالمية وأسعار الفائدة في الأسواق الدولية

التغيرات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك قرارات رفع أو خفض أسعار الفائدة في الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة، تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على قيمة الدولار في السوق المصرية.

لا تفوّت قراءة: من 700 إلى 7000 جنيه: كيف تطور الحد الأدنى للأجور في مصر خلال 14 عامًا؟

تعليقات
Loading...