ليه المصريين بيحبوا قعدة القهاوي؟
واحدة من أكتر الحاجات اللي كانت واحشة المصريين طول فترة الحجر الصحي هي القهوة اللي بقالهم شهور بيحلموا يرجعوا ليها، وبمجرد ما أتفتحت من جديد انتشرت صور المصريين على القهاوي في كل حتة في البلد.
الموضوع ده كان غريب جدًا بالنسبالي بشكل شخصي، ولما دورت على السبب اكتشفت إن القهوة بالنسبة للمصريين مش مجرد مكان بيقعدوا فيه يشربوا مشروبات ويقضوا وقت لطيف مع صحابهم، المكان ده مرتبط بالذاكرة الشعبية للمصريين لحد ما بقوا بيحبوه بشكل تلقائي، ولعب دور كبير جداً في تشكيل الشخصية المصرية على مر العصور.
بترجع بدايات القهاوي في مصر للقرن الـ 16، وفي القرن الـ 19 والـ 20 بقى ليها دور وتأثير كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية المصرية، وده لأنها مكان بيجذب مُختلف فئات الشعب، وموجودة في كل الأحياء والمجتمعات على اختلاف طبقاتها.
أحداث كتيرة في التاريخ المصري حصلت في القهاوي الشعبية، زي مثلاً قهوة “متاتيا” اللي حصل فيها الخطاب الأول لجمال الدين الأفغاني، واتأسس فيها أول حزب مصري “الحزب الوطني الحر”، وكمان الشيخ محمد عبده، والزعيم الراحل سعد زغلول، وعبد الله النديم، وأحمد شوقي وعباس العقاد والمازني كانوا من رواد القهوة دي.
ومنقدرش ننسى دور القهاوي وقت الاحتلال البريطاني لمصر، وده لأنها كانت بتمثل ملتقى للثوار ضد الاحتلال، وتقريبًا مفيش فيلم أو مسلسل عن الفترة دي من التاريخ المصري، إلا وكانت القهوة جزء أساسي من القصة ومكان تجمع للسياسيين والمثقفين.
ومن أشهر الروائيين المصريين اللي كانت القهوة جزء أساسي من أعمالهم “نجيب محفوظ” الأديب المصري الوحيد اللي حاصل على جائزة نوبل، وكان محفوظ مشهور بحبه للقعدة وسط الناس على قهاوي القاهرة زي كافيه “ريش” في وسط البلد وقهوة “الفيشاوي” في الحسين، والأماكن دي لسة مفتوحة لحد دلوقتي وتقدروا تشوفوا صوره فيها هناك.
وعلى الرغم من ربط كتير من الناس القعدة على القهاوي بالعطالة عن العمل أو الفراغ اللي بيضر الشباب، إلا إن القهاوي المصرية بتثبت دايماً دورها المؤثر في التاريخ المصري الحديث والمُعاصر، ودايمًا بيلجأ ليها الأجانب اللي مهتمين بدراسة الثقافة المصرية وحابين يتعرفوا على المصريين. ومن أشهر القهاوي اللي كانت شاهدة على واحد من أكبر الأحداث في التاريخ المصري المعاصر هي قهوة “البورصة” في وسط البلد اللي كانت بمثابة مقر للحركات الشبابية والثورية وقت ثورة 25 يناير، واللي حصل بعد كده من أحداث في مصر لحد 30 يونيو.